الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة القبطية

إبراهيم ناجي يكتب: البابا الشاب ذو السادسة والثمانون عاما وتجربة التقاعد المبكر

ارشيف
ارشيف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إبراهيم ناجى

 

في طريقه إلى لشبونة بالبرتغال الأسبوع القادم لحضور الأيام العالمية للشباب يخطو البابا فرنسيس بقوة وحماس موجهاً ترددات خدمته الكنيسة على استقبال موجات إرسال الشباب وهو في سن السادسة والثمانون على الرغم من عكازه وثقل حركته غير أن روحه وعقله وقلبه وطاقاته ممتلئة بجمر الخدمة الملتهب بحماس الشبيبة التي يعمل بها وعد الرب في المزمور 103 " فيتجدد مثل النسر شبابك". 

مع انطلاق الأيام العالمية للشباب في منتصف الثمانينات تحت قيادة القديس البابا يوحنا بولس الثاني يصبح البابا فرنسيس بحضور الأيام العالمية للشباب القادمة بلشبونة البرتغال هو أكبر الباباوات الذين يقودون ويشاركون في هذه الفعاليات الملهمة للشباب الكاثوليكي حول العالم حيث يصر البابا فرنسيس على اتباع نموذج القائد الخادم بتقديم النموذج والقدوة والمثل في بذل وتقديم الجهد دون التعلل بتقدم العمر أو بمتاعب الصحة. 

يبدو جلياً أن أفكار وتوجهات البابا فرنسيس قريبة من ديناميكية الشباب حيث الرغبة في تخطي المألوف والسير نحو الابعد ومخاطبة الحماس والقلوب اكثر من مخاطبة النظريات والعقول. البابا فرنسيس لا يزال يحمل في قلبه ذكرى خورخيه ماريو بيرجوليو ذلك الشاب المولود في بيونس ايريس الارجنتينية بحي باجو فلوريس حيث نشأ وقت دراسته الثانوية على حب كرة القدم ورقص التانجو مع فتيات الرعية وخدمة الكنيسة والتربية الدينية وحيث تلقى نداءات دعوته الاولى وقتما كان على مشارف سن السابعة عشر نهار الأحد 21 سبتمبر 1953 بكنيسة سان جوزيف بشارع ريفادافيا.

يوم 18 مايو وبعد حوالي شهرين من اختياره خبراً أعظم في العام 2013 يروي البابا فرنسيس ذو السادسة والسبعون عاماً يومها خبرة الشاب خوريه ماريو بيرجوليو ذو السابعة عشر عاماً، يروي خبرة الشاب الذي أصبح اليوم البابا، حيث قال: "كنت على مشارف سن السابعة عشرة، كان يوم عطلة، و الذي كان يتوافق بالنسبة لنا مع أول أيام فصل الربيع. قبل الذهاب للاحتفال. ذهبت إلى كنيسة الرعية، وجدت كاهنًا لا أعرفه، و شعرت بالحاجة إلى الاعتراف. بالنسبة لي، كان الأمر خبرة لقاء. وجدت شخصًا ينتظرني منذ وقت طويل. بعد الاعتراف؛ شعرت بأن شيئًا قد تغير. لم أعد ذات الشخص القديم. لقد سمعت صوتًا، دعوة: شعرت بأنه يجب أن أصبح كاهنًا. نحن نتحدث عن أنه يجب علينا البحث عن الله، أذهب إليه وتوسل إليه طالبًا غفرانه، ولكن عندما نمضي، يظل هو ينتظرنا، هو هناك أولًا قبلنا. باللغة الإسبانية، لدينا كلمة توضح ذلك جيدًا: "الرب دائمًا يسبقنا اولًا، هو يصل قبلنا، هو ينتظرنا".

يظهر جلياً ان البابا فرنسيس يريد الكنيسة الكاثوليكية أن تصير كنيسة شابه بعمل وجمر حماسة وطاقة الشباب بها وهذا ما يتضح في كلمات رسالته المصورة في نيته الشهوية للصلاة من خلال شبكة الصلاة العالمية والتي خصص صلاتها في شهر أغسطس من أجل الشباب موضحاً رغبته في أن لا تصير الكنيسة ناديا اجتماعياً للمسنين فقط والا ستموت ، أكد البابا فرنسيس في كلماته: "الكنيسة ليست نادٍ للمسنين، كما أنها ليست نادٍ للشباب. وإذا أصبحت ناديًا للمسنين فسيكون مصيرها الموت. لقد كان القديس يوحنا بولس الثاني يقول إنك إذا عشت مع الشباب، فستصبح أنت شابًا أيضًا، والكنيسة بحاجة إلى الشباب لكي لا تشيخ."

امر اخر يظهر رغبة البابا فرنسيس في المحافظة على بقاء الكنيسة أكثر شباباً متمثلاً في اختيارات البابا للكرادلة الجدد حيث أن العديد ممن اختيارهم البابا فرنسيس لنوال القبعات الحمراء ممن هم في سن أصغر من المعتاد حيث رهباناً وقسوساً وليس فقط رؤساء أساقفة او بطاركة، ما يعني أن البابا يسعى إلى الإبقاء على مستقبل قيادة الكنيسة خليطا ما بين حكمة الشيوخ وحماسة الشباب وفي الحالتين يبقى السن مجرد رقم لا يستند اليه البابا فرنسيس بقدر استناده الى قوة ارسالية وحضور الممنوحين هذه الدرجة وتقشفهم وسعيهم الى العمل في الخفاء.

في رسالته إلى الشباب المشاركين في مهرجان الشباب بميدجوريا الاسبوع الجاري يطالب الشباب بأن يصيروا مشتعلين بالحماسة الارسالية متوجهين نحو اولئك الذين يختبرون المعاناة ونحو الذين يبحثون عن الفرح الذي يهبه المسيح، حيث أسرهم وعائلاتهم ومدارسهم وجامعاتهم، وحيث أماكن عملهم وبين مجموعات اصدقائهم وحيثما يتواجدون.

في إرشاده الرسولي "المسيح يحيا" الصادر في مارس من العام 2019 يطرح البابا فرنسيس رؤيته لتكوين وتنشئة الشباب انطلاقاً من سياقات الواقع المعرفية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والرقمية التي لم تكن موجودة يوم استمع الى دعوته الأولى لخدمة الكنيسة في ربيع العام 1953 ببيونس ايريس. يؤكد البابا فرنسيس في صلب إرشاده الرسولي عن الاشكالية الحاضرة التي يواجهها الشباب ويطرح معها الحل الإيماني العملي. يدعو البابا فرنسيس الشباب في إرشاده الرسولي الموجه لهم ولجميع التربويين والمعنين بمرافقة الشباب على دروب الشك والتذبذب والحماس أو اللامبالاة المفرطان مؤكداً على أن الحياة أكثر من أن نراقبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أن نغالي في احلامنا بشأنها.

يدعو البابا فرنسيس الشباب والبالغين معاً في عصر باتت فيه الشيخوخة تصيب روح الشباب على مشارف العشرين داعياً ايهاهم تجنب التقاعد المبكر من الحياة، قائلاً: "أيها الشبيبة، لا تتخلّوا عن أفضل ما في شبابكم، ولا تراقبوا الحياة من الشرفة. لا تخلطوا بين السعادة وبين "الكنبة" ولا تعيشوا حياتكم بأكملها وأنتم أمام الشاشة. ولا تتحوّلوا إلى مشهد مؤسف يشبه السيارة المهجورة! لا تكونوا سيّارات متوقّفة، دعوا الأحلام تنبت واتّخذوا القرارات. خاطِروا، حتى لو كان ذلك يعني ارتكاب الأخطاء. لا تعيشوا وروحكم مخدّرة أو تنظروا إلى العالم وكأنكم سوّاح. ليشعر العالم بوجودكم! اكشفوا عن المخاوف التي تشلّكم، حتى لا تصبحوا شبيبة محنَّطين. عيشوا! أعطوا أنفسكم إلى أفضل ما في الحياة! افتحوا باب القفص، واخرجوا وطيروا! من فضلكم، لا تتقاعدوا مبكرًا."

يبدو أن البابا فرنسيس ذو السادسة والثمانون عاماً يرى في ذاته من الطاقة والقوة والقدرة والروح الشاب المتجدد الذي يرفض معها التقاعد "مبكراً" من مهامه الرسولية كخليفة القديس بطرس.