أدت أزمة الطاقة العالمية التي سببتها الحرب الروسية الأوكرانية، إلى تغيير هيكل أسواق الغاز الطبيعي؛ مما يتطلب حوارًا أوثق بين المنتجين والمستهلكين الذين يتطلعون إلى ضمان أمن الإمدادات على المدى القصير والطويل وتقليل الانبعاثات.
أزمة الطاقة العالمية
وشهدت أسواق الغاز أكبر قدر من البلبلة منذ اندلاع الحرب في فبراير 2022، مع تسجيل أسعار قياسية تاريخية وضغط غير مسبوق على الأسواق العالمية للطاقة.
وخفضت روسيا امداداتها من الغاز للاتحاد الأوروبي في 2022 إلى أقل من النصف، وباتت خطوط أنابيب الغاز شبه مغلقة في 2023.
«الطاقة الدولية» تحذر أوروبا من «شتاء قارس» بسبب الغاز الروسي
حذرت وكالة الطاقة الدولية من أن أوروبا قد تواجه "شتاءً شديد الصعوبة"، إذا قطعت روسيا ما تبقى من إمداداتها من الغاز إلى القارة، وإذا تعرضت المنطقة لطقس بارد.
وقالت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها السنوي عن سوق الغاز، الاثنين، إنه حتى لو امتلأت مواقع تخزين الغاز في أوروبا بنسبة تصل إلى ما يقرب من 100% قبل أكتوبر المقبل، وهي توقعات ساعدت في خفض أسعار الغاز خلال الأشهر الأخيرة، فإنه "لا توجد ضمانات" في مواجهة توتر الأسواق في المستقبل، وفق ما أوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
وأضافت الوكالة أن "عمليات محاكاة أجرتها أظهرت أن مواجهة فصل شتاء قارس مع توقف إمدادات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي بالكامل، ربما يؤدي بسهولة إلى حدوث تقلبات جديدة في الأسعار".
واعتبرت "فاينانشيال تايمز"، أن تحذير وكالة الطاقة الدولية يُسلط الضوء على الاضطرابات المحتملة، التي يمكن أن يشكلها تجدد صراع الطاقة مع موسكو، رغم استمرار انخفاض الأسعار منذ ديسمبر الماضي، الأمر الذي رسّخ اعتقادًا بأن المرحلة الأسوأ في أزمة الغاز الأوروبية "قد انتهت".
ولفتت إلى أن روسيا لا تزال تستحوذ على 10% من واردات الغاز للاتحاد الأوروبي، وتسلم الواردات في صورة غاز طبيعي مُسال.
انخفاض العقد الآجل للغاز الطبيعي الهولندي
ووفقًا للصحيفة، انخفض العقد الآجل للغاز الطبيعي الهولندي "TTF" إلى 24.63 يورو لكل ميجاواط/ ساعة في تعاملات، الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ أوائل يونيو الماضي، وأقل بنحو 90% من السعر الذي وصل إليه خلال ذروة أزمة الطاقة في أواخر أغسطس 2022، عندما تجاوز 340 يورو لكل ميجاواط/ ساعة.
نسبة امتلاء مواقع تخزين الغاز
وتوقع محللون امتلاء مواقع تخزين الغاز، القادرة على استيعاب نحو 100 مليار متر مكعب، بنسبة 90%، قبل شهور من الموعد المستهدف للاتحاد الأوروبي في نوفمبر المقبل.
مع ذلك، رجحت وكالة الطاقة الدولية أن السيناريو الذي يجمع بين فصل شتاء بارد، وتوقف إمدادات الغاز الروسية، وقلة توافر الغاز الطبيعي المُسال، يهدد بانخفاض نسبة امتلاء مواقع التخزين في الاتحاد الأوروبي إلى 20% بحلول أبريل المقبل، المستوى الذي يهدد بحدوث اضطرابات في الإمدادات.
وأضافت الوكالة أن السيناريو الذي تشهد فيه أوروبا شتاء معتدلًا مرة أخرى، مع استمرار تدفقات الغاز الطبيعي المُسال بشكل قريب من المستويات القياسية التي وصلت إليها العام الماضي، سيساعد مواقع التخزين على إنهاء موسم التدفئة، وهي ممتلئة بنسبة تتجاوز 50%، حتى مع عدم وجود الغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب الروسية.
وخفضت الوكالة توقعاتها على المديين المتوسط، والطويل بشأن الطلب على الغاز الطبيعي؛ بسبب الأزمة العالمية التي أثارتها روسيا.
وقالت الوكالة، إن الزيادة الحادة في أسعار الغاز الطبيعي قللت من قدرته التنافسية أمام مصادر الطاقة الأخرى، وأن مكانته كوقود "موثوق"، أصبحت موضع تساؤل بسبب التخفيضات الحادة في إمدادات الغاز الروسي المنقولة عبر خطوط الأنابيب.
وأضافت الوكالة، أن نمو الطلب العالمي على الغاز خلال الفترة بين عامي 2020 و2024، انخفض إلى 200 مليار متر مكعب من 350 مليار متر مكعب.