أشاد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار بمجهودات الدولة في تسجيل ملف الاحتفالات المرتبطة بالعائلة المقدسة على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية.
وأوضح أن وزارة السياحة والآثار بذلت مجهودًا كبيرًا فى إعداد ملف تسجيل أديرة وادى النطرون تراث عالمى ثقافى باليونسكو ولم تتقدم بالملف حتى الآن ولم تعلن أسباب ذلك، وهذه الأديرة هى دير الأنبا بيشوي و دير العذراء – السريان و دير العذراء – البراموس و دير القديس أنبا مقار الكبير ويرى الدكتور ريحان أن اختيار تسجيل أديرة وادى النطرون فقط كمسار للعائلة المقدسة هو اختيار خطأ من البداية رغم أن العائلة المقدسة لم تمر بموقع هذه الأديرة من الأصل ومرت بنبع الحمراء بوادى النطرون مما يعنى رفض الملف فى حال تقديمه بهذا الشكل.
جاء ذلك فى الأمسية الثقافية لمناقشة الفيلم الوثائقى "بين التلين" التى عقدت مؤخرا بجمعية المهندسين المصرية بالتعاون مع جمعية المعماريين المصريين بالمشاركة مع المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي بحضور نيافة الأنبا إرميا الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، والمهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق ورئيس جمعية المهندسين المصرية، والدكتور فاروق الحكيم الأمين العام للجمعية، والمعمارى سيف الدين أبو النجا رئيس جمعية المعماريين المصريين، أدار الندوة شيخ المعماريين المصريين الدكتور عصام صفى الدين أحد صنّاع الفيلم .
وعرض الدكتور عبد الرحيم ريحان فى كلمته مسار جديد للعائلة المقدسة أضيفت إليه ثلاث محطات جديدة من خلال كتاب عالم الآثار الإسلامية والقبطية الدكتور حجاجى إبراهيم " المعقول فى خط سير العائلة المقدسة فى مصر" والذى أهدى منه نسخة لقداسة البابا تواضروس الثانى مما يعنى قناعة الكنيسة بهذا المسار مع دراسة تحليلية لهذا المسار الذى يتضمن رحلة سرية قبل موت هيرودس ورحلة جهرية للعائلة المقدسة بعد موته وبدأت الرحلة السرية فى مصر من رفح "رع بح" ثم العريش وقد أقام بها نبى الله إبراهيم تعريشة لزوجته سارة للإقامة بها فسميت العريش ثم الفرما وتعنى الأرض اللزجة وهى برامون بالقبطية وتعنى الوقفة فحين تقف فى الفرما فأنت بين قارتى آسيا وأفريقيا ثم إلى بلبيس "بربس" وبها معبد الإله بس القطة ثم تل بسطة، وكان من الممكن للعائلة المقدسة الوصول إلى تل بسطة عن طريق الفرع البيلوزى للنيل ولكنهم حذرون جدًا فى رحلتهم السرية خشية القبض عليهم ففضلوا الطريق البرى البعيد عن أى نقاط حراسة.
وأضاف الدكتور ريحان أن "تل بسطة" القديمة تبعد 2 كم عن مدينة الزقازيق وكانت تقع عند التقاء الطريق التجارى البرى لوادى الطميلات مع الطريق النهرى عبر الفرع البيلوزى لنهر النيل والذى كان يمر بمدينة "بر – باست" أى معبد باست نسبة إلى المعبودة باستت ويرمزون إليها بالقطة وكانت عاصمة مصر في عهد الأسرة الـ22، اسمها اليونانى بوباسطس واسمها القبطى بوبسطة ومنها جاء الاسم العربي بسطة وتؤكد المصادر التاريخية القبطية من القرن الرابع الميلادي (ميمر البابا ثاؤفيلس بطريرك الإسكندرية الـ23) ومن القرن السابع (ميمر الأنبا زخارياس أسقف سخا) مجىء العائلة المقدسة أن دخول العائلة المقدسة إلى بسطة يوم 24 بشنس الموافق 1 يونيو والذى تحتفل فيه مصر كلها بدخول العائلة المقدسة إلى مصر التى ظلت بها 3 سنوات و11 شهر كما جاء فى بردية باللغة القبطية القديمة عثرت عليها بعثة جامعة كلوم الألمانية ويشير الدكتور ريحان إلى ذكر مجىء العائلة المقدسة إلى مصر فى القرآن الكريم فى سورة المؤمنون آية 50 "وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" والمقصود بالربوة التي أوت إليها العائلة المقدسة هي أرض مصر وهى أرض بها نبات وربما تكون هذه الربوة بمدينة تل بسطة وفى بسطة استراحت العائلة المقدسة تحت شجرة وطلب السيد المسيح أن يشرب فدخلت السيدة العذراء مريم المدينة تطلب ماء من أهلها ولكن لم يعطيها أحد، فرجعت إلى السيد المسيح الذي قام بانباع عين ماء شربوا منه جميعًا وباركه السيد المسيح، وأقيمت بئرًا على هذه العين فى العصر الرومانى وأكدت الاكتشافات الأثرية لحفائر جامعة الزقازيق فى أكتوبر عام 1977 وجود هذا البئر شمال صالة الأعمدة للمعبد الكبير مبنية بالطوب الأحمر عمقها 6.60م تعود إلى العصر الرومانى وأثناء أعمال الكشف تفجرت المياه بداخله من عين ماء جانبية ونشر ذلك علميًا الدكتور محمود عمر محمد سليم عام 2000 تحت عنوان "بئر العائلة المقدسة فى تل بسطة" وفى تل بسطا تمت معجزة شفاء زوجة رجل اسمه كلوم أو أقلوم بمعنى إكليل بالقبطية وكانت مصابة بالشلل بعد استقباله للعائلة المقدسة والذى عرض على العائلة المقدسة استضافتهم في منزله وأقاموا عدة أيام، وفي أحد الأيام ذهبت العائلة المقدسة إلى منطقة المعابد بالمدينة وعند دخولهم معبد باستت تحطمت التماثيل، ونتيجة تحطم التماثيل كان لا بد للعائلة المقدسة الهروب لأقرب مكان خوفًا من أهل تل بسطة أو ربما يسمع عن الحادثة جنود هيرودس فيقبضوا عليهم، وهذا المكان هو موقع دير الملاك ميخائيل بكفر الدير بمنيا القمح الذى يبعد 8كم عن تل بسطة ويستكمل الدكتور ريحان الرحلة برحيل العائلة المقدسة من موقع كنيسة الملاك ميخائيل إلى سخا ومنها إلى نبع الحمراء بوادى النطرون ومنه إلى سمنود ثم إلى موقع شبرا الخيمة حاليًا بالقليوبية ثم إلى باسوس ثم مسطرد ثم أون وتضم حلمية الزيتون وعين شمس والمطرية ثم المرج "المراجو" ثم اتجهوا إلى طريق الزعفرانة حاليًا إلى موقع دير الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس وتفجرت هناك العيون ثم طريق الشيخ فضل وبه قرية الشيخ فضل وهو طريق يؤدى إلى محافظة المنيا حاليًا ثم إلى الجرنوس بمغاغة وبها بئر مياه ثم عبروا بالمعدية إلى جبل الطير بسمالوط ثم الأشمونيين ثم بئر السحابة أو الصحابة والإسمين صحيحين فمن أسماء السيدة مريم السحابة ثم كوم ماريا إلى دير المحرّق بأسيوط نهاية الرحلة.
ونوه الدكتور ريحان إلى بداية الرحلة العلنية وكانت معظمها بحرية فى نهر النيل يتحركوا جهرًا بين الناس التى تحتفل بهم فاتجهوا إلى "درنكة" بأسيوط ثم عبروا بالمعدية إلى موقع المعادى حاليًا ثم إلى موقع بئر رومانى يشغله ضريح أبو السعود الجارحى الآن ثم إلى الموقع الذى بنى عليه جامع عمرو بن العاص وبه بئر قديم شربت منه العائلة المقدسة ثم البئر خارج حصن بابليون بعد أن أعاد البناء تراجان سنه 98م وجعله أصغر من الأول فأصبحت البئر خارجه ثم مغارة أبوسرجة ثم أرض حارة السقايين حيث البئر وهى الآن كنيسة الملاك ميخائيل وأول مدرسة بنات أيام سعيد باشا ثم حارة زويلة وبها بئر وصهاريج ثم باسوس ثم مسطرد وأون ثم تل بسطة ومنها إلى الفرما ورفح إلى فلسطين وفى ضوء هذا يطالب الدكتور ريحان الجهات الرسمية باعتماد هذا المسار خاصة بأن الكنيسة ليس لديها مانع، حيث أن هذا هو المسار الصحيح للرحلة ووضع خارطة التطوير والتنمية والتنشيط طبقًا لهذا المسار الذى يضيف إلى السياحة الروحية أنماطًا جديدة مثل السياحة العلمية ممثلة فى ظاهرة تعامد الشمس على كنيسة دير الملاك ميخائيل ثلاث مرات فى العام كما يضيف مواقع هامة لها شهرتها العالمية مثل دير الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس وطريق جديد يجمع بين البحر الأحمر ونهر النيل وهو طريق الشيخ فضل كما يطالب وزارة السياحة والآثار بإعداد ملف خط سير العائلة المقدسة كاملًا وليس موتورًا من رفح إلى الدير المحرق فى الرحلة السرية، ومن درنكة عبر نهر النيل إلى المعادى ومصر القديمة فى الرحلة الجهرية لتقديمه إلى اليونسكو للتسجيل تراث عالمى ثقافى باليونسكو .