هشام عفيفى: سلاح ذو حدين.. وكثير من الوظائف ستختفى بحلول 2025
حسين حمودة: لا يجيد الكتابة الإبداعية.. وقدرته محدودة
إبراهيم عبدالمجيد: الإبداع يحتاج إلى روح وخيال بشرى.. وليس أجهزة صماء
سليم شوشة: التطورات التكنولوجية تشكل دائما تحديا كبيرا أمام الإنسان
انتشر في الآونة الأخيرة ما يسمى «الذكاء الاصطناعي» الذي يشمل في مضمونه محاكاة للإنسان البشري وعن إمكانية أن يتم الاستغناء عن العقل البشرى مستقبلا، الأمر الذي يشغل الكثير وكيف ستتم مواجهة هذا الأمر، وهل يمكن الاستغناء عن بعض الوظائف فيما بعد عقب ظهور الذكاء الاصطناعي خاصة أننا نجد تطورا كبيرا للذكاء الاصطناعي خلال هذه الآونة، فعلى سبيل المثال نجد أن عضوا في الكونجرس الأمريكي ألقى خطابا بالذكاء الاصطناعي بقاعة مجلس النواب، وكان الخطاب مناسبا بما يكفي لدعم مشروع قانون من شأنه إنشاء مركز أبحاث مشترك للذكاء الاصطناعي، وذلك بحسب ما ورد في سي بي سي بوسطن. وهنا يمكن أن نطرح العديد من الأسئلة حول ما يخص الجانب الأدبي فهل تدخل الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب ينذر بالخطر، أم أن هذا سيكون تطويرا للرواية أو الشعر أو القصة أو أي جانب آخر من الأدب، وهل ظهور الذكاء الاصطناعي يلغي العقل البشري وتراجع المؤلف عن الإبداع والاعتماد كليا على الذكاء الاصطناعي.. كل هذه الأسئلة تطرح نفسها أمام الجميع. «البوابة» تفتح هذا الملف وتستطلع آراء عدد من الكتاب والنقاد حول الذكاء الاصطناعي
قال هشام عفيفي خبير المعلومات والتكنولوجيا: إن البدايات الحقيقية للذكاء الاصطناعي كانت مبكرة جدا مع بدايات ما يسمى بالكمبيوتر الرقمي وهذا كان في بداية الخمسينيات وكان الغرض من الذكاء الاصطناعي وقتها هو محاكاة الذكاء البشري فكان كل دوره هو القيام بوظائف تحاكي الذكاء البشري، لكن في البداية كانت الأمور بسيطة جدا فعندما تسأله سؤالا يرد عليك ومع تطور الآلة الحاسبة نفسها وظهورها كان تطورا كبيرا في البشرية أن نرى آلة صماء تنفذ جميع المعادلات الرياضية، ومع حلول الثمانينيات ظهر عصر الشبكات العصبية ووضع كل القواعد والجذور التي قام عليها الذكاء الاصطناعي، وبداية من الثمانينيات وحتى عام ٢٠١٠ كان عصر التعلم الآلي وهذه المرحلة وصل الإنسان فيها لمرحلة كبيرة من البرمجيات والخوارزميات وبدأ يقول الكمبيوتر تعلم لوحدك ومن الأساسيات في الذكاء الاصطناعي هو وجود البيانات، والإنسان تقدم في علم البرمجيات وسرعات الكمبيوتر وبدأت المعالجات والذاكرة وتطورت قوة الكمبيوتر بشكل كبير ووضع الإنسان للكمبيوتر قواعد معينة بحيث يستطيع أن يعلم نفسه بنفسه أو يتعلم من البيانات التي تدخل له وظهر وقتها ما يسمى دعم اتخاذ القرار وهذه كان مرحلة فارقة جدا ومنذ عام ٢٠١٠ وحتى الآن حصل امتداد وتطوير لعلم التطور الآلي الذي يسمى بالتعلم العميق وهذه المرحلة بدأ الإنسان دوره في الذكاء الاصطناعي والمشاركة يكاد يختفي لأن الكمبيوتر بكم المعلومات والمعادلات والخوارزمات الموجودة فيه على مستوى العالم قوية جدا ولا نهائية وتعتمد على التعلم الذاتي فالذكاء الاصطناعي وجد من الأصل لخدمة الإنسان ولتزويد جودة حياة الإنسان ورفاهية الإنسان وبالتالي يستطيع أن يخفف من المهام التقليدية واليدوية التي يعملها الإنسان وانتقل بعدها للمهام الرقمية التي تحتاج فكرا وعقلا فعن طريق الذكاء الاصطناعي الكمبيوتر يقوم بهذه المهام ليتفرغ الإنسان لوظائف أرقى.
وتابع عفيفي: أن الذكاء الاصطناعي يستخدم في مجالات كثيرة من الحياة فعلى سبيل المثال الفحص الطبي لدرجة وصل فيه من فحص التحاليل والأشعة بعرضه على الذكاء الاصطناعي تعدت فيه نسبة الدقة ٩٦ بالمائة في حين أن الإنسان البشري ما زال في نسبة ٨٠ بالمائة، وفي مجال البورصة والأسهم فالذكاء الاصطناعي عن طريق تحليل البيانات يستطيع أن يتنبأ ويتوقع الأسهم إلى أن ستصل وبالتالي يمكن الاعتماد عليه في البيع والشراء، والتزوير والتزييف فالذكاء الاصطناعي المتوافر لدى المنصات من الفيسبوك والتويتر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي يستطيع أن يعرف البروفايل المزيف، والمساعد الشخصي مثل جوجل المساعد فأنت تتحدث وتسأل وتطلب وأوامر ينفذها للإنسان وهذا قائم أن الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يفهم اللغات الطبيعية للبشر فمن قديم الأزل أن تكتب للذكاء الصطناعي على لوحة المفاتيح فيفهمك لكن اليوم أنت تستطيع أن تتكلم معه وتتناقش وتتحاور وله استخامات أخرى مثل السيارات ذاتية القيادة وحركات تنظيم المرور والإشارات وتحديد السيارات ولوحاتها وتحديد نوع الشيء سواء كان شخصا أو غيره مثل السيارة أو الأتوبيس أو الموتوسكل وغيره وتمييز الأصوات فيمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي ببصمة الصوت ويستخدم في البحث الجنائي والصور فمن خلاله يستطيعون الحصول على صور من قديم الأزل وهذا حدث مع مجرم كان هاربا منذ سنوات، الذكاء الاصطناعي قارن بين صور قديمة له وصورة له ظهر فيها بجزء من وجهه وحصل تطابق حتى تم القبض عليه وكذلك الترجمة وتوليد الصور والروبوت.
وأشار عفيفي إلى أنه كما للذكاء الاصطناعي استخدامات حميدة فله أيضا استخدامات سيئة فيمكن استخدامه في الجرائم مثل جرائم التزوير والرقمية وعندما نسأل أنفسنا هل جاء الذكاء الاصطناعي لتدمير الإنسان سنجد آراء كثيرة فلا يوجد إجابة مطلقة واحدة فهناك من يقول الذكاء الاصطناعي اليوم يشبه الأنترنت في بداياته كان الإنسان متخوفا منه وأنه سيأخذ مكانه ولكن مع ذلك اتضح أنه أداة مساعدة في تطوير التكنولوجيا وتطوير حياة الإنسان وتطوير أجهزة ومنتجاته وهناك رأي لإحدى الاحصائيات يقول بحلول عام ٢٠٢٥ هناك ٨٥ بالمائة من الوظائف ستختفي وعلى الجانب الآخر سيكون حوالى ٩٧ مليون وظيفة أخرى ستنشأ سيتم إيجادها لكن الوظائف التقليدية للمحاسب التقليدي مثلا والسكرتارية وإدخال البيانات ستختفي، فنجد مثلا قراءة نشرة الأخبار ومقدم البرامج بدأت تتم بالذكاء الاصطناعي أما الوظائف المطلوبة الآن هو محلل البيانات ووظائف البروجرامر والأمن السيبراني، الحوسبة السحابية والمطلوب الآن نؤهل أنفسنا للحديث فكل الشباب وطلبة الثانوية بالأخص يبدأ إعداد نفسه لهذا الأمر، والخريجون لا بد أن يعيدوا تأهيل أنفسهم ويعرفون ما يحتاجه سوق العمل.
الذكاء الاصطناعي والأدب
قال الدكتور حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة، إنه لا يتصور أن يكون الذكاء الاصطناعي خطرا إلا إذا أساء الإنسان نفسه استخدامه أو كان يتعامل معه وهو خاضع لنزعات الشر، أما لو كان الإنسان قاصدا لتوظيفه لخير البشرية ولتقدم الإنسان وراحته ورفاهيته وكان المجتمع الذي يستخدم فيه محصنا بما يكفي من النشاط الفكري والعقلاني فلن يكون إلا للخير وكما قلت قد يكون مجالا للتطوير وتوسيع مدارك البشر وتوسيع دائرة التحديات والفكر أو إعادة مساءلة الحياة والوجود في ضوء هذه التحولات الصناعية والمعرفية العميقة مثلا سؤال الإنجاب أو الكم المهمل من البشر وأدوار التعليم وطرقه أو أنماطه وغيرها من الأمور.
وتابع: هناك أسئلة كثيرة مطروحة الآن حول الذكاء الاصطناعي، وما يمكن أن يقوم به في مجالات متعددة، وما يمكن أن يمثله من تهديدات للإبداع الإنساني، أو على الأقل ما يمكن أن يقوم به من إزاحة للإنسان المبدع، وهذه الأسئلة تلوح بلا إجابة حاسمة ونهائية، حتى الآن على الأقل في بعض المجالات العلمية، منها تصنيع الأدوية على سبيل المثال، توصل الذكاء الاصطناعي إلى بعض النتائج الإيجابية، ويستطيع أن يصل إلى مثل هذا النجاح في بعض المجالات العلمية الأخرى، لكن فيما يخص الإبداع في الفنون والآداب فالأمر أكثر تعقيدا، ولعل بعضنا لاحظ النتائج التي توصل إليها استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في حقل الموسيقى أو الغناء وهي نتائج متواضعة جدا يمكن اكتشاف زيفها بسهولة بالغة.
وأوضح حمودة: في مجال الأدب حاولت أن أكتشف قدرات بعض برامج الذكاء الاصطناعي، منطلقا من السؤال التمثيلي حول خطر التكنولوجيا على الشعر، ومنها الذكاء الاصطناعي، فقمت بتجربة مع برنامج Chat GPT، سألته أن يكتب لي قصيدة عن فقدان التواصل الحقيقي في عالم الوسائط التكتولوجية الحديثة أو العالم الافتراضي، فقال لي على الفور: "يسعدني أن أكتب هذه القصيدة"، وكتب لي بسرعة نصا بالفعل.. وهو نص محدود القيمة جدا من الناحية الجمالية، فضلا عن الأفكار التي يتحرك خلالها.. وقد بدأ هكذا:
"في هذا العالمِ المتسارعِ،
أصبحَ التواصلُ مجردَ وهمٍ مزيفِ
نحنُ نتحدثُ كثيرًا ونكتبُ الكثيرَ
ولكننا نفتقدُ الحوارَ الحقيقيَّ.."
وظل النص يمضي هكذا، في هذه الوجهة التبسيطية، وإن لم يخل من بعض عبارات مناسبة، مثل:
"فالتعبيرُ عن النفسِ أصبحَ مجردَ نقراتٍ (كليكات)
وسطوعُ الشاشاتِ أضاءَ العالمَ بلا ظلٍّ
وتحولتْ العلاقاتُ إلى أرقامٍ وإحصائيَّاتٍ"..
وعلق حمودة على هذا الأمر قائلا: باختصار، كان الأمر كله أشبه بتمرين ما على الكتابة، وليس كتابة إبداعية حقيقية.. والحقيقة أن مثل هذه البرامج، حتى الآن على الأقل، لا تنجح سوى في إعطاء صورة واضحة التزييف، الأمر قد يكون هو نفسه في مجال الرواية مثلا.. قد تستطيع بعض البرامج تنظيم المادة الروائية التي ظل المبدعون ينظمونها بطرق "يدوية" خلال تاريخ طويل.. المعلومات عن كل شخصية مثلا.. أو حتى قد تستطيع أن تقدم هذه البرامج اقتراحات بشأن تنمية الحبكة.. لكنها في النهاية لن تستطيع أن تصوغ عملا روائيا عميقا وحقيقيا، قائما على إبداع شخصيات من لحم ودم.. كما يقال.. أو متصلا برؤية الكاتب الروائي للعالم، أو موصولا بقدر من الامتلاء الزمني المرتبط بجماعة إنسانية ما.
يشير حمودة إلى أن الإبداع الأدبي والفني إبداع فردي في النهاية، يتصل بمخيلة وبصوت خاص وبقدرة جمالية وبتجارب مميزة لكل مبدع أو مبدعة، وليس بتشغيل معطيات جاهزة، ولذلك سوف تظل إنجازات برامج الذكاء الاصطناعي في هذا المجال محدودة ربما تستطيع هذه البرامج أن تقدم فوائد للثقافة عموما، كأن تصوغ دوائر معارف متخصصة في فروع معرفية دقيقة، أو حتى تقوم بتنظيم بعض المعارض الكبيرة، أو تصنع إرشيفات ضخمة بتنظيم أكثر دقة، وما إلى ذلك، لكنها في مجال الإبداع الفني والأدبي، الذي هو إبداع فردي في النهاية، يشبه البصمة تقريبا، لن تستطيع تقديم ما هو أكثر من تقديم نسخ تكشف عن نفسها بوضوح، وربما نستطيع أن نقرأ أو نسمع فيها عبارة لن تكتبها أو تقولها بشكل مباشر: "أنا صورة زائفة من الإبداع"!!
تسليح الروح
في حين يقول الروائي الكبير ابراهيم عبدالمجيد: إنه لم يقتنع بأن الروبوت يمكن أن يرسم غير رسوم بيانية عن معلومات، أما تفاعل الألوان واستلهام معانيها فأمر صعب، فالذكاء الاصطناعي لن يميز بين درجات اللون الأحمر مثلا أو غيره من الألوان، ينجح الذكاء الاصطناعي الآن في تحويل الصور إلى ألوان وأشكال أخرى، أما الإبداع التشكيلي فهو مثل الشعر يحتاج روحا أوسع من أي معلومات. من يغذي الروبوت أو برامج الذكاء الاصطناعي بالمعلومات والتعليمات لا ينقل إليه روحه على الأقل حتى الآن، وإذا شمل الأمر الفن والأدب فسنكون وصلنا إلي درجة من تسليع الروح وجمودها مهما بدا في ذلك من إغراءات.
وتساءل عبدالمجيد هل يمكن أن يأتي اليوم الذي يذهب فيه كاتب إلى جلسات الأدباء بمقهي البستان أو الجريون أو النادي اليوناني فلا يجد إلا الروبوتات التي صارت تكتب القصة والرواية، بينما من يغذيها بالمعلومات جالسون في بيوتهم لا يراهم أحد، ؟ هل ستشرب الروبوتات الشاي أو القهوة أو تأكل أم ستغلق المقاهي أبوابها وتنتهي ظاهرة مقاهي المثقفين. هل ستكون الروبوتات على منصة النقاش لإنتاجها حولها نقاد حقيقيون، أم سيرسل النقاد الروبوتات التي تحمل أفكارهم وقراءتهم للعمل موضع النقاش، ومن ياتري سيكون جالسا في القاعة، وهل حين تتسع الظاهرة ستنتهي ورش الكتابة الأدبية ويجد من تفتنه القصص والروايات، وهو غير موهوب أصلا، في الذكاء الاصطناعي فرصة مجانية.
أوضح عبدالمجيد أنه يمكن أن تتسع مساحة السرقات الأدبية كما قال له الكاتب طالب الرفاعي ولا نعرف من وراءها؟ لكن الشر يذهب شيء أعمق وهو أن يكون وراء ذلك كاتبات، فرغم عظمة الكثير جدا من الإنتاج الروائي العربي من الكاتبات في كل البلاد العربية، إلا أن هناك دائما حدودا في استخدام المشاهد أو الألفاظ الجنسية، فهل ستكون هذه فرصة لحرية أكثر للكاتبات، ينتقمن من أسوار مجتمعاتنا التي لا تنتهي، أم أن الدولة التي تضع المحاذير ستغذي الذكاء الاصطناعي بما تسميه القيم.
وتابع: ما دام الذكاء الاصطناعي يمكن أن يجعل الروبوت يتمرد حتى على من يعطيه المعلومات الأساسية، ويختار بنفسه ما يفعله أو يكتب فيه كما تتنبأ الروايات الخيالية، فهل سيوافق روبوت على ترك الحكم في موعده؟ لا أظن. سيعلن في أول خطاب أنه من أجل الديمقراطية فانسوا أن الحاكم يمكن تغييره أو أعضاء مجلس الشعب، ويعلن مثل الفنان محمد صبحي في مسرحية "تخاريف" التي كتبها لينين الرملي وأخرجها جلال الشرقاوي منذ حوالي ثلاثين سنة، أنه من أجل الديمقراطية يفعل ذلك، ويعلن حالة الطوارئ في البلاد.
الذكاء الاصطناعي يتحدى العقل البشري
قال الناقد الأدبي الدكتور محمد سليم شوشة: لو كتب الذكاء الاصطناعي رواية أو قصة أو شعر أو أي نص أدبي، فتصوري أن هذا النص سيبقى مفتقدا لشيء مهم جدا لا يمكن تحديده بدقة الآن، ولكن هو في قناعي أمر منطقي، ويمكن الكشف عنه في المستقبل حين يكون الإنسان قادرا على المقارنة الدقيقة بين منتج البشر المبدعين في أعلى نماذج الإبداع لديهم وبين منتج الذكاء الاصطناعي الذي هو بالأساس يقوم في عمله على ما يغذيه به البشر من معادلات ذهنية ومعلومات ومهارات يكون عمله محكوما بها، أما العقل البشري نفسه فيبقى حتى الآن غير محدود وغير مكتشف بكامل أبعاده وحدوده حتى الوقت الحالي برغم تطور الدراسات النفسية والتشريحية والعصبية.
وأوضح شوشة: أن الإنسان يختلف تماما عن الذكاء الاصطناعي ليس فقط في مسألة وجود الروح والإحساس، لأن الذكاء الاصطناعي تتم تغذيته بما يجعله لديه حالة أقرب للروح والإحساس، الفكرة الأساسية أن الذكاء الاصطناعي إنما يقوم على محاكاة الإنسان في كل شيء بما فيها الروح والإحساس، وهذه العملية من المحاكاة محكومة بعمليات البرمجة والتغذية التي تتم على نموذج الذكاء الاصطناعي ونحن حتى الآن ليس لدينا إحاطة كاملة بالنموذج الأصلي وهو الإنسان، فإذا كنا نسطير على الذكاء الاصطناعي أو نعرف حدوده وأبعاده بحكم أنه من صنيعة الإنسان فالإنسان نفسه لا يعرف نفسه بالكيفية نفسها، ولهذا فالغلبة في اعتقادي دائما ستكون للأصل وليس لمن يحاكيه أو يقلده.
أتصور أن تدخل الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة مفيد وليس فقط في الفعاليات الثقافية فقط، وبالطبع هو بالفعل يستطيع محاورة الضيوف وفي الموضوع المدروس أو المطروح عليه ويمكن أيضا أن يكون محكما في جائزة أدبية وهو حينها سيكون قريبا من نظام التصحيح الإلكتروني في التعليم أو الجامعات وأتصور أنه وقتها سيكون مثالا للنزاهة أو الدقة والتجرد ولكن مهم جدا أن تكون هناك معايير علمية في تغذيته بالمعلومات والمهارات والمعارف التي سيعمل وفقها.
ويختتم شوشة حديثه بأن الذكاء الاصطناعي سيشكل تطويرا في الحياة كلها وسيصبح أحد التحديات الكبرى أمام الإنسان في الفترات القادمة وهو اختبار على مستوى الفكر والحضارة والإنتاج وعلى المستوى الأخلاقي وعلى مستويات أخرى عديدة.