الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

زاهى حواس يكتب: الثعبان الحارس.. قصة الكشف عن وادى المومياوات الذهبية ومقبرة حاكم الواحات البحرية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هى أكثر اللحظات إثارة وغموضًا فى حياة المكتشف.. إنها لحظة أن يكشف الأثرى الستار عن كشف أثرى جديد.. عندما تقع عيناك على أثر ظل دفين الرمال لآلاف السنين وتقوم أنت بيديك بالكشف عنه للمرة الأولى، لكى تكتب صفحة جديدة فى كتاب التاريخ.
كنا قد عثرنا فى منطقة سقارة بالقرب من أهرامات الجيزة الشهيرة على مقبرتين ظلتا لآلاف السنين أسفل رمال سقارة. وفى يوم الكشف وجدت نفسى استيقظ من النوم مبكرًا وقبل شروق شمس اليوم الجديد وذلك بعد سلسلة من الأحلام العجيبة التى اعتدت على رؤيتها قبل فتح أى مقبرة أثرية جديدة.
ولقد شدنى الكشف الجديد إلى ما حدث منذ أعوام قليلة.. عندما قمت باكتشاف مقبرة حاكم الواحات البحرية فى عصر الأسرة ٢٦ المعروفة فى التاريخ باسم العصر الصاوى. وقد ظلت هذه المقبرة غير معروفة المكان وتقع أسفل منازل مدينة الباويطى عاصمة الواحات البحرية التى تبعد أكثر من ثلاثمائة كيلومتر عن القاهرة.
كان العالم الأثرى الكبير أحمد فخرى هو الأثرى المصرى الوحيد الذى أولى عناية فائقة باكتشاف آثار الواحات المصرية، وعمل فى الواحات البحرية وحقق اكتشافات كبيرة؛ منها: مقصورة حاكم الواحات البحرية جد خنسو إيوف عنخ فى منطقة معبد عين المفتلة الذى يرجع إلى عصر الملك أحمس الثانى «أمازيس» (٥٧٠ - ٥٢٦ق.م)، وظل أحمد فخرى يبحث عن مقبرة حاكم الواحات لسنوات طويلة، وعلى الرغم من أن حفائره توقفت على بعد أمتار قليلة من مكان المقبرة فقد كان قدره ألا يكون هو مكتشفها وتظل المقبرة مخفية لأكثر من نصف قرن آخر حتى وقت اكتشافى لها.
عندما دخلت إلى حجرة الدفن وجدت على المدخل ثقبًا صغيرًا.. نظرت منه إلى الداخل بعدما سلطت الضوء إلى حجرة الدفن لأرى تابوتًا رائعًا لم يسبق أن رأيت مثله من قبل.. وتذكرت لحظة أن كشف هيوارد كارتر عن مقبرة «توت عنخ آمون» فى الرابع من نوفمبر من عام ١٩٢٢، وكانت مقولته المشهورة عندما سأله اللورد كارنانفون عما يرى وكان كارتر ينظر من ثقب إلى داخل المقبرة فرد قائلًا: أشياء جميلة.. أشياء جميلة!.


دخلت إلى حجرة الدفن ومعى مساعدى طارق العوضى فى فريق العمل ووجدنا غطاء التابوت ممثلًا عليه مناظر لربتى الحماية فى مصر القديمة «إيزيس» و«تفتيس» وتصوير بديع لـ«أوزير» إله الموتى فى مصر القديمة.. وكان غطاء التابوت يصل وزنه إلى أكثر من عشرة أطنان من الحجر الجيرى، وقررت فتح التابوت بعد أن قمت بإحضار الريس طلال وأخيه أحمد الكريتى من سقارة وهما من عائلة تخصصت فى التعامل مع الأحجار الثقيلة وفتح التوابيت المغلقة.
ومن الغريب أنهما بعد أن وصلا بدقائق إلى الواحات البحرية.. وجلسا معى لأشرح لهما ما سنقوم بعمله جاءتهم برقية تقول إن أخيهم قد مات وسافرا إلى القاهرة وعادا مرة أخرى بعد أسبوع.. بعدها بدأ البعض يردد لعنة تابوت حاكم الواحات.
وفى الليلة التى تقرر فيها فتح التابوت ذهبت إلى النوم مبكرًا وظل التابوت يأتينى فى أحلامى وأرى ضبابًا أصفر اللون كثيفا يحيط بالمكان وثعبانًا ضخمًا يقف عند المدخل يمنعنى من الدخول وظل الثعبان يتضخم إلى أن وصل إلى حجم لم أره من قبل فى ثعبان وظل يضرب بذيله وينفث نارًا من فمه.
واستيقظت من نومى فزعًا ولم أستطع العودة مرة أخرى إلى النوم.. وقبل شروق الشمس توجهنا جميعًا إلى مقبرة حاكم الواحات وأخذ كل واحد منا يقوم بعمله فى رفع غطاء التابوت والعمال ينشدون أغانى تراثية تحفزهم على العمل تبدأ بالصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم).
واستطعنا بعد ساعات من العمل المضنى رفع غطاء التابوت وتحريكه لنكتشف وجود تابوتًا آخرًا من الألباستر قمنا بفتحه لنجد بقايا مومياء حاكم الواحات مغطاة بتمائم ذهبية وأخرى من الأحجار الكريمة.. ولكننا عبثًا لم نجد الثعبان!.. إنها ذكريات جميلة جعلتنى أتذكر أهم كشف أثرى قمت به وهو كشف وادى المومياوات الذهبية ومقبرة حاكم الواحات البحرية.