أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً تناول خلال بالمعلومات والمؤشرات قطاع الخدمات، مشيراً إلى أن هناك اعتقاد سائد بين البعض وهو أن قطاع الخدمات قطاع ثانوي لا يخلق الثروة كقطاعي الزراعة والصناعة، ولكن في الحقيقة فإن قطاع الخدمات هو القطاع الأقدم بين القطاعات الاقتصادية، فقبل اكتشاف الزراعة والثورة الصناعية، كان الأفراد يمارسون خدمات السفر والنقل والضيافة ونقل المعلومات دون دراية بمسمى هذا النشاط، فكانوا يقومون به ولا يطلقون عليه المصطلح الاقتصادي المعروف اليوم بــ"قطاع الخدمات"، وحتى مع اكتشاف الزراعة والصناعة كانت الخدمات جزءًا لا يتجزأ من اكتمال الدورة الاقتصادية لتلك القطاعات، فلولا خدمات النقل والشحن والتخزين والتجارة لما تحققت الاستفادة الحقيقة من المنتجات الزراعية والصناعية. والآن يخطو قطاع الخدمات خطى واسعة في ظل ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات؛ حتى أصبح المساهم الأكبر في الناتج المحلي والتشغيل لجميع الاقتصادات المتقدمة والنامية.
وأشار مركز المعلومات في تحليله إلى أن الخدمات هي "أنشطة غير ملموسة، قد تكون مقترنة بمنتجات مادية، لكن إنتاجها غير ملموس، كخدمات الاتصالات"، ويتميز قطاع الخدمات بتشعب الأنشطة التي تندرج أسفل منها، ومن أمثلتها: تجارة الجملة والتجزئة، والمطاعم والفنادق، والنقـل واللوجستيات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المالية والمصرفية، والتشييد والبناء والأنشطة العقارية، والتعليم والصحة والتسويق، والأعمال الإدارية والتجارية، والأنشطة الحكومية، والأنشطة الاجتماعية، والأنشطة الترفيهية والثقافية، والخدمات الأمنية، والخدمات المنزلية، كما يذهب البعض لتصنيف الخدمات وفقًا للعديد من المعايير، على حسب الهدف من الخدمة وحجم العمالة بها ونوع المستهلك والمنتج وسبل تسويقها وطبيعة الخدمة.
واستعرض مركز المعلومات الأهمية الاقتصادية لقطاع الخدمات، مشيراً إلى أنها تُعد محرك رئيس للاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء، ويرجع ذلك إلى كونها المساهم الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وارتفعت تلك النسبة لأكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات الدول مرتفعة الدخل حتى عام 2021. كما يعد قطاع الخدمات بوابة لفرص العمل لحوالي 50% من المشتغلين عالميًّا بناءً على مساهمته المرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي مقابل تراجع نسبة المشتغلين في قطاع الزراعة وثبات نسبي لقطاع الصناعة، أما على مستوى الاقتصادات فقد ساهم قطاع الخدمات في توفير فرص عمل في الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل بنسبة 45% عام 2021 كما يُمثل العاملون في قطاع الخدمات في الاقتصادات ذات الدخول المرتفعة نحو 75% من إجمالي المشتغلين، وتسهم بنسبة أكبر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي لتلك الدول.
وأضاف المركز، أن نمو قطاع الخدمات في اقتصادات الدول لا يعني تقلص قطاع التصنيع، بل تساهم الخدمات في التوسع في التصنيع بفضل الميكنة والأتمتة، فقد أصبحت قطاعات مثل: التأمين" و"النقل واللوجستيات" و"الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" تلعب دورًا في تعزيز الأداء الصناعي في ظل اعتبارها مدخلات وسيطة رئيسة.
واستعرض التحليل النمو المتسارع للتجارة الدولية للخدمات في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن التجارة الدولية للخدمات شهدت قفزة نتيجة للتقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وقدرة العالم على وضع قواعد حاكمة للتجارة في الخدمات من خلال الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (GATS) التي سرى مفعولها منذ بداية عام 1995 في إطار منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة الإقليمية، ومن ملامح الدور الاقتصادي لتجارة الخدمات عالميًّا:
- مساهمة تجارة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي: حيث ارتفعت حصة التجارة الدولية للخدمات من الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 13.8% عام 2019، مقارنة بنحو 7.9% عام 1996، ثم تراجعت حصة تجارة الخدمات لتصل إلى 11.8% و12.1% في عامي 2020 و2021 وذلك بفعل تداعيات جائحة كوفيد-19 على أنشطة السفر والنقل والفنادق والمطاعم واللوجستيات على وجه الخصوص، كما تجاوزت حصة تجارة الخدمات 316% في دولة لكسمبورج و137% في أيرلندا عام 2021، وتخطت نسبة 30% في العديد من الدول النامية.
- ارتفاع حصة صادرات الخدمات في التجارة العالمية: حيث تستحوذ صادرات الخدمات على خمس التجارة العالمية؛ ووصلت قيمة صادرات الخدمات إلى نحو 6 تريليونات دولار مقابل 24 تريليون دولار قيمة صادرات السلع عام 2021، ومن المتوقع أن تتزايد نسبتها من التجارة بشكل مطرد في المستقبل القريب، نظرًا لإدخال تكنولوجيات نقل جديدة (مثل الخدمات المصرفية الإلكترونية أو خدمات الصحة عن بُعد أو التعليم عن بُعد).
وتناول مركز المعلومات في تحليله أوضاع قطاع الخدمات في مصر، موضحاً أن قطاع الخدمات يشهد نموًّا متزايدًا في الاقتصاد المصري ليتجاوز نسبة 50% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ وصلت قيمته إلى أكثر من 200 مليار دولار في عام 2021 مقابل 101 مليار دولار في العام 2010، أي تضاعف قيمة قطاع الخدمات خلال العقد الماضي، وقد انعكس حجم قطاع الخدمات على أداء الميزان التجاري للخدمات الذي يتميز بتحقيق فائض لصالح مصر على عكس الميزان التجاري السلعي، مدفوعًا بارتفاع حصيلة إيرادات السفر والنقل، على وجه الخصوص، وهو ما يجعل تجارة الخدمات المصرية متقلبة وفقًا لأحوال السفر والنقل العالمي، حيث تراجع فائض ميزان الخدمات في عام 2020/ 2021، بسبب جائحة كوفيد 19، وبالنظر لهيكل الصادرات الخدمية خلال عام 2021، نجد أن السفر والنقل استحوذا على حوالي 79% من الصادرات الخدمية المصرية، وفي ظل الارتفاع في قيمة قطاع الخدمات بالاقتصاد المصري وتنوع قطاعاته، أصبح يمثل مصدرًا لتوليد فرص العمل.