شهدت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا نشاطا حافلا خلال المشاركة في القمة الروسية الإفريقية حيث التقى الرئيس السيسي في اليوم الأول من الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في "قصر قسطنطين" بمدينة سانت بطرسبرج.
وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس الروسي رحب بزيارة الرئيس إلى روسيا، مشيدًا بالدور الهام للرئيس في إطلاق النسخة الأولى من القمة الروسية الأفريقية أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي في عام 2019، والتي هدفت إلى دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الأفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.
كما أشار الرئيس بوتين إلى الأهمية التي يوليها لاستمرار التنسيق والتشاور مع السيد الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتقديره لدور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وأضاف المتحدث الرسمى أن الرئيس أعرب عن حرصه على تعميق علاقات الشراكة مع روسيا الاتحادية في إطار التطور المستمر الذي تشهده تلك العلاقات، والذي تكلل بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام ٢٠١٨، مشيدًا في هذا الصدد بالتعاون الثنائي القائم في العديد من المجالات والمشروعات المشتركة الجارية، خاصةً مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.
كما أكد الرئيس أهمية العمل على بلورة نتائج فعلية وعملية من القمة الروسية الأفريقية لصالح الشعوب الأفريقية بالمقام الأول، باعتبار أن القمة تستهدف إرساء التعاون المستدام بين روسيا والدول الأفريقية، معربًا في هذا الصدد عن استعداد مصر لتعزيز مختلف أوجه التعاون الثلاثي بين البلدين في القارة الأفريقية.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيسين تطرقا خلال اللقاء إلى تطورات عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ومنها مشروعي محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية، إلى جانب التعاون فى مجال تطوير منظومة النقل والسكك الحديدية، وكذا على صعيد التعاون المشترك في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب.
على جانب آخر، استعرض الرئيسان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من النزاعات القائمة فى منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في السودان وسوريا وليبيا، والقضية الفلسطينية، حيث توافقت الرؤى على دفع الجهود من أجل استعادة وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام لدول المنطقة، وعلى نحو يحافظ على وحدة وسيادة أراضيها وحقوق شعوبها المشروعة.
كما قام الرئيس بوتين بإحاطة الرئيس بمستجدات الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أكد الرئيس دعم مصر لكافة المساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًّا بشكل سلمي من أجل الحد من المعاناة الإنسانية القائمة، وإنهاء التداعيات الاقتصادية السلبية على دول العالم خاصة الدول النامية والأفريقية، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين.
كما شهد اليوم الثاني مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي والإنساني، الذي عقد على هامش أعمال النسخة الثانية من القمة الأفريقية الروسية المنعقدة بمدينة سان بطرسبرج.
وشهدت الجلسة الافتتاحية إلقاء كلمات لكلٍ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب رئيس جمهورية جزر القمر باعتباره الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
جدير بالذكر أن المنتدى الاقتصادي والإنساني يشمل أيضًا تنظيم 38 جلسة موضوعية، تم توزيعها على أربعة محاور هي الاقتصاد العالمي الجديد، والتكامل الأمني وتعزيز السيادة، والتعاون في مجال العلوم وتكنولوجيا المعلومات، والتعاون الإنساني والاجتماعي.
كما شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي ، بمدينة سان بطرسبرج، في اجتماع مع قادة الدول الأفريقية لمبادرة الوساطة لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية؛ الرئيس "عثمان غزالي" رئيس جزر القُمُر الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، والرئيس الجنوب أفريقي "سيريل رامافوزا"، والرئيس الكونغولي "دينيس ساسو نيجيسو"، والرئيس السنغالي "ماكي سال"، والرئيس الأوغندي "يوري موسيفيني".
وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن القادة الأفارقة تابعوا خلال الاجتماع تطورات الموقف التنفيذي للمبادرة، خاصةً عقب زيارة الوفد الأفريقي لكل من روسيا وأوكرانيا في شهر يونيو الماضي لمحاولة الإسهام بشكل جاد في مساعي الحل الجارية للأزمة بين البلدين، مع تأكيد مواصلة دعم القارة لكافة الجهود الرامية لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية اتصالًا بالتداعيات الاقتصادية بالغة الأثر على اقتصادات الدول الأفريقية والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس "سيريل رامافوزا"، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، على هامش انعقاد القمة الأفريقية الروسية الثانية بمدينة سان بطرسبرج.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي أن الرئيس أكد تطلع مصر لتعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين، وتفعيل أطر التعاون المشترك في شتى المجالات، خاصةً ما يتعلق بزيادة التبادل التجاري، واستكشاف فرص الاستثمار المتبادلة، بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب مواصلة التنسيق بشأن قضايا القارة الأفريقية ذات الاهتمام المتبادل.
من جانبه، أكد الرئيس رامافوزا حرص جنوب أفريقيا على تطوير علاقات التعاون مع شقيقتها مصر، ودفعها نحو آفاق أرحب من العمل المشترك، فضلًا عن مواصلة التشاور مع مصر بشأن القضايا والتحديات التي تواجه أفريقيا، خاصةً في ظل الدور المصري الرائد على الصعيد الأفريقي، وجهودها في دفع عملية التنمية وصون السلم والأمن بالقارة الأفريقية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت آخر المستجدات والتطورات الإقليمية على المستوى القاري، فضلًا عن أهم تطورات الملفات ذات الاهتمام المشترك على المستوى الدولي، لا سيما الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث تم في هذا الصدد تبادل وجهات النظر بين الزعيمين بشأن مستجدات المبادرة الأفريقية للوساطة في الأزمة، والتي تضم كلًا من مصر وجنوب أفريقيا في عضويتها.
وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي ، بمدينة سان بطرسبرج، في غداء عمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب رؤساء الدول والحكومات الأفارقة من رؤساء التجمعات الاقتصادية الأفريقية المختلفة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس شارك في هذا الحدث باعتباره الرئيس الحالي للوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي "نيباد"، التي تمثل الذراع التنموي للاتحاد، خاصةً فيما يتعلق بحشد الموارد المالية التي تُمكِّن من تنفيذ المشروعات القارية الرائدة لأجندة أفريقيا التنموية 2063، فضلًا عن تعزيز الجهود القائمة لتحقيق الاندماج القاري، بما فيها اتفاقية التجارة الحرة القارية، بالإضافة إلى دعم المبادرات الهادفة إلى تطوير التنمية في أفريقيا، لا سيما مشروعات البنية التحتية والتحول الصناعي.
واستعرض الرئيس الرؤية المصرية لأولويات الشراكة الأفريقية الروسية، على النحو التالي:
أولًا: تعزيز السلم والأمن في القارة، في ضوء حرص مصر على دعم القدرات الأفريقية في هذا الصدد، بما في ذلك عبر تفعيل ريادة مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات على مستوى الاتحاد الأفريقي والذي تستضيف القاهرة في إطاره مركز إعادة الإعمار والتنمية، بالإضافة للحفاظ على دورية انعقاد منتدى أسوان للسلم والأمن والتنمية المستدامة كمنصة نقاش هامة ورئيسية.
ثانيًا: تُدرك مصر عُمق الرابطة بين التنمية من ناحية وبناء واستدامة السلام من ناحية أخرى. لذا، تحرص مصر في إطار تولي رئاسة لجنة النيباد خلال العامين المُقبلين عل الدفع بتنفيذ برنامج تفعيل الرابطة بين السلم والأمن والتنمية، وكذا تكثيف جهود حشد الموارد للاستثمار في البنية التحتية ومشروعات الربط القاري.
ثالثًا: تعزيز قدرات القارة على تحقيق أمنها الغذائي عبر إيجاد حلول لتوفير الغذاء والأسمدة والتكنولوجيا الزراعية وآليات التمويل اللازم لها.
رابعًا: مواجهة تحديات تغير المناخ واتخاذ خطوات جادة وصادقة نحو توفير التمويل اللازم لدعم الدول الأفريقية في مساعيها ذات الصلة
وفي اليوم الثالث والأخير بختام القمة قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: تشرفت إلى جانب الرئيس بوتين بإطلاق النسخة الأولى من القمة الروسية الأفريقية عام 2019.
كما استعرض الرئيس السيسي رؤية مصر تجاه التعاون الروسي الأفريقي وتجاه الظرف الدولي الراهن.
وجاءت أبرز رسائل الرئيس السيسي خلال كلمته كالتالي:
- تشرفت إلى جانب الرئيس "بوتين" بإطلاق نُسختها الأولى بشكل مُشترك عام ۲۰۱۹، خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، حيث صاغ هذا المسار، إطارًا مؤسسيًا مُستدامًا، يليق بحجم وعُمق الشراكة التاريخية، التي تجمع بين الدول الأفريقية وروسيا.
- تأتي قمتنا اليوم، في ظرف دولي بالغ التعقيد، ومُناخ عام يتسم بدرجة عالية من الاستقطاب، والتغيرات التي باتت تمس القواعد الرئيسية التي بني على أساسها نظامنا الدولي بمفهومه الحديث
- تقف دولنا الإفريقية في خضم ذلك، لتواجه عددًا ضخمًا من التحديات، التي لا تؤثر فقط على قدرتها على استكمال مسارها التنموي، وإنما تُهدد مُحددات أمنها، وحقوق الأجيال القادمة.
- مصر كانت دومًا رائدة وسباقة، في انتهاج مسار السلام... سلام الأقوياء القائم على الحق والعدل والتوازن.
- الدول الإفريقية ذات سيادة، وإرادة مستقلة، وفاعلة في مجتمعها الدولي... تنشد السلم والأمن، وتبحث عن التنمية المستدامة، التي تحقق مصالح شعوبها أولًا.
- صياغة حلول مستدامة للصراعات القائمة في عالمنا اليوم، يتعين أن تتأسس على أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي بما في ذلك التسوية السلمية للنزاعات، والحفاظ على سيادة الدول ووحدة أراضيها.
- ضرورة التعامل مع جذور ومسببات الأزمات، لاسيما تلك المتعلقة بمحددات الأمن القومي للدول، وكذا أهمية الامتناع عن استخدام الأدوات المختلفة، لإذكاء الصراع وتعميق حالة الاستقطاب، ومن بين ذلك توظيف العقوبات الاقتصادية خارج آليات النظام الدولي متعدد الأطراف.
- ضرورة الأخذ في الاعتبار احتياجات الدول النامية وعلى رأسها دول القارة الأفريقية فيما يتعلق بالتداعيات شديدة الوطأة على اقتصاداتها جراء الصراعات والتحديات القائمة، وبالتحديد في محاور الأمن الغذائي، وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة.
- أهمية إيجاد حلول عاجلة لتوفير الغذاء والأسمدة بأسعار تساعد أفريقيا على تجاوز هذه الأزمة، مع البحث عن آليات تمويل مبتكرة تدعم النظم الزراعية والغذائية في أفريقيا.
- أتطلع للتوصل لحل توافقي بشأن اتفاقية تصدير الحبوب يأخذ في الاعتبار مطالب كافة الأطراف ومصالحهم ويضع حدًا للارتفاع المستمر في أسعار الحبوب.
- تطلع مصر لأن تحظى المطالب الإفريقية في إطار مجموعة العشرين، وكذا مساعي إصلاح المؤسسات التمويلية الدولية، بدعم الشريك والصديق الروسي.
- عمق العلاقات الاستراتيجية والروابط المهمة، التي تجمع دولنا الإفريقية بالجانب الروسي، فضلًا عن الآفاق الواسعة، لتعزيز العلاقات القائمة بيننا لاسيما في المجالات محل الاهتمام المشترك وعلى رأسها تعزيز السلم والأمن ومكافحة مهدداته.
- تفعيل مسارات التنمية الاقتصادية، بالتركيز على قطاعات البنية التحتية والتصنيع الزراعي والتحول الصناعي، بالاستفادة من التكنولوجيا الروسية، بالإضافة لتعزيز الصلات الثقافية والروابط التاريخية بين شعوبنا.
- أؤكد التزام مصر باستمرار انخراطها بشكل جاد ومخلص في جهود تعميق شراكتنا الاستراتيجية، إيمانًا بالفرص ومساحات التعاون الواسعة القائمة في إطارها.
- تفعيل التعاون القائم بين الشركات المصرية ونظيرتها الروسية، في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وعلى المُستوى القاري من خلال رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات وكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية "النيباد"، وكذا ريادة ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات على مستوى الاتحاد الأفريقي، لتدعيم جهود تعزيز السلم والأمن وتحقيق التنمية.