الأحد 22 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

ثورة 23 يوليو.. وعصر النهضة المسرحية

.
.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تحتفي الأوساط الفنية والثقافية، اليوم الأحد، بالذكرى الـ71 لثورة 23 يوليو 1952 المجيدة، تلك الثورة التي شهدت تفوقا ملحوظا في شتى مناحي الحياة، سواء السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية، والثقافية، والفنية، خاصة فيما ما يتعلق بالأدب والمسرح، فلذلك تعد فترة الستينات من أزهى فترات عصر النهضة المسرحية، التي نتج عنها تقديم مجموعة من العروض المسرحية لكبار الكتاب والمبدعين من بينهم: توفيق الحكيم، وسعد الدين وهبة، ونعمان عاشور، ومحمود تيمور، وأحمد شوقي، وغيرهم.

الأيدي الناعمة بداية مرحلة جديدة في تطور مسرح الحكيم

وكان توفيق الحكيم من أبرز الكتاب الذين تحدثوا ودافعوا عن الثورة في أعماله، التي من بينها: "اللص" التي تمجد قيمة العمل، كما تعد "الأيدي الناعمة" بداية مرحلة جديدة في تطور مسرح الحكيم، أطلق عليها محمد مندور "مسرح ذو رسالة" أو المسرح الحديث، ورسالته الأساسية هي الحفاظ على الوعي السياسي للثورة آنذاك، بينما يعتبر علي الراعي أن هذه المرحلة الجديدة تتسم بزواج مسرح العقل والمسرح الشعبي، وقد عرضت معظم المسرحيات على خشبة المسرح. 

حيث تتناول مسرحية "الأيدي الناعمة" موضوعين أساسيين الأول: التصالح بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، والثاني: بيان قيمة العمل، ومن الواضح أن هذه المسرحية لها دلالتها الرمزية، فـ"سالم"  يرمز إلى الزعيم جمال عبدالناصر، قائد النظام الثوري الجديد، والأسرة تمثل مصر كلها. اذ يدعو الحكيم الطبقات الاجتماعية أن تتغاضى عن خلافاتها وتعيش في انسجام لإنهاء عهد طبقة الأغنياء الكسالى، ويحث أيضا على قيمة العمل.

أما مسرحية "صاحبة الجلالة" أنتجت عام 1955، وهي مستوحاة مباشرة من الثورة، وعبارة عن هجوم حاد على جشع وشهوة الملك فاروق المخلوع، وأيضا على الأنانية وعدم الرحمة، التي دفعته لخطف عروس رجل آخر، والتي أنقذتها ثورة يوليو التي قادها الجيش، هكذا أوضح محمد مصطفى بدوي، في كتابه "المسرح العربي الحديث في مصر"، مشيرا إلى مسرحية "الصفقة" المشوقة، ورغم الحوار الطويل أو المناقشات المجردة، فالصفقة التي كانت على وشك الاكتمال في البداية لم تتم إلا في الخاتمة، ويتم الاحتفاظ بعنصر التشويق الناجح، فهي مسرحية محكمة البناء وتستغل المؤثرات المرئية والمسموعة مما يعطي العمل شكلا دائريا متقنا، فقد حاول الحكيم أن يكتب عملا يخاطب من خلاله جمهورا عريضا ينتمي إلى مستويات فكرية متعددة، وذلك عن طريق تقديم عناصر فنون شعبية متكاملة البناء، وبين مسرحية "الصفقة"، و"السلطان الحائر" عام 1960، والتي تعد المسرحية التالية، فكتب الحكيم ثلاث مسرحيات، وهي: "لعبة الموت"، و"أشواك السلام"، و"رحلة إلى الغد" عام 1957، إلى جانب ثنائية بركسا عام 1960، ولا تعتبر هذه المسرحيات متميزة رغم تخصصها في جوانب متعددة.

أنشأ النظام الجديد وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وقصور الثقافة، والهيئة العامة لفنون المسرح والموسيقى عام 1960، وأنشئت الهيئة العامة للمسارح متضمنة مسرح الجيب عام 1961، وذلك من أجل الترويج للمسرح التجريبي وشجعت الممثلين بزيادة رواتبهم بصورة ملحوظة، ومع حلول عام 1966 تم تشكيل 10 فرق مسرحية، بالإضافة إلى المسارح الموسيقية، والريفو، والكوميدي، والحكيم، والحديث، والعالمي، والجيب، والقومي، والعرائس، وقدم كل من هذه المسارح إنتاجا غزيرا في نفس الموسم، إلى جانب الكتاب الأجانب القدامى والمعاصرين أمثال أسخيلوس، وأرستوفانيس، وبريخت، ودورنمات، وتم تقديم أعمال في الفترة من 1966 – 1967 لكتاب أمثال ألفريد فرج، وأنيس منصور، ومحمود دياب، وتوفيق الحكيم، ورشاد رشدي، وسعد الدين وهبة، بينما قدمت مجموعة من الأعمال المسرحية في الموسم التالي لكتاب مصريين أمثال محمود دياب، وعلي سالم، وألفريد فرج، ونعمان عاشور، وسعد الدين وهبة، وميخائيل رومان، وصلاح عبدالصبور، ونجيب سرور وغيرهم.

مسرح التلفزيون
وخلال تلك الفترة فقد ظهر مسرح التلفزيون وشهد تنوعا وثراء في شتى المناحي الأدبية المختلفة، فأنتجت فرقة مسرح التلفزيون مجموعة من المسرحيات الخاصة، التي كانت أحد العوامل المساعدة في عرض هذه المسرحيات، ففي عام واحد فقط عرض التلفزيون 200 مسرحية قصيرة، و30 مسرحية تلفزيونية طويلة وما لا يقل عن 50 مسرحية منقولة للتلفزيون في المسرح، فقد لعب هذا المسرح دورا مهم في ظهور الكوميديا التي ظهرت في هذا الوقت على رأسهم الفنانين: فؤاد المهندس، وعادل إمام، وغيرهم وهم أحد تلامذه مسرح الستينات في هذه المرحلة، وما بعدها مثل فرقة مسرح ثلاثي أضواء المسرح، وساعة لقلبك، وعندما تولى علي الراعي المسرح وضع خطة استراتيجية لمسرح الأقاليم الذي نشأ عن طريق فكرة الأقاليم في عهد ثروت عكاشة، وبدأ الاهتمام بمسرح الأقاليم وتنظيم مهراجانات خاصة به وانتشار المخرجين في الأقاليم لتقديم عروضهم المسرحية، البنية التحيتة للمسرح وانشاء أكاديمية الفنون.

وقد شهد المسرح ازدهار غير مسبوق من النجاح، حيث عرضت لأول مرة مسرحيات تجريبية، وبحلول عام 1970 تم رصد أرقام فرق الأقاليم المسرحية التي وصلت إلى سبعة أضعاف فرق القاهرة، كما دعمت الدولة قضية المسرح والأنشطة المسرحية عن طريق إنشاء مجلة "المسرح" عام 1964، وكان يرأس تحريرها رشاد رشدي، وهي مجلة شهرية مخصصة للمسرح.

وفي عهد الظابط أحمد حمروش شهدت نهضة مسرحية كبيرة، فقد دعا خلالها الكتاب المصريين من بينهم: محمود تيمور، ونعمان عاشور، وسعد الدين وهبة، وغيرهم بعمل مسرحى شهريا يختلف عن الآخر وهذا ما جعل المسرح يزدهر فى عهده، وعندما تولى الفنان محمود الحدينى قيادة المسرح طلب منه عرض مسرحى بعنوان "الثأر ورحلة العذاب" فى فترة السبعينيات وأخرجه عبدالرحيم الزرقاني، وهي عن امرئ القيس، فكان المسرح يقدم فى تلك الفترة ١٢ عرضا مسرحيا يقدم شهريا طوال العام، وأن مديري المسارح فى فترة الستينيات وما بعدها كان النص المسرحى من أهم أولوياتهم وهذا ما نفتقده في الوقت الراهن.

مهرجان التحرير
لم تُعد فكرة المهرجانات المسرحية ظاهرة حديثة، فبعد نجاح ثورة يوليو، نظم أول مهرجان مسرحي في العهد الجمهوري تحت عنوان "التحرير"، وخصص نصف إيراده لمشوهي حرب فلسطين والنصف الآخر للعجزة من أعضاء النقابة، هكذا أشار الدكتور سيد علي إسماعيل، أستاذ المسرح بكلية الآداب – جامعة حلوان، إلى ذلك في دراسته "ثورة يوليو ومهرجان التحرير الأول"، موضحا أنه بعد قيام الثورة بشهور قليلة تحديدا في نوفمبر آنذاك، عقد مجلس الوزراء اجتماعا برئاسة سليمان حافظ، نائب الرئيس اللواء محمد نجيب، ووزير الداخلية، قرروا إنشاء وزارة الإرشاد القومي؛ الذي تقلد حقيبتها فتحي رضوان بجانب منصبه "وزير دولة"، وحدد يوم 23 يوليو ليصبح العيد القومي لمصر، وعلى الفور تحرك الفنانون من خلال نقابتهم مقترحين على المسؤولين - في قيادة الثورة - إقامة مهرجان فني يستمر أسبوعا باسم مهرجان الفن، ويشترك فيه أكبر عدد من الممثلين، والموسيقيين، والمطربين، ويخصص نصف إيراد المهرجان لمشوهي حرب فلسطين، والنصف الآخر للعجزة من أعضاء النقابة، وتكونت لجنة لهذا المهرجان من: "محسن سرحان، وفريد شوقي، وحمدي غيث"، لدراسة المشروع، ووضع برنامج الحفلات وتقديمه لمجلس النقابة.

وقد اجتمع الفنانين بقيادة يوسف وهبي، مع قائد الجناح العسكري وجيه أباظة مدير الشئون العامة للقوات المسلحة بمسرح حديقة الأزبكية؛ بوصفه المحرك الأول لمهرجانات التحرير، لإعداد برنامج ضخم للاحتفال بمرور ستة أشهر على حركة التحرير، وقرر المجتمعون الاحتفال بهذه المناسبة يوم 23 يناير 1953، ووقع اختيارهم على أرض الجمعية الزراعية لإقامة مسرح كبير، يسع 5000 مشاهد، وعهد إلى شكري راغب، مدير الأوبرا، إقامة هذا المسرح خلال أسبوع واحد، وبالفعل أُقيم المسرح بفضل جهود "ريمون كحلا"، الذي تبرع بأخشاب المسرح وأستاره وعماله، فلم يقتصر المهرجان بوصفه مهرجانا مسرحيا حكوميا على عروض فرقة المسرح العسكري، والتحرير، والحر.. فقط، بل هناك فرق أخرى شاركت فيه بعروضها، مثل: فرق المسرح الشعبي، والفرقة المصرية التي قدمت مسرحيتين: الأولى "صلاح الدين"، وحضرها الرئيس اللواء محمد نجيب، والأخرى استعراضية بعنوان "70 سنة" ليوسف وهبي، شارك فيها أكثر من مائة ممثل وممثلة، تمثل المسرحية كفاح مصر ضد الاستعمار؛ من خلال جهود: "أحمد عرابي، وعبدالله النديم، ومصطفى كامل، ومحمد فريد، وسعد زغلول"، وثورة 1919.. إلخ؛ لا سيما وإن عرف القارئ أن عدد الحفلات، التي أحياها المسرح الشعبي في المهرجان، والتي صلت إلى أكثر من خمسين حفلة في أقل من شهر واحد، قامت بها الشُعب المختلفة للمسرح الشعبي في القاهرة وأقاليم مصر.