قال الراحل مار فليكسينوس يوحنا دولباني مطران ماردين في احدي كتبه العقائدية فيما يخص سر الميرون
1 : الميرون المقدس سر به يقبل المؤمن المُعتمد قوة الروح القدس ومواهبه للثبات في الايمان وللتقوية والنمو في الحياة الروحية
2 : وقد بدأ السيد المسيح بتأسيسه منذ اعتمد في نهر الاردن، لانه بعد صعوده من الماء اذ كان يصلي نزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة. وكان صوت من السماء قائلا ً "انت ابني الحبيب بك سررت"
(مر ۱ : ۱۱)، وبقوله ليلة آلامه لرسله "وانا اطلب من الاب فيعطيكم مُعزياً اخر ليمكث معكم الى الابد روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يَقبله (يو14:16)، وان يوحنا عَمَدَ بالماء واما أنتم فَسَتُعَمِدون بالروح القدس بعد ايام غير كثيرة (اع ١: ٢٥)، ومن ثم اعتبرت مسحة الميرون المقدسة الحاملة بمادتها مثال نِعَم الروح القدس تكملة لسر العماد الطاهر اي الميلاد الثاني الروحي. لان المولود من الجسد جسد. والمولود من الروح روح (يو 3 : 6).
3: مسحة الميرون المقدسة ضرورية ايضاً للخلاص. لان السيد المسيح لم يكتف بقوله و ان لم يولد احد من الماء ، بل زاد و والروح فلا يقدر ان يدخل ملكوت الله ، و يو3: 5)، ولذا لما سمع الرسل الذين في اورشليم ان اهل السامرة قد قبلوا كلمة الله . وانهم قد اعتمدوا من فيليبس الشماس ولكنهم لم يقبلوا الروح القدس ارسلوا اليهم بطرس ويوحنا. وهذان لما نزلا وصليا من اجلهم لكي ينالوا الروح القدس. وضعا عليهم ايديهما فنالوا الروح القدس (اع 8: 17)، ومن ذلك عرفت موهبة الروح القدس ختم خلاص لكل المعتمدين كما أبان القديس بولس في رسالته الثانية الى الكورنثيين والذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله الذي ختمنا وجعل عربون الروح في قلوبنا (2کو1: 21&22).
الله
4: ان الرسل القديسين والكُتَّاب الأقدمين يذكرون قبول موهبة الروح القدس بوضع اليد والمسحة كما مرَّ آنفاً في ذكر السامريين، وكما فعل المعلم بولس الرسول في افسس في الاثني عشر الذين عمَّدهم. فانه بعـد
عماده اياهم وضع عليهم يديه فحلَّ عليهم الروح القدس وطفقوا ينطقون بلغات ويتنبأون (ا ع19: 6)، وكما ورد في رسالة القديس يوحنا الانجيلي الاولى، فانه يقول "اما انتم فان لكم مسحة من القدوس وتعلمون كل
شيء" (ايو2: 20)، ثم يردف بعد ذلك، "واما انتم فالمسحة التي نلتموها منه إن ثبتت فيكم لا حاجة لكم ان يعلمكم أحد، بل هي المسحة التي من تعلمكم عن كل شيء. وتعليمها حقٌّ لا كذب فيه" ايو2: 27)، ودفعـاً
لتأويلات محبي المجازيات ورد في تاريخ حياة القديس يوحنا السريانية الأثرية "ان يوحنا الرسول لما تلمذ اهـالي أفسس الوالي والاشراف وكثيراً من العوام قدَّس مرجلاً كبيراً من الميرون لدهن المُعتمدين، ومن هذا يتأكد ان سر"الميرون قديم جدا. وان الرسل نفسهم قد تداولوه، ولذا نجد الآباء الاولين قد تكلموا عنه كسرٍ مقدس وتسليم رسولي. وفي مقدمتهم القديس ديونوسيوس الاريوباغي الوارد ذكره في اعمال الرسل، فانه يقول في الباب الاول من كتابه في رئاسة الكهنوت عند كلامه عن سرّ الشركة، "ولكن توجد تكملة اخرى معادلة لهذه يُسمها مُعلمونا (الرسل) تكملة الميرون".
وبعد ان يشرح بتدقيق كيفية تجهيز الميرون ومسح المُعتمدين والمواهب التي ينالونها بواسطته يزيد فيقول "ان مسحة التكميل بالميرون المقدس لمن استحق سرّ الولادة الثانية الكليّ قدسه تمنحه حلول الروح ذي العزّة الالهية (4: 11 و 2: 28).
وهكذا ورد في الكتاب الثاني لاقليميس تلميذ القديس بطرس الرسول المعروف بعهد ربنا. فانه بعد أن يتكلم عن العاد باسم الأب والابن والروح القدس يقول "وبعد ذلك اذ يصعد (من الماء) يَمسحه القسيس بالمسحة التي قيل عليها الشكر" وبِمثِله شَهد القديس ثاوفيلوس بطريرك انطاكيه في كتابه الى اوطوليخوس (1" 12) "ان اسم المسيح يدل على الممسوح" ثم يقول ولهذا السبب "نُدعى مسيحيين لأننا نُمسح بزيت إلهي".
وكذا يكتب ترتليانوس في الفصل السابع من كتابه المعمودية "بعـد خروجنا من حميم المعمودية مُسِيحنا بزيت مُقدس تبعاً للتكملة القديمة"، وقال اباء مجمع اللاذقية "يجب على الذين يعتمدون ان يُمسَحوا بعد العماد بالمَسحة السموية وان تكون لهم شركة بملكوت المسيح" وقال مار يوحنـا اسقف تل موزلاث "بدون ميرون لا تكمل معمودية قط" وبهذه الشهادات كفاية لمن يعلم ان هذا السرّ قديم ورسولي .
5: ان المواد التي يتركب منها سر الميرون هي زيت الزيتون النقي، ودهن البلسم المعطر. ويمثل اتحادهما باتحاد كلمة الله بالجسد. فالبلسم يشير الى اللاهوت والزيت الى الناسوت. وقد قال مار موسى بن كيفا في تفسيره هذا السرّ "كما أن البلسم لا يحتاج الى طيب رائحة دهن آخر لانه حائز عرفاً طيباً طبعاً. هكذا كلمة الله لا يحتاج ان يأخذ القداسة من آخر لانه مَالِكُها طبيعياً والهياً. وهو يعطي الآخرين أن يكونوا قديسين. وكما ان زيت الزيتون كثيرة منافعه لمن يُدّهن به، كذلك جسد كلمة الله كثيرة معوناته للجنس البشري. وكما ان مسحة الميرون واحدة وهي مُركبة من البلسم ومن زيت الزيتون، كذلك المسيح هو واحد وطبع (طبيعة) واحد واقنوم واحد مركب من لاهوت وناسوت. والطيوب العطرية التي تضاف الى هذين الزيتين يشار بها الى طيب الروح القدس ومواهبه الكريمة التي تجعل نائلها ذكي الرائحة. فيصح لهم ان يقولوا مع القديس بولس "فاننا بالمسيح رائحة طيبة لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون" (2كو2: 15) وقال ديونوسيوس الاريوباغي في مواد الميرون. انه يُركب من مواد طيبة الرائحة تُشير الى يسوع الذي يملأ عقلنا طيباً إلهياً بصنوف مواهبه العقلية"
6: والميرون المقدس يُقدسه الآن البطريرك الانطاكي ويجب ان يُعاونه في تَقديسِه اثنان من المطارنة ضرورة
7: كيفية استعمال الميرون: يُستعمل الميرون المقدس لتقديس الكنائس والمذابح والطبليثات "موائد التقديس" ولِمسح جباه المُعتمدين وحواسهم برسم صليب كما هو جارٍ في الكنيسة منذ القديم. قال مار قورلس الاورشليمي في تعليمه في الاسرار (4:3) يُمسح الجبهة والاعين والآذان والأنف والفم. وهكذا ورد في القانون السابع من قوانين المجمع الثاني المسكوني سنة ٣٨١م، حيث يقول "إننا نقبل الهراطقة الراجعين الى الكنيسة والى قسم المُفتدين الفرض والعادة الجارية فيوسمون اولاً على الجبهة والاعين والاذان. وعندما نمسحهم نقول "ختم موهبة الروح القدس". والقديس افرام السرياني يذكر مسح الحواس كلها واقسام اخرى من الجسد حيث يقول "ان جميع قواكم النفسانية قد خُتمت بختّم الروح القدس. وجميع اعضاء جسدكم قد خُتمت بالمسحة. وقد وضع الملك عليكم رسالته خاتماً اياها بختم النار لكي لايقرأها الغرباء ويحرقوها (متى 3: 11 & لوقا 3: 16).