رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

الأسطول الإثيوبى.. ماذا تفعل القوات البحرية فى دولة حبيسة ؟.. آبي أحمد يهدد باستخدام القوة لامتلاك منفذ بحري.. أديس أبابا تحيي قواتها البحرية

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ استقلال إريتريا فى عام ١٩٩١ أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة، لا تمتلك أي منفذ بحرى يمكن من خلاله استيراد احتياجاتها أو تصدير منتجاتها للخارج، وتعتمد فى ذلك على دولة جيبوتي، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تطورات كبيرة فى سعى أديس أبابا لإنهاء العزلة البحرية، وصلت إلى حد تهديد رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد إلى التهديد باستخدام القوة للحصول على منفذ بحري.

وكانت معضلة إثيوبيا كدولة حبيسة، الشغل الشاغل لرئيس الوزراء آبى أحمد، منذ تولى الحكم قبل ما يقرب خمسة أعوام، وبدأ فى إعادة تكوين القوات البحرية الإثيوبية التى تفككت فى أعقاب استقلال إريتريا، التى تمتلك ميناء مصوع على البحر الأحمر.

 

الأسطول الإثيوبي 
فى نهاية شهر يونيو الماضي، أعلن السفير الإثيوبى فى جيبوتى برهانو صغاي، عن وصول الأسطول البحرى الإثيوبى العاشر، "إم سى أباى الثاني" إلى جيبوتي، وغرد السفير الإثيوبى عبر حسابه على "تويتر"، قائلا: "إنه يغير قواعد اللعبة بالنسبة لقطاع الشحن والخدمات اللوجستية فى إثيوبيا".

وأكد السفير برهانو على تفانى إثيوبيا فى تقديم خدمات الشحن والخدمات اللوجستية التنافسية كخط شحن أفريقى رائد.

وتزامنا مع ذلك أعلنت البحرية الإثيوبية تخريج أعضائها الذين تدربوا فى مجالات مهنية مختلفة، بما فى ذلك الملاحة والهندسة والكهرباء والاتصالات وإدارة التسلح لمدة عامين.

 

إحياء القوات البحرية الإثيوبية
وتعود فكرة إحياء القوات البحرية الإثيوبية قبل خمسة أعوام وتحديدا فى يونيو ٢٠١٨ حيث تعهد رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، بإعادة بناء القدرات البحرية للجيش الإثيوبي، وبدأ فى خطوات تنفيذ وعده بعد شهور قليلة حيث وقع مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى مارس ٢٠١٩ اتفاقا يقضى بتطوير سلاح القوات البحرية الإثيوبية، وتدريب عناصره وأفراده فى فرنسا.

وقال ماكرون "اتفاق التعاون الدفاعى الذى لم يسبق له مثيل يوفر الإطار.. ويفتح بشكل ملحوظ الطريق لفرنسا للمساعدة فى تأسيس مكون بحرى إثيوبي".

الخطوة التالية لذلك جاءت فى مايو ٢٠٢١ حيث وضعت إثيوبيا حجر أساس لبناء مركز تدريب عسكرى بحرى بمدينة بيشوفتو، الواقعة جنوب شرق العاصمة أديس أبابا، وفى يونيو ٢٠٢١ أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أن البلاد بصدد إنشاء قاعدة عسكرية فى البحر الأحمر، مؤكدا أن العديد من الدول تبدى اهتماما بالسيطرة على هذه المنطقة.

وبعد عامين من توقيع هذا الاتفاق، اتخذت فرنسا قرارا فى يوليو ٢٠٢١ بوقف تعاونها العسكرى مع إثيوبيا بسبب حرب تيجراي، التى لم تتوقف إلا فى نوفمبر من العام الماضي، ولكن يبدو أن القرار الفرنسي، لم يكن مؤثرا بشكل كبير على خطط إثيوبيا، لإعادة إحياء قواتها البحرية، حيث كانت وقعت مع روسيا اتفاقا عسكريا.

وفى فبراير من العام الماضي، أطلع مسئولو البحرية الإثيوبية وفدا من البحرية الروسية الزائرة على أن الأعمال جارية لإعادة تنظيم الوحدة البحرية بقوى بشرية مدربة على أساس الوحدة البحرية لدول أخرى وخبرة إثيوبيا الموجودة سابقا كما تم التوصل إلى اتفاق مع البحرية الفيدرالية الروسية للعمل معًا فى مختلف مجالات التدريب.

ولم تعلن باريس صراحة أى تطور جديد بشأن الاتفاق الموقع مع أديس أبابا، إلا أن تصريحات للسفير الفرنسى فى إثيوبيا ريمى مارشو، تشى بأن العلاقات عادت لطبيعتها بين البلدين، حيث أكد "مارشو" لوكالة الأنباء الإثيوبية فى مارس الماضي، أن تطور الوضع فى إثيوبيا مشجع، مشيرا إلى تنفيذ اتفاق السلام المبرم فى بريتوريا بجنوب أفريقيا، وأنه كلما تقدم تنفيذ الاتفاقية، زادت قدرتنا على استئناف المشروع الذى كان لدينا سابقا.


الاستحواذ على الموانئ
واتبعت إثيوبيا استراتيجية الاستحواذ على حصص فى بعض الموانئ، لتأمين منافذ بحرية لها، حيث وقعت اتفاقا مع السودان فى مارس من عام ٢٠١٨ للاستحواذ على حصة فى ميناء بورسودان أكبر منفذ بحرى للسودان.

وفى يونيو من العام نفسه، رعت الإمارات اتفاقا بين أرض الصومال وإثيوبيا يقضى باستحواذ أديس أبابا على حصة تبلغ ١٩٪ من ميناء بربرة، وتحصل موانئ دبى العالمية على نسبة ٥١٪ والنسبة المتبقية لأرض الصومال، ويبعد الميناء عن أديس أبابا، نفس المسافة بين العاصمة الإثيوبية وميناء جيبوتي.

 

آبى أحمد يهدد باستخدام القوة 
وفى خضم كل هذه التطورات، أصدر رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد تهديدا صريحا باستخدام القوة لتمكين بلاده من الحصول على ميناء بحري.

وكشف آبى أحمد عن أن جميع الخيارات، بما فى ذلك التفاوض و"الأخذ والعطاء" وحتى استخدام القوة، مطروحة على الطاولة لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، مشددا فى كلمته أمام حشد من المستثمرين ورجال الأعمال الخميس ٢٠ يوليو الجاري، على الحاجة الملحة لإثيوبيا لامتلاك ميناء خاص بها، مشيرا إلى التكاليف الباهظة وغير المستدامة المرتبطة بالاعتماد على موانئ الدول المجاورة.

وكشف موقع "هورن أوبزرفر" المتخصص فى الشأن الأفريقى أن الحكومة الإثيوبية بدأت بالفعل فى مفاوضات مع بعض الدول وبالتحديد إريتريا وجيبوتى وأرض الصومال التى تسعى لنيل اعتراف دولي، على أمل تأمين طريق إلى ميناء.

وأوضحت الصحيفة أن إثيوبيا اقترحت على إريتريا، منحها ٣٠٪ من أسهم الخطوط الجوية الإثيوبية كورقة مساومة للوصول إلى الموانئ المرغوبة.
وأكد آبى أحمد أن "إثيوبيا تريد الحصول على ميناء من خلال الوسائل السلمية، ولكن إذا فشل ذلك، فسنستخدم القوة".

وتعتمد إثيوبيا حاليا على موانئ جيبوتى وأرض الصومال، لاستيراد وتصدير البضائع وهو الأمر الذى يكلفها أموالا طائلة وغالبا ما تعانى من مشاكل الازدحام، مما يعرض الكفاءة الاقتصادية لإثيوبيا للخطر.

 

هل يدخل آبى أحمد حربا جديدة ؟
ويفتح إعلان آبى أحمد الصريح باستخدام القوة حال فشلت مساعيه لامتلاك منفذ بحري، باب التكهنات حول ماهية التهديد الإثيوبى واستعدادها للدخول فى نزاع عسكرى ضد الدول التى يتفاوض معها، وهو الأمر الذى يمكن أن يغرق القرن الأفريقى فى نزاع مسلح يمتد لسنوات.

وبالنظر إلى الدول التى يتفاوض معها آبى أحمد، فإن أديس أبابا تتمتع بعلاقات جيدة معهم حيث تعد جيبوتى المنفذ الوحيد لإثيوبيا على العالم، لذا فإن لجوء آبى أحمد إلى خيار الحرب معها ربما يكون فى غير محله، كما أنها مرتبطة بخط سكة حديد جديد بطول ٤٧٢ ميلا (٧٥٩ كم) يربط العاصمة أديس أبابا بميناء دوراليه، امتداد لميناء جيبوتي.

وفيما يتعلق بالعلاقات بين أديس أبابا وأسمرة، فتمر بحالة من التوتر المكتوب خاصة بعد توقيع اتفاق بريتوريا الذى أنهى عامين من الحرب الأهلية الإثيوبية، والتى شارك فيها الجيش الإريترى إلى جانب الجيش الإثيوبى وميليشيات فانو فى تحالف ثلاثى ضد جبهة تحرير شعب تيجراي، وسعى الرئيس أسياسى أفورقى من خلاله الحرب على الحصول على بلدة بادمى الحدودية، إلا أنه لم يحصل على مطلبه، وبقيت قواته متمركزة غرب تيجراى تعيق تنفيذ اتفاق بريتوريا الموقع فى نوفمبر الماضي.