الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

قصة اختراع التكييف.. كيف تغلب المصريون القدماء على درجات الحرارة المرتفعة

التكييف
التكييف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

دفع لهيب الحر الشديد، الإنسان منذ القدم للتفكير في اختراع يخفف عنه معاناته، ولأن الحاجة هي أم الاختراع، فقد مر «اختراع الهواء البارد» بعدة مراحل، بداية من المروحة حتى الوصول إلى التكييف.

وقد عرف «اختراع التهوية» تطورات شتى، فمر بمراحل عدة إلى أن اتخذ شكله الحالي.
 فبدأ الإنسان القديم باختراع طريقة للتهوية درءًا لحرارة الجو، وتجفيفًا للعرق من على جسده، وإضفاء قدر من البرودة اللازمة.

بداية ظهور المروحة:


ظهرت المروحة بنسختها الأولى مع المصريين القدماء، منذ آلاف السنين؛ إذ استخدموا أوراق البردي واللوتس كحلٍّ لتلطيف الأجواء، فيما استخدم الإغريق والرومان ريش الطاووس كمروحة، أما في الهند، فصنعت من سعف النخيل.


وتسمى مروحة اليد في العراق «الهفاهيف»، وفي الكويت تسمى «رهطة» المصنوعة من ريش النعام. وفي سوريا والأردن «هواية»، وفي تونس «مروحة»، وفي الصعيد المصري «الهفافة».
 

تلطيف الأجواء في المناسبات 


في القرن ال14 الميلادي ظهرت المروحة المحمولة الصينية الشهيرة مع سلالة مينغ، فحققت بعدها انتشارًا واسعًا في أوروبا، لكن في مرحلة أولى كانت تلك المروحة حكرًا على الأغنياء الذين اعتمدوها بكثرة لتلطيف الأجواء في المناسبات.
وفي القرن الثامن الميلادي اخترع اليابانيون مراوح قابلة للطي، مستوحاة من طريقة طي الخفافيش لأجنحتها، ثم ظهرت المروحة المحمولة الصينية في القرن الرابع عشر الميلادي، التي غزت أوروبا بعد ذلك، لتكون سمة للأغنياء لتتحول إلى بذرة اختراع المروحة التي أسعدت الفقراء في الصيف.

 

المروحة الكهربائية


المروحة الكهربائية


التطور الأهم في المروحة كوسيلة تهوية كان عندما ظهر اختراع المروحة الكهربائية التي اكتسبت أهمية كبيرة في مواجهة الحر الشديد، وأصبحت من الأجهزة التي يصعب الاستغناء عنها لدى ارتفاع درجات الحرارة.
وظهر هذا الاختراع المهم عام 1882 على يد المهندس الأمريكي شويلر سكاتس ويلر، الذي ابتكر مروحة كهربائية تعمل بشفرتين قبل أن تشهد تغييرات وتطورات أخرى من حيث الشكل والإمكانات.
وتعتبر مراوح السقف من أكثر الأجهزة المستخدمة في المنازل والمكاتب وكذلك المستشفيات العامة والخاصة، فضلًا عن سائر الأماكن والمنشآت العامة والخاصة، لا سيما خلال فصل الصيف؛ حيث تعمل على توزيع الهواء في كافة أنحاء المكان، مما يعمل على ترطيب الجو.


الصين أكبر منتج
 


وتعدّ الصين أحد أكبر منتجي ومصدري مراوح السقف في جميع أنحاء العالم؛ إذ تدفع الظروف المناخية الدافئة جنبًا إلى جنب مع عدد السكان الضخم بشكل كبير إلى استهلاك مراوح السقف في المنطقة، تليها أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية.
وتجدر الإشارة إلى أن أشهر المراوح بالسوق في الوقت الراهن هي مراوح السقف، العمود، الحائط، والمكتب، وهذا على الرغم من ظهور أشكال عديدة أخرى من المراوح مؤخرًا، مثل مروحة اليد والديجيتال.


عصر التكييف
ويعود الفضل في ذلك لمخترع تكييف الهواء في أوائل القرن العشرين، الأمريكي ويليس هافيلاند كارير، الذي قدّم تصميمه لأول نظام تكييف حديث في عام 1902، محققًا إنجازًا كان يُعتقد في السابق أنه مستحيل، وقد أدى اختراعه إلى ظهور شركة رائدة عالميًا في مجال التدفئة وتكييف الهواء والتبريد.
كما جلب اختراعه أرباحًا قدرت بمليارات الدولارات لشركته، فضلًا عن توظيف عشرات الآلاف، وتوسيع اتراعه أرباحًا قدرت بمليارات الدولارات لشركته، فضلًا عن توظيف عشرات الآلاف، وتوسيع الحركة والنشاط التجاري وغيره إلى المناطق الحارة.
النقلة النوعية التي حققها كارير حدثت عندما جاءته فكرة عابرة، في أواخر خريف عام 1902، فبينما كانت منصة قطار بيتسبرغ ضبابية في عام 1902، حدّق كارير في الضباب، وأدرك أنه يمكنه تجفيف الهواء عن طريق تمريره عبر الماء لخلق الضباب.
 


براءة اختراع
 

عالج كارير المشكلة من خلال دفع الهواء إلى الغرفة عبر أنابيب مملوءة بالماء البارد، ولمَّا امتص الهواء البارد الحرارة من الهواء في غرف التخزين انخفضت الرطوبة في الجو، وبالتالي انخفضت درجة الحرارة.
وبعد عدة سنوات من الاختبارات والتطوير وتحديدًا في عام 1906، مُنِحَ ويليس براءة اختراع أمريكية لجهاز معالجة الهواء. ومع بداية الحرب العالمية الأولى في أواخر عام 1914، قررت شركة «بوفالو فورج»، التي كان يعمل فيها ويليس لمدة 12 عامًا، أن تركز أنشطتها بالكامل على التصنيع.
ونتيجة لذلك، قرر سبعة من المهندسين تأسيس شركة «كارير للهندسة» برأسمال بلغ 32.600 دولار في عام 1915. والمهندسون هم: ويليس كارير، وجيه أيرفين لايل، وأدوارد ميرفي، ولوجان لويس، وأيرنست لايل، وفرانك سانا، وألفريد ستاسي. واتخذت الشركة ولاية نيوجيرسي مقرًا لها.
ثورة عالمية بسبب الاختراع
استُخدم جهاز التكييف الخاص بكارير في الكثير من أماكن العمل، منها مصانع القطن والمنسوجات والحلوى والمعكرونة.. وغيرها، لكن أدى الكساد الاقتصادي إلى التقليل من استخدام المنازل والمحال التجارية لمكيفات الهواء، إضافة إلى نشوب الحرب العالمية الثانية؛ ما دفع كارير للانتقال بشركته إلى مدينة نيويورك.
وظلت شركة «كارير» لمؤسسها الذي توفي في أكتوبر/تشرين الأول عام 1950 عن عمر يناهز 74 عامًا، رائدة في تصميم وتصنيع أجهزة التبريد.


الحياة بلا تكييف!
 

لولا اختراع جهاز تكييف الهواء لكانت معدلات العنف والوحشية والقتل ستزيد بسبب الحرارة الشديدة، كما كانت ستنخفض معدلات الإنتاجية بنسبة 40% على مستوى العالم.
ووفقًا لمقال للكاتبة الأمريكية الراحلة مولي إيفينز عن الحياة بلا تكييف، فقد «كانت ستنهار اللوحات الجدارية ميكيلانجيلو في كنيسة سيستينا منذ القرن ال16؛ بسبب عجزها عن مقاومة الرطوبة والحرارة، كما كان من المستحيل التعدين العميق داخل الأرض بحثًا عن الذهب والفضة والمعادن الأخرى، وأكبر تلسكوب في العالم لن يعمل بسبب تراكم الرطوبة، ولن يتمكن الكثير من أطفالنا من التعلم في بيئة صحية»، إلا أن التكييف وضع حدًا لكل تلك العقبات.