الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

«البوابة» تجيب عن السؤال الصعب: لماذا يهاجر الأطباء خارج مصر؟.. إجبار الأطباء على البقاء.. هل يكون الحل؟.. الرئيس السيسى وجه بتقديم حزم تحفيزية ومنظومة مالية ترتقى بالدخل وتحسين بيئة العمل

هجرة الأطباء
هجرة الأطباء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الطبيب المصرى معروف فى الكثير من بلاد العالم بأمانته وجديته فى العمل ومهنيته الشديدة، ولذلك فإن الطلب على استقدم الأطباء المصريين كبير فى الكثير من الدول، سواء فى الخليج العربي، أو الولايات المتحدة، أو أوروبا وخاصة إنجلترا وألمانيا.

 ومع نجاح العديد من النماذج المصرية فى الولايات وأوروبا، أصبح للطبيب المصرى سمعة عالمية ساعدت على زيادة الطلب عليهم، وكان فى مقدمة الأطباء الذين حققوا نجاحا باهرا، الدكتور مجدى يعقوب، والذى كان أحد الطيور المهاجرة إلى بريطانيا، وحقق فيها نجاحا باهرا بشهادة العالم أجمع، حتى قرر العودة إلى مصر لخدمة وطنه. لكن، هل سمعة الأطباء المصريين فقط هى ما ساعدت على هجرتهم وتفريغ البلاد من الكفاءات التى فى أمس الحاجة إليها، أم أن بيئة العمل فى مصر طاردة للأطباء، سواء من حيث المقابل المادى الهزيل، وعدم تقديم الحماية التشريعية والفعلية لهم من الاعتداءات التى تتعرض لها الأطقم الطبية؟ ذلك ما تجيب عنه «البوابة» من خلال فتحها ملف هجرة الأطباء المصريين خارج البلاد.

يبلغ معدل الأطباء فى مصر ٨.٦ طبيب لكل ١٠ آلاف مواطن، فى حين يصل معدل الأطباء العالمى إلى نحو ٢٣ طبيبا لكل ١٠ آلاف مواطن، وفقا لدراسة عن مدى احتياجات مصر للأطباء البشريين والمقارنة بالمعدلات العالمية، أجرتها كل من وزارة التعليم العالى والبحث العلمى ووزارة الصحة عام ٢٠١٩. فى منتصف يونيو الماضي، وخلال كلمته بفعاليات المؤتمر الوطنى للشباب المنعقد فى محافظة الإسكندرية، أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، لهجرة الأطباء من مصر، قائلا: إن البعض يتحدث عن خروج أطباء من مصر وسفرهم للخارج، والسبب فى ذلك أنهم لا يحصلون على الراتب الكافي، وسافروا للبحث عن المرتب الأفضل. وتابع: «وجهنا الحكومة بزيادة عدد خريجى كليات الطب لأننا منقدرش نقول للناس ماتسافروش، ودى حرية شخصية، حتى لو أنا اللى علمته وصرفت عليه وأهلته لكن منقدرش نحبسه جوه البلد». وأوضح أن الأزمة تكمن فى المطالبة بالنموذج المثالي، وهو أمر صعب لأن الدولة فى حراك مستمر من أجل الأفضل، وهو أمر مشروع ومعمول به فى كل الدول ومع كل الشعوب، وخطوات السير نحو الأفضل لا تنتهي.

حزم تحفيزية للأطباء

وفى أغسطس من العام الماضى وجه الرئيس السيسي، بـ«تقديم حزم تحفيزية للأطباء بتطوير منظومة مالية من شأنها الارتقاء بدخل الطبيب وتحسين بيئة العمل الخاصة بهم، لا سيما فى التخصصات الطبية النادرة، مع منح امتيازات خاصة للأطباء العاملين فى المحافظات النائية، وكذلك تعديل منظومة تكليف الأطباء بالكامل»، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية وقتها.

إلا أن هذا كله لم يمنع هجرة الأطباء للخارج ولم يقف هذا النزيف الذى تشهده المستشفيات من نقص كوادرها الطبية، لتبحث «البوابة» كل الأسباب التى عمقت من تلك الأزمة فى الملف التالي.

احتياجات وتوصيات

نعود لدراسة «مدى احتياجات مصر للأطباء البشريين والمقارنة بالمعدلات العالمية»، والتى صدرت فى مارس ٢٠١٩ بتعاون كل من وزارة التعليم العالى والبحث العلمي، ووزارة الصحة والسكان.

وذكرت الدراسة أن أعداد الأطباء البشريين الحاصلين المرخص لهم بمزاولة مهنة الطب حتى آخر عام ٢٠١٨ بدون الأطباء على المعاش تقدر بـ٢١٢ ألفا و٨٣٥ طبيبا، بينما من يعمل وقتها فعليًا فى مصر بالجهات المختلفة التى تشمل وزارة الصحة والمستشفيات الجامعية الحكومية والخاصة وجامعة الأزهر والمستشفيات الشرطية عدد تقريبًا ٨٢ ألف طبيب فقط بنسبة ٣٨٪ من القوة الأساسية المرخص لها مزاولة مهنة الطب.

وأصدرت الدراسة عدة توصيات، منها: تبنى الدولة بكل مؤسساتها خطة لاسترجاع الأطباء للعمل بالقطاع الحكومى المصرى والتى تقوم الخطة على رفع المستوى التدريبى الذى يتم تقديمه للأطباء وتأمين بيئة العمل المناسبة ورفع المستويين المادى والاجتماعى للأطباء، بحيث تستهدف هذه الخطة خلال خمس سنوات عودة ألف طبيب للعمل بالقطاع الصحى الحكومي.

كما أوصت الدراسة بضرورة العمل على زيادة عدد الطلاب الذين يتم قبولهم بكليات الطب البشرى بالجامعات الحكومية والخاصة على ١٠ آلاف طالب سنويًا، بما لا يتعارض مع إمكانيات الكليات والمستشفيات الجامعية فى توفير مستوى جيد من التعليم الطبي، وكذلك أوصت بالتوسع فى إنشاء كليات بشرى جديدة حكومية أو خاصة أو أهلية بما لا يخل بمعايير الالتحاق أو التدريب الطبى فيها.

نقابة الأطباء تدق ناقوس الخطر

وفى تقرير لنقابة الأطباء فى عام ٢٠٢٢ تحت عنوان «نقابة الأطباء تدق ناقوس الخطر»، أوضحت أنه بعد مرور ثلاث سنوات على إصدار تلك الدراسة وبعد تنفيذ بعض توصيات الدراسة بالفعل من زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب وإنشاء كليات طب جديدة حكومية مثل "العريش" و"الوادى الجديد"، وخاصة مثل "ميريت" و"النهضة" وغيرها، إلا أن الأرقام والإحصاءات تؤكد أن الوضع ما زال سيئًا أو أسوأ، مع زيادة عزوف الأطباء عن العمل بالقطاع الحكومى وتزايد سعيهم للهجرة خارج مصر، فالسنوات السابقة لإعلان تلك الدراسة كشفت عن عدد الأطباء الذين تقدموا باستقالاتهم خلالها من العمل الحكومى المصرى وحصلوا على شهادة طبيب حر من نقابة الأطباء.

ففى عام ٢٠١٦ كان عدد المستقيلين من الأطباء ١٠٤٤ طبيب، وفى عام ٢٠١٧ كان العدد ٢٥٤٩ طبيبا، وعام ٢٠١٨ بلغ عدد الأطباء المستقيلين ٢٦١٢ طبيبا، أما السنوات التى تلت إعلان دراسة الاحتياجات، فعام ٢٠١٩ شهد استقالة ٣٥٠٧ طبيبا، وفى عام ٢٠٢٠ استقال ٢٩٦٨ طبيبا، أما عام ٢٠٢١ فكان العدد الأكبر من المستقيلين من العمل الحكومى وبلغ ٤١٢٧ طبيبا، وأسفرت إحصاءات الشهور الأولى من عام ٢٠٢٢ حتى يوم ٢٠ مارس من نفس العام عن استقالة ٩٣٤ طبيبا، بإجمالى عدد ١١ ألفا و٥٣٦ طبيبا مستقيلا منذ أول ٢٠١٩ حتى ٢٠ مارس ٢٠٢٢. ليكون عدد الأطباء العاملين فى القطاع الحكومى ٩٣ ألفا و٥٣٦ ألف طبيب تقريبا،، وتكون نسبة الأطباء فى القطاع الحكومى إلى عدد الأطباء المرخص لهم بمزاولة المهنة تحت سن المعاش ٤٠.٨٪ بزيادة ٢.٨٪ فقط عن أول عام ٢٠١٩، وتزداد نسبة الأطباء إلى المواطنين إلى ٩.٢٪ طبيب لكل ١٠ آلاف مواطن بدلًا من ٨.٦٪ فى أول عام ٢٠١٩ إلا أنها تظل بعيدًا عن المعدل العالمى المقدر بـ٢٣ طبيبًا لكل ١٠ آلاف مواطن.

لجنة لدراسة تحسين أحوال الأطباء

وفى مارس الماضي، قرر الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، تشكيل لجنة برئاسته لدراسة تحسين أحوال الأطباء.

وضمت اللجنة فى عضويتها وزراء صحة سابقين، ووزير التعليم العالى الأسبق، ونقيب الأطباء، وأحد أعضاء مجلس النقابة، والمستشار القانونى لوزير الصحة، واثنين من شباب الأطباء يرشحهم مجلس النقابة، إضافة إلى ممثلين عن وزارتى العدل والمالية. وتركز لجنة تحسين وضع الأطباء، على ٣ محاور، تشمل الوضع المادي، والتدريب والتعليم، والوضع القانونى بهدف «توفير حياة كريمة للأطباء».

وأرجع مسئولون بنقابة الأطباء سبب القرار إلى هجرة الكثير من الأطباء المصريين للعمل فى دول الخليج، والولايات المتحدة، وأوروبا، وخاصة بريطانيا.

لماذا بريطانيا تحديدًا؟

فى أكتوبر الماضى كشف تقرير للقوى العاملة فى بريطانيا حول «حالة التعليم والممارسة الطبية فى المملكة المتحدة» ارتفاع نسبة الأطباء المصريين المهاجرين إلى بريطانيا ٢٠٢٪، وذلك منذ عام ٢٠١٧ حتى ٢٠٢١.

وأوضح التقرير أن ٤٣٥ طبيبًا مصريًا هاجروا إلى بريطانيا فى ٢٠١٧، زادوا فى العام التالى إلى ٧٥٦ طبيبًا، ثم ارتفع العدد إلى ١٣٠١ طبيبا فى ٢٠١٩، وفى ٢٠٢٠ انخفض إلى ١٢٢٠ طبيبًا، ثم عاود الارتفاع إلى ١٣١٢ طبيبًا فى ٢٠٢١.

ووفقًا للتقرير، تأتى مصر بعد الأردن والسودان فى دول الشرق الأوسط فى هجرة الأطباء إلى بريطانيا.

كما أظهر التقرير ارتفاع عدد اﻷطباء العاملين فى المجال الصحى فى بريطانيا بين عامى ٢٠١٧ و٢٠٢١ بنسبة ١٧٪، بواقع ٢٨٣ ألفًا و٦٦٣ طبيبًا حاصلين على رخصة مزاولة المهنة فى بريطانيا.

ولكن السؤال لماذا بريطانيا تحديدا، وتجيب دكتور شيرين غالب، نقيب أطباء القاهرة، قائلة: إنجلترا وألمانيا هما أكثر الدول طلبًا للأطباء المصريين، حيث تعانى إنجلترا من نقص كبير فى عدد الأطباء وهو ما يدفعها لطلب العديد من الأطباء على مستوى العالم، فضلا عن عامل اللغة حيث يدرس الطالب المصرى المناهج فى كلية الطب باللغة الإنجليزية وهو ما ييسر عليه إجراءات الهجرة.

يقدر إجمالى نفقات الرعاية الصحية فى بريطانيا لعام ٢٠٢١ بنحو ٢٧٧ مليار جنيه إسترليني، وهو ما يمثل ١١.٩٪ من إجمالى الناتج المحلى لبريطانيا، وبمقارنة الوضع فى مصر فقد بلغت مخصصات الصحة فى الموازنة العامة الجديدة ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤ نحو ١٤٧ مليارا و٨٦٤ مليون جنيه، وهو ما يمثل حوالى ١.٥٪ من الناتج المحلى البالغ ٩.٨ تريليون جنيه، وبالتالى لم تصل إلى النسبة الدستورية المحدد بـ٣٪ من الناتج المحلي. ومن بين أسباب ازدياد الهجرة إلى إنجلترا أيضا، تخفيف لندن إجراءات القيود المفروضة على منح تأشيرة الدخول للكوادر الطبية بالتزامن مع معاناة العالم من جائحة «كوفيد-١٩». ويشترط على جميع خريجى الطب فى مصر العمل فى القطاع الحكومى لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يتمكنوا من الانتقال للعمل فى المنشآت الصحية الخاصة.

أسباب الهجرة

«تدنى الأجور والاعتداءات المتكررة على الطواقم الطبية، وعدم وجود قانون يحدد الفرق بين الخطأ الطبى والمضاعفات الطبية»، كانوا أبرز ثلاثة أسباب للهجرة ذكرها دكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس نقابة الأطباء المنتهية ولايته. ويضيف «الطاهر»، فى تصريحات لـ«البوابة»، أن هناك تزايدا فى معدل هجرة الأطباء من مصر فى السنوات الأخيرة، فتدنى الأجور يعتبر على رأس عوامل الطرد من مصر، حيث إن الطبيب الشاب لا يستطيع أن يعيش بالحد الأدنى من الحياة الكريمة، فلا يعقل أن يكون إجمالى مرتبه لا يصل إلى ثلاثة آلاف جنيه وأن تكون قيمة النوبتجية لمدة ١٢ ساعة متواصلة هى ٤٥ جنيها وخلال ساعات عمله الشاقة يواجه بالعديد من الأخطار مثل التعرض المباشر للعدوى ناهيك عن الاعتداءات المتكررة وتحميله عبء نقص أى مستلزمات. وتابع: المشكلات التى أدت لتزايد هجرة الأطباء معروفة وحلولها أيضا معروفة، وهى ببساطة تكمن فى علاج الأسباب بشكل حقيقى، وليس بدفن الرءوس بالرمال ومحاولة البحث عن أى حلول غير منطقية، فبالطبع ليس حلا أن يفكر البعض فى زيادة عدد المقبولين بكليات الطب أولا لأننا نحتاج حوالى ١٤ سنة منذ دخول طالب الطب للكلية حتى يصبح طبيبا متخصصا، وثانيا وهو الأهم أنه مهما زاد عدد الخريجين فسيلحقون بمن سبقهم للخارج طالما بقيت نفس المشكلات موجودة.

وتابع «الطاهر»: أبسط قواعد الإقامة الكريمة غير موجودة بمعظم المستشفيات، فلا يخفى علينا الحالة المتردية لمعظم أماكن إقامة الأطباء بالمستشفيات، وتدنى المعاشات أيضا ضمن العوامل المهمة، فكيف يعيش طبيب أفنى عمره فى العمل ثم خرج على المعاش مقابل ٢٥٠٠ جنيه لن يكفوه لشراء علاجه الشهري، والجدير بالذكر أن النقابة قدمت مشروعا بإنشاء صندوق للمعاش التكميلى أسوة بالعديد من الجهات الأخرى، ولكنه ما زال حبيس الأدراج منذ سنوات.

أين قانون المسئولية الطبية؟

وتابع "الطاهر": بالطبع ليس ضعف التقدير المادى فقط ما يعانيه الطبيب المصري، بل أيضا الحملات المتكررة التى نراها تنطلق خاصة كلما طالب الأطباء بحق من حقوقهم، فيتم اتهامهم بالإهمال ووضعهم كبش فداء لجميع أسباب قصور المنظومة الصحية، ما أدى تدريجيا لاستعداء وشحن المجتمع ضدهم وتسبب فى تزايد حالات الاعتداء على الأطباء دون وجود قوانين رادعة لحمايتهم أثناء عملهم، وعلى الرغم من تقديم نقابة الأطباء مشروع قانون للبرلمان بتشديد عقوبة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين بها إلا أن هذا المشروع حبيس أدراج البرلمان منذ سنوات.

استبيان عن ظروف العمل فى مصر

فى فبراير الماضى سعت نقابة الأطباء الى دعوة جميع الأطباء للمشاركة فى استبيان عن ظروف العمل فى مصر، وذلك للخروج بإحصائية تكون إحدى وسائل النقابة فى التفاوض مع الجهات المعنية لتحسين بيئة العمل الطبى فى مصر والحد من هجرة الأطباء بوضع حلول لمشكلاتهم، وأكدت سرية البيانات الشخصية فى الاستبيان والضرورية لعدم مشاركة غير الأطباء فيه.

وفى مارس أعلنت النقابة الاحصاءات الأولية فى الاستبيان الذى طرحته عن ظروف العمل الطبى فى مصر سواء بالقطاع الحكومى أو الخاص رابط، وأشارت إلى مشاركة عدد ٢٠٨٩ طبيبا وطبيبة، منهم ٢٥٣ طبيبا وطبيبة يعملون فى القطاع الخاص فقط، وعن التسرع فى ترك العمل الحكومى أجاب ٢٢٦ طبيبا وطبيبة بأنهم راضون عن قرارهم بترك العمل الحكومى ولم يتسرعوا فيه ولا يرغبون فى العودة إليه.

الرواتب فى الخارج

وفى إطار مقارنة أحوال الأطباء بالدول المختلفة خارج مصر، والتى تضع مميزات عديدة لجذب الأطباء لما تعانيه دول العالم من عجز فى عدد الأطباء، تواصلت لجنة الإعلام بنقابة الأطباء مع الدكتور عمرو الشورى، عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق والذى يعمل حاليًا طبيبًا بمستشفى بالنرويج، والذى أطلع اللجنة على دخول الأطباء فى النرويج حسب درجاتهم الفنية.

وكانت رواتب الأطباء فى النرويج بحسب «الشورى» كما يلي: يمثل متوسط دخل طبيب الامتياز ما يعادل ١٢٩ ألف جنيه مصرى شهريا، والطبيب المقيم حتى سنتى عمل يعادل دخله ١٤٢ ألف جنيه شهريًا، والطبيب المقيم الذى يعمل منذ ٤ سنوات دخله يعادل ١٥٣ ألف جنيه شهريا والأكثر من ٤ سنوات دخله ١٧٠ ألفا، والإخصائى دخله يعادل ١٩٨ ألف جنيه مصرى شهريا.

وتابع عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق مشيرا إلى أن هذه المبالغ هى الراتب الأساسي، بدون مقابل الساعات الإضافية والنوباتجيات والتى يختلف عددها من تخصص لآخر ومستشفى لآخر، حيث يتقاضى ما يعادل ٥٤ ألف جنيه شهريًا مقابل النوباتجيات المكلف بها، وأن نقابة الأطباء فى النرويج تتفاوض على تعديل أجور الأطباء حسب مقتضيات الوقت وتنشر النقابة على موقعها هذه الأجور.

وعلق "الطاهر" قائلا: فى الوقت الذى يتعرض فيه الأطباء بمصر لكل هذه المعوقات التى تجعل بيئة العمل طاردة لهم من بلدهم، فإننا، فى المقابل نجد أن الدول الأخرى تعرف قدر الطبيب المصرى وأمانته وجديته فتضع له المحفزات وعوامل الجذب، من تسهيلات فى السفر إلى أجر كريم وبيئة عمل لائقة ونظام محاسبة علمية ولوائح عمل دقيقة تحفظ الحقوق والواجبات، مما جعل وتيرة هجرة الأطباء للخارج تتزايد.

طالب أحد النواب بالبرلمان، خلال شهر يوليو الجاري، بتعميم شروط استقالة ضباط الشرطة المقترحة فى مشروع قانون جديد على الأطباء، التى تقضى بعدم ترك الخدمة بعد التخرج، إلا بعد مرور ١٠ سنوات، مع مطالبة من يرغب فى الاستقالة بدفع ٣ أضعاف تكاليف تعليمه الجامعي.

وتعليقا على المقترح البرلماني، قال الدكتور حسين خيري، نقيب الأطباء المصريين، إن محاولة فرض بقاء الأطباء فى الوظيفة بالقوة وعبر تطبيق عقوبات مادية «منظور قاصر وغير مجدٍ».

وأوضح خيرى فى تصريحات صحفية أن معالجة أزمة ارتفاع معدلات هجرة الأطباء المصريين «تحتاج إلى منظور مختلف، يركز بالأساس على تحسين ظروف عملهم وتقديم بيئة جاذبة للبقاء، وليس عبر فرض غرامات أو عقوبات لن تجدى نفعا،، بل ستؤدى إلى نتائج عكسية».

وشدد نقيب الأطباء المصريين على أن معالجة أزمة هجرة الأطباء «تتطلب إصلاحًا شاملًا لأوضاع الطبيب والمنظومة الصحية»، وفى مقدمتها «تحسين الأوضاع بالمستشفيات، وتوفير الحماية للأطباء من الاعتداءات، وتقديم قانون عادل للمسئولية الطبية بما لا يضع الطبيب دائمًا تحت التهديد، والتشهير بحقه فى الإعلام، إضافة إلى معاملة ضريبية شفافة».

وأضاف خيرى أن «مواجهة الأزمة ينبغى أن يشمل تحسين أوضاع الطبيب ماديًا ومعنويًا، وإتاحة فرص استكمال الدراسات العليا، التى لا تتاح سوى لنسبة محدودة من الأطباء بسبب الأوضاع الوظيفية الضاغطة، إضافة إلى تحسين فرص التدريب واكتساب الخبرات، وكلها عوامل ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار، قبل الحديث عن فرض غرامات أو تطبيق عقوبات بحق الأطباء المستقيلين».