من المعروف عن المصريين حبهم لآل البيت وأولياء الله الصالحين واتجاههم إلى إحياء ذكرى موالدهم بالاحتفال كل على طريقته، ويتصف الصوفية بحبهم الشديد لآل البيت ومشايخهم وساداتهم وإحياء ذكراهم دائمًا بالذكر وإلقاء الدروس الدينية والتعريف بتاريخ مشايخهم وساداتهم.
في هذا الإطار أكد مشايخ الصوفية أن الاحتفال بموالد أولياء الله الصالحين واهتمام المصريين بإحياء هذه الذكرى نابع من الحب الروحاني، مشيرين إلى أن هناك بعض الاختراقات المرفوضة التي تحدث أثناء الاحتفال والتي تستوجب تدخل المشيخة العامة للطرق الصوفية لوقف هذه الاختراقات التي تتسبب في تشويه صورة الصوفية في الاحتفالات الدينية.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم مجدي، طبيب نفسي، إن الاحتفال بذكرى مولد الشيخ أبو العباس المرسي له واقع خاص نظرا لأن اسمه مرتبط بأغاني التراث للإسكندرية.
وأكد مجدي، في تصريحات خاصة، أن الشيخ أبو العباس المرسي له محبة خاصة في قلوب الصوفية كونه من أول تلاميذ الشيخ أبو الحسن الشاذلي أبو الصوفية، مشيرا إلى تميزه بجمع الزهد والعلم معا فهو قطب من أقطاب التصوف لما له من علم ومدرسة وتلاميذ.
وتابع، أن حب المصريين للاحتفال بذكرى أولياء الله الصالحين مرتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ أولياء الله الصالحين وحبهم لآل البيت، والراحة النفسية التي يشعرون بها عند زيارة مساجدهم.
وأوضح مجدي أن البعض يحتفل بجانب من الراحة النفسية داخل مساجد وأضرحة الأولياء، والخروج من طغيان المادة وصعوبات الحياة بزيارة هذه الأماكن، قائلا:« مفيش حد بيروح مصيف في إسكندرية إلا ويزور المرسي أبو العباس ».
وتابع أن الجزء الآخر من الاحتفال هم من يعرفون تاريخ الشيخ أبا العباس ومقولاته المأثورة، كما أن البعض يذهب لأنه استجيب دعائه لشيء ما عندما كان يصلي في المسجد وهو ما يسمى بالكرامات، كما أن هناك روحانيات خاصة ومختلفة تولد السعادة والبهجة في النفس.
وأكد مجدي أن التزام واهتمام المصريين باحتفالاتهم بذكرى موالد أولياء الله الصالحين مرتبط بحبهم الروحي لهم سواء في إسكندرية لسيدي أبي العباس المرسي أو الشيخ أحمد البدوي في طنطا أو الشيخ إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ وغيرهم في كافة أنحاء الجمهورية.
وأشار إلى أن البعض يذهب للاحتفال بالمولد ولا يعرف ماذا يفعل أو ما يجب الالتزام به، مؤكدا أن الاحتفال الصحيح يكون بقراءة القرآن الكريم والأوراد وإلقاء بعض الدروس والتعريف بتاريخ الشيخ وعلومه.
واوضح مجدي أن الاحتفال بمظاهر البهرجة والطبل أو بعض الأفعال التي نلاحظها في عصرنا ليس لها أي علاقة دينية بالاحتفال ومنافية لآداب الاحتفال الصحيح الواجب اتباعه لإحياء ذكرى أولياء الله الصالحين.
واتفق معه، الدكتور صلاح حامد، مؤسس زمرة المحبين المحمدية الشاذلية بالمطرية، وقال إن الإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم له كتيب خاص عن الاحتفال بموالد أولياء الله الصالحين وطرق وآليات الاحتفال «المولد وموالد الصالحين» يشرح بالأدلة كافة طرق الاحتفال وجوازها.
وأكد حامد، في تصريحات خاصة، أن الاحتفال يحتاج إلى طريقة تنظيم حقيقية من جانب كافة الطرق الصوفية من خلال عمل سرادق يضم علماء الطريقة للحديث عن الولي الذي يحتفلون به فيما يتعلق بعلومه وتاريخه الديني وتلاوة القرآن والأوراد والأدعية.
وأشار إلى أن البعض يعتبرون الاحتفالات عادة ولا يعرفون أهمية العلم، ولكن الاحتفال بطرق صحيحة يحول الإنسان من جاهل إلى عالم في الطهارة وطرق العبادة الصحيحة وآداب الإسلام الحقيقية في التعامل مع الجميع وكافة الأمور الحياتية المختلفة سواء الطعام أو البيت أو الدخول والخروج من المساجد وغيرها.
وتابع حامد أن اهتمام المصريين والتزامهم بالاحتفال بآل البيت وأولياء الله الصالحين نابع من حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:« لن تدخلوا الجنة حتى تحابوا»، فالاحتفال بذكرى أولياء الله الصالحين يأتي من مردود حب الله سبحانه وتعالى رسوله.
ولفت إلى أن الحب هو من يجمع المصريين حول آل البيت وأولياء الله، ولكن من خلال الاحتفال بالعبادة وتلاوة القرآن الكريم والأوراد وإلقاء الدروس العلمية الدينية.
وأشار حامد إلى أن بعض مظاهر الاحتفال الحالية ما هي إلا فلكلور شعبي لا يجوز فعله مؤكدا ضرورة التخلص من أساليب البهرجة والطبل والألعاب التي ليس لها علاقة بالروحانيات الدينية.
في ذات الصدد قال الشيخ رامي الشهاوي، شيخ الطريقة الشهاوية البرهامية، إن الشعب المصري يعشق آل البيت بالفطرة وبالتالي يحب أولياء الله الصالحين والصوفيين.
وأوضح الشهاوي في تصريحات خاصة، أن الآلاف يصطفون حول مساجد آل البيت وأولياء الله الصالحين أثناء الاحتفال بذكرى مولدهم.
وتابع قائلا:« ليس كل من يذهب للاحتفال متصوف أو ولي ولكن البعض يذهب لإحياء ذكراهم بالحب والارتباط الروحي».
وأشار الشهاوى إلى أن هناك نوعين من المحتلفين هم المتصوفة القائم والزائر، فالمتصوف القائم هو من يذهب لإحياء ذكرى الولي والتذكرة بطريقته وعلومه وأوراده وقراءة القرآن وإلقاء بعض الدروس والحضارة ثم إطعام الطعام الذي يعد سمة أساسية عند الصوفية لتحقيق التكافل الاجتماعي، أما الزوار فالكثير منهم يذهب لتناول الطعام أو الترفيه أو الاستمتاع بالمظهر الديني.
وأكد أن طرق الاحتفال منها الحسن والأحسن من حيث التركيز على تلاوة القرآن والأوراد والتذكير بالشيخ وعلومه وغيرها من المظاهر الدينية الراقية التي تهدف للارتقاء بالنفس البشرية.
وأشار إلى وجود مظاهر سيئة تتسبب في بعض التجاوزات غير المقبولة دينيا ومجتمعيا، تحتاج إلى وقفة من جانب المشيخة العامة للطرق الصوفية بمنع الاختراقات التي تحدث للطرق الصوفية أثناء الاحتفال وتتسبب في تشويه الاحتفال الديني الذي تسعى إليه الصوفية.
في سياق متصل، قال الدكتور محمد نصار، الأستاذ بجامعة عين شمس، الداعية بالطريقة النقشبندية الجودية بالقاهرة، إن ظاهرة الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين طيبة ولكن في إطار تلاوة القرآن والذكر والأوراد وإلقاء الدروس الدينية والتعريف بتاريخ الولي الذي نحتفل به.
وأوضح نصار، في تصريحات خاصة، أن الاحتفال بصورته الحالية بحاجة إلى تقويم كما أن أحوال الدنيا كلها تحتاج إلى تقويم،
واضاف: «كلما وجدنا سبيلا إلى التجويد جودنا، والموالد هى اجتماعات بشرية كبيرة يظهر فيها الجيد وقد يظهر فيها غير الجيد من ممارسات بعض الناس السلبية الوارد حدوثها».