قبل قمة حلف شمال الأطلسى فى ١١ و١٢ يوليو فى فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا، كانت السفارات الـ٣٠ تعمل على التفاوض بشأن اتفاقات القمة النهائية. وفى نطاق الاستفادة من الحرب فى أوكرانيا، فرض حلف شمال الأطلسى، أى الولايات المتحدة، خططًا جديدة للعمليات المحلية ويطلب زيادة فى الإمكانيات وبالتالى زيادة فى الميزانيات.
وتصرّ دول الخط الأمامى: البلطيق وبولندا، على الحصول على وجود عسكرى أكبر وخاصة فى المجال الجوى. وأخيرًا، السؤال الحقيقى الذى تم طرحه، بعد المرور الفكاهى لفلوديمير زيلينسكى، هو بالفعل مسألة الجدول الزمنى والشكل الذى يجب أن تأخذه عضوية أوكرانيا المستقبلية فى منظمة معاهدة الأطلسى.
فى هذا الصدد، قام برونو تيرترايس، المدير المساعد لمؤسسة البحوث الاستراتيجية، بتوقيع مذكرة صغيرة فى وثائق مؤسسة البحوث الاستراتيجية (مذكرة ١٤/٢٣ بتاريخ ١٩ يونيو ٢٠٢٣). بعد التذكير بمبادئ الضمانات المختلفة التى يمكن توفيرها لأوكرانيا: إيجابية أو سلبية، كلامية أو مدرجة فى معاهدة.
وبعد تقديم تذكير سريع باتفاقيات بودابست التى قدمتها القوى النووية (الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة)، والتى كانت تضمن أمن أوكرانيا مقابل تخليها عن ترسانتها النووية السوفيتية لصالح روسيا، يتساءل برونو تيرترايس عن الشكل الذى يمكن أن تأخذه عضوية أوكرانيا فى حلف شمال الأطلسى، والتى يعتبرها فى النهاية أمرًا لا مفر منه (حيث يستخدم هنا الصديق الكلمة باللغة الإنجليزية «فى النهاية» والتى لا تعنى «ربما» بل تعنى «فى النهاية").
وفى الواقع، برونو تيرترايس، الذى يعترف بأن انضمام أوكرانيا للحلف سيستغرق وقتًا، يتساءل عن الشكل الوسطى الذى يمكن أن يتخذه الضمان الغربى (الولايات المتحدة + أوروبا)، لأنه من الواضح تمامًا أنه فى المدى القريب، وعلى الأقل طالما استمرت الحرب، لن تتمكن أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسى.
بناءً على هذا الافتراض، يرى أن هناك حلين:
- ضمان شفهى صادر عن أحد أو بعض أعضاء حلف شمال الأطلسى الـ٣٠. من المثير للاهتمام أن برونو تيرترايس يتساءل عن إمكانية إيصال رسالة قوية ومعترف بها من قبل الجميع بينما يبدو لى أن هذه الرسالة ستواجه مشكلة على مستوى المصداقية على المدى الطويل. وبعبارة أخرى، ما هو مدى قدرة الأمريكيين، وبالتالى حلف شمال الأطلسى، على دعم الجهود الحربية الأوكرانية، خاصة إذا لم تكن الأسلحة تعمل لصالحهم؟.
-كم من الوقت سيظلون متضامنين، فى حين أن الوقت الطويل هو أمر فى صالح روسيا: إمكانية الاستفادة من الهدنة (بشكل مستدام ودائم) والذى سيسمح بتمديد المادة ٤٢.٧ من معاهدة الاتحاد الأوروبى، أو المادة ٥ من معاهدة حلف شمال الأطلسى.
كل هذا جيد جدًا، ولكن الشيء الملفت للانتباه بشكل خاص فى مذكرة برونو تيرترايس هو أنه لا يأخذ بأى حال من الأحوال فى الاعتبار الموقف الروسى، الذى يعتبر دخول أوكرانيا فى حلف شمال الأطلسى هو بوضوح السبب الأكثر صحة لتأجيج العملية العسكرية الخاصة.
ستتم المفاوضات حول هذا السؤال بشكل أساسى بين الروس والأمريكيين، حيث ستكون الدول الأوروبية شهودًا صامتين وعديمى الجدوى. وبالسماح لإرادتنا وإمكاناتنا بالخضوع، نكون قد قمنا بالتخلى عن أى إمكانية بأن نكون نحن من نقود مصيرنا ومصير قارتنا. وخلال مرحلة الانتظار أملا فى رؤية «وسيط مخلص» يقوم بوضع الأطراف المتحاربة وجها لوجه، فإن الشباب الأوكرانيين والروس، وباختصار الشباب الأوروبيين، هم الذين يقتلون فى حرب أخوية، وهو ما يعد آخر خطوة فى انتحار أوروبا الكبير!
معلومات عن الكاتب:
فريديريك إبارفييه.. درس العلاقات الدولية فى الولايات المتحدة فى الثمانينيات. ويعمل منذ التسعينيات من القرن الماضى مديرًا تنفيذيًا فى شركات فرنسية كبرى ذات مصالح استراتيجية. وعاش فى الولايات المتحدة وروسيا والهند ويكتب بانتظام مقالات حول القضايا الاستراتيجية ويرى أن الدول تسعى قبل كل شيء لتعظيم مصالحها.. يتناول فى مقاله، ما يسمى «ضمانات أوكرانيا»، وذلك ردًا على الكاتب برونو تيرترايس.