الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

نجا من الغرق.. حكاية ولي الإسكندرية المرسي أبو العباس

المرسي أبو العباس
المرسي أبو العباس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مر القرون الماضية لم يختلف أحد على اهتمام أهل مصر باللسادة آل البيت وأولياء الله الصالحين، فيحتفل المصريون بمولد سيدي المرسى أبو العباس حاليا في الإسكندرية شمال مصر ورأس وجهها البحري.

أبو العباس المرسي هو الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن علي الخزرجي الأنصاري المرسي البلنسي يتصل نسبه بالصحابي الجليل سعد بن عبادة الأنصاري سيد الخزرج وصاحب سقيفة بني ساعدة التي تمت فيها البيعة لأبي بكر الصديق بالخلافة، وجده الأعلى قيس بن سعد كان أميرا على مصر قبل الإمام علي بن أبي طالب عام 36ه، 656م.
ولد أبو العباس بمدينة مرسيه سنة 616هـ.(1219م) و نشأ بها و هي إحدى مدن الأندلس، ونسب إليها فأطلق عليه المرسي.
حفظ القرآن الكريم كاملا في عام واحد وتعلم القراءة والكتابة والخط والحساب وأصول الفقه، وكان والده من تجار مرسيه فشارك معه في تجارته وكان المال الذي يتدفق إليه من تجارته يذهب إلى جيوب الفقراء والمساكين وأبناء السبيل ويكتفي بما يقيم أوده ويحفظ حياته فقط.
اشتهر بالصدق والأمانة والعفة والنزاهة في تجارته، فكان يربح مئات الآلاف ويتصدق بعا، فكان قدوة لتجار عضره في التأدب بأدب الدين الحنيف وقدوة للشباب في التمسك بالعروبة الوثقى و
وفي عام 640هـ. (1242م) حين صحبه و الده مع أخيه و أمه عند ذهابه إلي الحج فركبوا البحر عن طريق الجزائر حتى إذا قاربوا الشاطيء هبت عليهم ريح عاصفة غرقت السفينة غير أن عناية الله تعالي أدركت أبا العباس و أخاه فنجاهما الله من الغرق،و قصدا تونس وأقاما فيها و اتجه أخوه محمد إلي التجارة و اتجه أبو العباس إلي تعليم الصبيان الخط و الحساب و القراءة و حفظ القرءان الكريم .
والتقى أبا العباس بأستاذه الشيخ أبي الحسن الشاذلي في تونس وتعلم التصوف على يديه، ويروي أبو عباس عن لقائه بالشيخ أبي حسن الشاذلي:« لما نزلت بتونس وكنت أتيت من مرسيه بالأندلس وأنا إذ ذاك شاب سمعت عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي وعن علمه وزهده وروعه فذهبت إليه وتعرفت عليه فأحببته ورافقته».
ولما رآه الشيخ أبا الحسن الشاذلي من طيب النفس وطهارة القلب والاستعداد الطيب للإقبال على الله في أبي العباس غمره بعنايته وأخذ في تربيته ليكون خليفة له قائلا له :« يا أبا العباس ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا، وأنا أنت».
وتزوج أبو العباس من ابنة شيخه الشاذلي وأنجب منها محمد وأحمد وبهجة التي تزوجها الشيخ ياقوت العرش.
وفي عام 642هـ. 1244م خرج أبو الحسن الشاذلي إلي الحج و سافر إلي مصر عبر الإسكندرية و كان معه جماعة من العلماء و الصالحين و علي رأسهم الشيخ أبو العباس المرسى و أخوه أبو عبد الله جمال الدين محمد و أبو العزائم ماضي.
وقد حج الشيخ أبو الحسن الشاذلي و عاد إلي تونس و أقام بها و لحق به أبو العباس المرسى ثم وفدوا جميعا إلي مصر للإقامة الدائمة بها و اتخذ من الإسكندرية مقاما له و لأصحابه، و لما قدموا إلي الإسكندرية نزلوا عند عامود السواري و كان ذلك في عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب.
و لما استقروا بالإسكندرية اتخذ الشاذلي دارا في كوم الدكة نزل بها هو و أصحابه و علي رأسهم أبو العباس و بدأوا يدعون إلي الله في كل مكان حتى قصدهم العلماء و الفضلاء و لازم مجالسهم الطلاب و المريدون و ذاع صيتهم في الديار المصرية
و اختار الشيخ أبو الحسن الشاذلي جامع العطارين لإلقاء دروسه فيه و عقد حلقات الوعظ و الإرشاد و فيه وأقام الشيخ أبو العباس المرسى خليفة له و أذن له في إلقاء الدروس و إرشاد المريدين و تعليم الطلاب و مناظرة العلماء و تلقين مبادئ و آداب السلوك.
و أقام أبو العباس المرسى رضي الله عنه 43 عاما بالإسكندرية ينشر فيها العلم و يهذب فيها النفوس و يربي المريدين و يضرب المثل بورعه و تقواه.
ثم استأذن أبو العباس شيخه في القيام بأمر الدعوة في القاهرة و اتخذ من جامع أولاد عنان مدرسة لبث تعاليمه و مبادئه بين الطلاب و المريدين و اتخذ هذا المسجد مأوي له و كان يذهب كل ليلة إلي الإسكندرية ليلتقي بشيخه أبي الحسن ثم يعود إلي القاهرة و لم يستمر طويلا إذ عاد و استقر بالإسكندرية .
و في عام 656هـ- 1258م اعتزم الشيخ أبو الحسن الشاذلي الحج فصحب معه جماعة من إخوانه و علي رأسهم أبو العباس المرسى و أبو العزائم ماضي و في الطريق مرض مرضا شديدا فمات رضي الله عنه و دفن بحميثرة من صحراء عذاب و هي في الجنوب من أسوان علي ساحل البحر الأحمر.
و عاد الشيخ أبو العباس إلى الإسكندرية بعد آدائه فريضة الحج بعد وفاة شيخه، وتصدر مجالسه وأخذ شأنه في الارتفاع و ذاع صيته فأمه الطلاب و المريدون من جميع البلاد و رحل إليه الزوار وذوو الحاجات من جميع الأقطار و توافد عليه العلماء و الأمراء و الأغنياء و الفقراء.
وكان يذهب إلى القاهرة في الصيف وينزل بجامع الحاكم وينتقل بينه وبين جامع عمر بالفسطاط ليلقي دروسه ومواعظه.
وتوفي في الخامس و العشرين من ذي القعدة 685هـ. (1287م.) و دفن في قبره المعروف خارج باب البحر بالإسكندرية