كتاب "أسرار الثورة المصرية.. بواعثها الخفية وأسبابهما السيكولوجية للرئيس أنور السادات ذاكرة لا غنى عنها للتأريخ لـ يوليو"
السادات دوّن الأهداف الخفية لجماعة الإخوان من الثورة.. وكيف أرادت السيطرة عليها
لم تعاصر أجيال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات والأجيال التي تليهم ثورة يوليو عام 1952، والتي قام بها الضباط الأحرار ضد الملك فاروق، لتبدأ مصر في مرحلة انتقالية جديدة نحو إقامة الجمهورية.
وتذخر ثورة 23 يوليو بالعديد من الوثائق والأحداث والتي تناولتها ذاكرة مصر المعاصرة بدءًا من الإنذار الموجه للملك في يوم 26 من يوليو عام 1952، والذي أرسله رجال الثورة له وكيف تعامل معه الملك فاروق والثورة والاحتلال البريطاني وأخبار الصحف والجرائد التي تابعت أحداث الثورة وكيف كتبت عنها وكيف تغيرت الرؤى والأحداث.
وتأخذكم "البوابة" في جولة لنستعيد معًا ثورة يوليو وكيف حمل الضباط الأحرار أرواحهم ليقدموها فداءً للوطن وللشعب.
إنذار للملك فاروق
في 26 من يوليو عام 1952، لم تكن ملامح حركة الضباط الأحرار قد اتضحت بعد، وفي هذا الإنذار سنتعرف كيف كان يفكر ضباط الجيش المصري وكيف تعاملوا مع الظلم وجاء نص الإنذار على النحو التالي:
"من الفريق (أركان حرب) محمد نجيب باسم ضباط الجيش ورجاله إلى جلالة الملك فاروق الأول، إنه نظرًا لما لاقته البلاد في العهد الأخير من فوضى شملت جميع المرافق نتيجة سوء تصرفكم وتحكمكم بالدستور وانتهاككم لإرادة الشعب حتى أصبح كل فرد من أفراده لا يطمئن على حياته أو ماله أو كرامته.
ولقد ساءت سمعة مصر بين شعوب العالم من تماديكم في هذا المسلك حتى أصبح الخونة والمرتشون يجدون في ظلكم الحماية والأمن والثراء الفاحش والإسراف الماجن على حساب الشعب الجائع الفقير.
ولقد تجلت آية ذلك في حرب فلسطين وما تبعها من فضائح الأسلحة الفاسدة وما ترتب عليها من محاكمات تعرضت لتدخلكم السافر ما أفسد الحقائق وزعزع الثقة في العدالة وساعد الخونة على رسم هذه الخُطى فأثرى من أثرى وفجر من فجر وكيف لا والناس على دين ملوكهم.
لذلك قد فوضني الجيش الممثل لقوة الشعب أن أطلب من جلالتكم التنازل على العرش لسمو ولي عهدكم الأمير أحمد فؤاد على أن يتم ذلك في موعد غايته الساعة الثانية عشر من ظهر اليوم (السبت الموافق 26 يوليو سنة 1952 والرابع من ذي القعدة سنة 1271) ومغادرة البلاد قبل الساعة السادسة مساء اليوم نفسه.
والجيش يحمل جلالتكم كل ما يترتب على عدم النزول على رغبة الشعب من نتائج
الإسكندرية يوم السبت 4 ذو القعدة 1271 هجرية / 26 يوليو سنة 1952 ميلادية
فريق أركان حرب
استلمت الصورة الأصلية لمكتب حضرة صاحب الرفعة رئيس مجلس الوزراء في تاريخه
ويحمل الإنذار توقيع أركان حرب محمد نجيب
من هذا الإنذار الذي وجهه الجيش المصري للملك فاروق بضرورة الرحيل وترك البلاد وجعل الحكم لولي عهده الأمير أحمد فؤاد وقد عم الفساد بالبلاد وتفشى الفساد والمفسدين والمنتفعين الذين استغلوا قربهم للملك، وعبثه بالدستور بغض النظر على مصالح البلاد والعباد، تلك المجموعات الفاسدة التي تربحت من الحرب على حساب الشعب الذي يعاني الفقر والجوع، فكان نداء الجيش نقطة الانطلاق ليقف الشعب خلف جيشه ويسانده وتدخل مصر في عصر جديد من الإصلاح في شتى المجالات.
وزخرت ثورة 23 يوليو بالعديد من الوثائق الذي تم وضعها بموقع ذاكرة مصر المعاصرة التابع لمكتبة الإسكندرية حيث ضم الموقع العديد من الوسائط الأرشيفية وبلغ عدد الوثائق التي تتعلق بثورة يوليو نحو 290 وثيقة من دفاتر مجلس قيادة الثورة، وفي الوسائط السمع بصرية حوالي 129 فيلم ما بين الأفلام التسجيلية والوثائقية التي تنوعت خطب الرئيس أنور السادات وبيان الرئيس محمد نجيب إلى الشعب المصري، ومشاهد عن ثورة 23 يوليو تعود لعام 1952، وأول خطاب للرئيس محمد نجيب بعد إعلان الجمهورية، والذكرى الأولى للثورة، وفيديوهات متنوعة للرئيس محمد نجيب، واستقبال بورسعيد للرئيس جمال عبدالناصر في عام 1953، وخطب الرئيس جمال عبدالناصر في احتفالات الثورة، وفيلم وثائقي بعنوان المؤامرة والذي تناول الأحداث منذ قيام الثورة وحتى تأميم قناة السويس في عام 1956م وفيلم تسجيلي بعنوان 10 شمعات والذي يتناول قصة مرور 10 سنوات على اندلاع الثورة، كما تتضمن مكتبة الصوتيات نحو 40 تسجيلا صوتيا، والخطب للرؤساء تبلع 451 خطبة، أما أرشيف الصحف والجرائد فيتضمن نحو 1220 موضوعا بالصحف والمجلات، كما تتضمن مكتبة الكتب نحو 8 كتب تتناول ثورة يوليو والحياة السياسية في مصر في تلك الفترة، كما توجد عملة تذكارية تم إصدارها في 1 يناير عام 1955 وهي عبارة عن جنيه ذهب، وصدر أكثر من 42 طابعا في الاحتفال بذكرى الثورة.
وثائق الثورة وأبرز قرارتها
القرارات والوثائق أثرًا كبيرًا في استكمال مسيرة الثورة مثل قرار قبول تخلي اللواء محمد نجيب عن رئاسة الوزراء وتكليف جمال عبدالناصر بتأليف الوزارة، وقرار إعادة تشكيل لجنة مصادرة أموال أسرة محمد علي وقرار تشكيل دائرة جديدة لمحكمة الثورة وإحالة بعض قيادات الجيش إلى المعاش مقل البكباشي أحمد صبيح وآخرون، وفي السطور التالية نعرض لبعض النسخ الاصلية لأبرز تلك الوثائق والقرارات والتي تم توقيعها جميعًا من مجلس قيادة الثورة.
قرار مجلس الثورة بعقد جمعية تأسيسية تنتخب عن طريق الاقتراع في 5 مارس عام 1954.
وجاء نص الوثيقة على النحو التالى:
مجلس قيادة الثورة
قرر مجلس قيادة الثورة اتخاذ الإجراءات لعقد جمعية تأسيسية تنتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في خلال شهر يوليو سنة 1954، ويكون لها مهمتان:
الأولى: مناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره.
والثانية: القيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد ووفقا لأحكامه الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية.
وحتى تجري الانتخابات للجمعية التأسيسية في جو تسوده الحرية التامة قرر مجلس قيادة الثورة أن تلغي الأحكام العرفية قبل إجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية بشهر.
وقرر المجلس أيضًا الغاء الرقابة على الصحافة ابتداءً من يوم 9 مارس سنة 1954 فيما عدا الشئون الخاصة بالدفاع الوطني.
صدر في 29 جمادى الثانية سنة 1273 و5 مارس سنة 1954
واختتمت الوثيقة بتوقيعات رئيس مجلس قيادة الثورة و10 من قيادة مجلس الثورة منهم جمال عبد الناصر،
ولعل أبرز ما جاء في هذا القرار هو الغاء الرقابة على الصحف وذلك ابتداءً من يوم 9 مارس عام 1954 فيما عدا ما يتعلق بالدفاع الوطني، وإلغاء المحاكم العرفية قبل الانطلاق في الانتخابات البرلمانية.
أسرار الثورة المصرية
ومن ضمن الإصدارات النادرة التي تناولت ثورة يوليو هي نسخة من كتاب "أسرار الثورة المصرية بواعثها الخفية وأسبابهما السيكولوجية للرئيس أنور السادات، والكتاب يحمل مقدمة بقلم الرئيس جمال عبدالناصر وصدر عن دار الهلال في شهر يوليو عام 1957، وفي صدر الكتاب كلمة "هذا الكتاب ولا شك خلاصة البواعث الخفية والأسباب السيكولوجية لثورتنا السلمية" جمال عبدالناصر، وهنا في تلك الكلمات البسيطة أكد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر أنه رغم أن الجيش المصري الذي يمتلك السلاح إلا أن ثورة يوليو هي ثورة سلمية قامت من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الوطن الواحد وهو ما أكده عبدالناصر في مقدمه الكتاب إذ قال:«لقد عمل الضباط الأحرار جاهدين، من أجل إذكاء الحماسة في القلوب التي ابتأست، واشعال الجذوة في النفوس التي اتقدت، حتى يستطيع الشعب الكريم، مجابهة أعدائه، كان النظام الملكي الرجعي المنوط بأسرة أجنبية، حائلًا دون تقدم البلاد، فكان أول لزام على الثورة، أن تهدمه تمامًا وتقضي عليه، لتفسح الطريق أمام نهضة البلاد، ثم أصبح لزاما عليها بعد ذلك أن تقلع جذور الفساد والمحسوبية والرشوة والرجعية والحزبية المغرضة البغيضة، حتى تظهر البلاد من الأدران، وأخيرا وليس آخرًا كان لزاما على الثورة أن تعبئ الشعور العام، وتدرب الجموع المتكتلة الحاقدة على عدوها الغاصب لمجابهة ذلك العدو بكل ثقة واطمئنان.. وقد كان وكم من مرة تأرجحت سفينة الثورة، في ذلك أليم المتلاطم الأمواج، إذ لم يكن من اليسير مقاومة قوى الانحلال الهدامة، وما إليها من تقاعس وتعاون وخيانة».
استعادة القوة والكرامة
واستكمل عبدالناصر، كلمته في صدر الكتاب بالحديث عن طيف استعاد الشعب المصري القوة والكرامة وحصل على الاستقلال من خلال الكفاح والعمل والمثابرة، رغم من إحاكة المؤامرات من تقاعس وتهاون وخيانة، ووصف هذا الكفاح بالكفاح المرير ويقول: «كان الكفاح طويلا مريرًا، ولكن المثابرة لم تذهب سدى، فظلت السفينة ثابتة عاتية تتكسر الأمواج على دروعها القوية الواحدة تلو الأخرى، ومضت السفينة تشق طريقها قدما، فقامت مصر الحديثة، مصر الجمهورية الفتية».
متابعًا: «وقد استرد الشعب عزته، واستعاد حريته، واصبح يشعر بكرامته، ويدرك حق الإدراك مصالحة العليا، المؤسسة على التحرر من الاستعمار والمساواة المدنية والسياسية، نجد أن الفوارق الاجتماعية التي كانت شائعة البين، قد انهارت مفسحة الطريق أمام القيم الأخلاقية التي تقدمتها، وقد تضافرت فيها الجهود، وتوجهت بعزيمة لا تعرف الكلل إلى الأعمال الناهضة الإنشائية، فالشعار الصريح الواضح لعهدنا الجديد هو التعاون التام للعمل والإنتاج».
الثورة والإخوان المسلمين
ولعل أخطر ما قدمه القائمقام وقتها الرئيس الراحل محمد أنور السادات هو الإجابة بكل وضوح حول علاقة الثورة والضباط الأحرار بالإخوان المسلمين والصلة بينهما وهو التساؤل الذي أثير بعد أن قامت الثورة بإصدار قرار إعادة التحقيق في قضية مقتل حسن البنا مرشد الإخوان المسلمين.. وهو الأمر الذي جعل من الادعاء الذي شيع في وقتها بأن جماعة الإخوان المسلمين تقف خلف الثورة ويقول أنور السادات في محالة للإجابة عن هذا التساؤل:« ما هي قصة الثورة مع الإخوان المسلمين. سؤال واحد، يعود بالذاكرة إلى اثني عشر عامًا قبل ظهور هذه الثورة.. إلى عام 1940 عندما بدأت قصتنا مع الإخوان وهذه القصة لا يعرفها المصريون، ولا يعرفها جمهرة الإخوان، ولا يعرفها العدد الأكبر من رجال قيادة الإخوان، وكل ما يعرفه المصريون هو ما ذاع من شائعات بعد ذلك بأيام، ومع ذلك.. فليس هذا هو كل ما لابس هذه الثورة من مظاهر، ومن شائعات ومن محاولات فقد كان هناك الوفد أيضًا، وللوفد أيضًا قصة مع هذه الثورة قصة لا يعرفها المصريون، ولا يعرفها أيضًا عدد كبير من رجال الوفد أنفسهم، فالناس لا يعرفون أن اتصالنا بالوفد قد بدأ قبل ظهور الثورة بزمن طويل.. ولا يعرفون أننا في وقت من الأوقات قد وضعنا خطتنا على أساس أن تأتي بالوفد ونفرضه فرضًا على فاروق، كشرارة أولى للثورة، ثم نكمل نحن تنفيذ الخطة، لا يعرف الناس شيئًا من كل هذا، ولا يعرفون كيف تخاذل الوفد عن القيام بدوره في هذه الخطة، ولا لماذا، ولكن هذا كله يعرفه بعض زعماء الوفد.. الذين حاولوا بعد يوم 27 يوليو أن يفرضوا وصايتهم على الثور.. وأن يمهدوا لهذه الوصاية بسيل كبير من الشائعات والروايات، والمظاهر، وأن يحاولوا خلق أمر واقع يحيطون به الثورة ويلبسونها ثوبًا لم تفكر فيه يومًا من الأيام!.
ويستكمل السادات حديثة عن كيف بدأت العلاقة مع جماعة الإخوان وحسن البنا والتي وصفها بأنها علاقة بدات بتحفظ واستمرت بتحفظ أيضًا واكد خلال حديثه على أن البنا قد عرض عليه أن ينضموا لجماعة الإخوان وهو الأمر الذي تم رفضه بشدة بأنه لا يمكنهم أن يدخلوا في تجمعات أو جماعات أو تكتلات خارج نطاق الجيش، وكان التأكد دائمًا على أن مجموعة الضباط يريدون إقامة حكومة عسكرية في البلاد لمحاربة الإنجليز، وأنهم بحاجة إلى جماعة أخرى من الشباب تستطيع خوض المعركة باسم الشعب.
ويقول السادات: «بدأ حسن البنا يتحدث إلى حديثًا طويلا عن تشكيلات الإخوان المسلمين، وأهدافه منها، وكان واضحًا في حديثه، إنه يريد أن يعرض على الإنضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، أنا وإخواني في تشكيلنا، حتى تتوحد جهودنا العسكرية والشعبية، في هذه المعركة،... وأوضحت له من جانبي، أنها ليس من وسائلنا أبدأ أن ندخل كجماعة ولا كأفراد في أي تشكيل خارج نطاق الجيش"
ويتابع السادات في كشف تشكيلات الإخوان المسلمين وخططتهم وكشف أسرارهم: وفي خلال هذا التعاون تكشفت لي أشياء كثيرة عن الأسرار الداخلية لجماعة الإخوان رغم إنه لم يحاول أن يكشف لي شيئًا منها، ولا أن يطلعني على أي سر من أسرارهم الداخلية، وكان أهم هذه الأسرار، أن حسن البنا وحده كان الرجل الذي يعد العدة لحركة الإخوان، ويرسم لها سياستها ثم يحتفظ بها في نفسه، وأن اقرب المقربين إليه لم يكن يعرف من خططه شيئًا، ولا من أهدافه شيئًا..، حتى أنه في ذلك الوقت المبكر كان يجمع السلاح، ويشتريه ويخزنه، ولكنه لم يكن يطلع أقرب الناس إليه من كبار الإخوان أنفسهم على أي شيء من كل هذا..
4 فبراير 1942
ويستمر السادات في الحديث عن علاقته بجماعة الإخوان والتي بدأت من حادث 4 فبراير والذي يذكر أحداثه بالتفاصيل ويكشف عن بعض الحقائق التي لم يتم ذكرها من قبل ونجده يؤكد على هذا بقوله: «فعلى كثرة ما كتب عن هذا الحادث فغن هناك حقيقة لم تنشر أبدًا، ولم تطف بأذهان الذين تكلموا، ولا الذين سمعوا.. فقد أخذ الناس هذا الحادث بالمأخذ السطحي، فقالوا أن مظاهرات سارت في البلاد تهتف: "إلى الأمام يا روميل فتحركت دبابات الإنجليز تفرض النحاس على الملك، رئيسا لمجلس الوزراء البلاد.. وبقى أن تعرف بعد ذلك اليد التي حركت هذه المظاهرات بليل..يد المدبر والمحرك وناصب الشرك، فقد كانت البلاد واقعة تحت حكم عرفي، والذين يقودون مظاهرات كهذه – إن كانوا من الوطنيين فعلا- لابد أن يقدروا خطورة تظاهرهم، وندائهم لروميل في بلاد يحتلها جيش الإنجليز، ومع ذلك فقد سارت المظاهرات بليل.. ولم نعرف أشخاص قادتها، ولا قبض رجال البوليس عليهم، ولا تحرش بهم جيش الانجليز المقيم في العاصمة، والذي لم يجد حرجًا في مهاجمة قصر الملك!، فإذا بحثنا عن الدافع الذي صورته إنجلترا لهذه المظاهرات، لعرفنا كيف تستطيع الدعاية البريطانية وأعوانها في مصر، أن تلعب في فترات الحرج، بعقول العامة من أهل البلاد، فإذا بالأكذوبة تصبح حقيقة تتناولها صحف مصر اثني عشر عامًا كاملا.. ثم ترددها قاعات المجالس النيابية، وقاعات المحاكم أيضًا في قضايا السياسة الكبرى!، أحقا، هذه التظاهرات قد سارت في شوارع القاهرة لتلعب دورًا في هزيمة الإنجليز؟، إنها مظاهرات خطرة، من ورائها تدبير وطني فاهم لما يعمل، فأين المدبرون والمحركون، وأين قصاص الإنجليز منهم؟، أو قصاص الذين حكموا مصر بأمر الإنجليز؟، فإن لم تكن هذه المظاهرات بالخطورة الفعلية على كيان الانجليز في أيام محنتهم، ففيم إذن هذا الإجراء العنيف، وقد كان أيسر أجزاء في تلك الأيام كفيلا بقمع مظاهرات، لا هي بالخطيرة، ولا وراءها تدبير.
الهدف الكبير
وبدأ السادات في طرح عدة تساؤلات حول اهداف تلك الحركة وكيف تحقق ذلك الهدف واستطاعت إنجلترا أن تفرض على الملك حكومة النحاس، ويؤكد السادات على أن يوم 4 فبراير المشئوم على حد وصفه بأنه لم يستطيع إزالة السخط ولا وقف الشعور الشعبي المضاد للإنجليز، وإنما هو جدير بزيادة السخط والكراهية، وكشف العداء السافر بين شعب مصر وبين حليفة المفروض عليه فرضا، جند الاحتلال.