السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

آلان بليش يكتب: المبدأ الوقائى.. مناطق فرنسية عديدة خارج سيطرة الدولة وتهديد دائم للأمن الداخلى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يتم اتخاذ العديد من التدابير المتعلقه بالبيئة والصحة والسلامة بانتظام لتأمين المواطن والكوكب. وقد اتضح أن العديد من هذه الإجراءات مقيد ومكلف وغير فعال وأحيانًا خطير. بينما الأخطار الجسيمه غير معلن عنها لأسباب أيديولوجيه لدرجة أن المرء يتساءل عن جدوى هذه التدابير، وتندرج هذه التدابير تحت ما يسمى «المبدأ الوقائى».
المبدأ الوقائى
وهو ينص على ما يلى: «عند حدوث ضرر وإن كان غير مؤكد من الناحيه العلمية بحيث يمكن لهذا الضرر أن يؤثر بشكل خطير ولا رجعة فيه على البيئة فعلى السلطات العامة تطبيق مبدأ الحيطة وتنفيذ إجراءات تقييم المخاطر واعتماد تدابير مؤقتة ومتناسبة من أجل تجنب حدوث الضرر «.
نشأ هذا المبدأ ويطبق كموقف عام بموجب المادة ٢ فى دستور فبراير ١٩٩٥. وهو مستوحى من أفعال الأسبستوس و«الدم الملوث» ويطبق فى العديد من المجالات ويستخدمه كثير من المديرين التنفيذين لاتخاذ قرارات قد تمليها فى كثير من الأحيان العاطفة وقد تكون غير متماسكه واحيانا متعارضة.
هذا المبدأ لا يفلت من ضغوط اللوبى الصناعى أو السياسى كما أنه يمثل نقاطًا عمياء لأنه «غير صحيح سياسيًا» لكنه يؤثر سلبيا على سلامة الشعب الفرنسى.
لقد كان المناخ وصحة وسلامة المواطنين سبب العديد من الإجراءات التى كانت مكلفة بقدر ما كانت مثيره للجدل. ولا شك أن انتقال الطاقة وتناقضاتها: سأقتطف منها فقط دون الخوض فى تطورات غير مجدية لأنها صارخة. ولن نتهاون مع المركبات الحرارية وذلك من أجل الحفاظ على الكوكب من انبعاثات الكربون و«الاحتباس الحراري».
بعيدًا عن إدانة دعاة حماية البيئة لصانعى القرار الذين يستخدمون «الطائرات» المزودة بالكيروسين لحضور اجتماعات القمة حول «انتقال الطاقة»، هناك ما هو أخطر:
يجب أن تحل المركبات الكهربائية النظيفة محل السيارات التقليدية التى تعمل بالبنزين بحلول عام ٢٠٣٥. لقد تم اتخاذ القرار فى هذا الأمر بالفعل. أما فيما يخص الضرر البيئى الناجم عن التصنيع ثم المستقبل الملوث بسبب هذه البطاريات العملاقة فى نهاية عمرها فنحن أكثر تحفظًا ولم نفكر كثيرًا فى مصدر الطاقة الجديد وغير المعروف الذى تتطلبه هذه البطاريات. وعندما نعلم أن المتحمسين للطاقات «النظيفة» هم أنفسهم معارضون شرسون للطاقة النووية: هل ينبغى استبدال مبانى المدينة بمزارع الرياح؟
لقد انسحبت ألمانيا، التى أصدرت مرسومًا رسميًا بشأن الطاقة النووية، فى أعقاب حادثة فوكوشيما مما أدى إلى استياء شركائها الأوروبيين بما فى ذلك فرنسا.
وماذا عن مصانع تصنيع المركبات الحرارية (مرسيدس، رينو، مجموعةPSA، رولز، إلخ)؟ الجواب: سيتم نقلهم إلى الهند أو أفريقيا.
إن هذه «الحلول» المزعجة التى يتذرع بها سياسيونا البارزون لتدعو إلى الحسرة! لقد اعتقدت بسذاجة أن آسيا وأفريقيا كانتا جزءًا من كوكب الأرض الذى نريد الحفاظ عليه. إذا لم تكن المصالح هى التى توجههم، فإن تناقض هذه المصالح أمر لا يحتمل.
لعلنا نتذكر أن الصناعة الألمانية الأسطورية المحرومة من الطاقة النووية تعتمد بشكل كبيرعلى الطاقة الروسية التى قاطعها السياسيون. وهى الآن مجبرة على إعادة فتح محطات توليد الطاقة بالفحم.
برافو.. أوروبا منزوعة الكربون!
يمكننا أن نلقى بظلال من الشك على أسباب الاحتباس الحرارى التى تشير إليها دائما الخطب الى تدين أسلوب حياتنا، ذلك أن هذا الاحترار ليس «بدعة» فى تاريخ الأرض وأن الصحراء قبل أن تكون الصحراء التى نعرفها كانت فى الماضى غابة مترفة. النشاط بشرى هو المسئول عن هذا التحول.
الأزمة الصحية
فى الأمور الصحية لا يمكن أن يفشل المبدأ الوقائى.
- الأقنعة: هى الاحتياط الأساسى ضد اى عدوى فى الهواء: ومع ذلك فقد سخرنا منه فى البداية ثم أصبح ارتداؤه إلزاميًا ثم منع كل شيء بما فى ذلك فرض غرامات على عدم ارتداء قناع على شاطئ مهجورأو قيادة دراجة بخارية.
- حظر العلاج بالمضادات الحيوية لمنع العدوى ومضاعفاتها 
- التطعيم الإجبارى للأشخاص الذين شفوا من المرض حتى بدون إجراء فحص للأجسام المضادة يتم تطبيق هذا الهراء الطبى بوحشية غبية.
- «الرهان» على قصر عمر RNA بينما يمكن أن يطول ويؤدى إلى أمراض المناعة الذاتية.
كل هذه القرارات التى تمليها السلطة وتسمى «الوقاية» تمثل ارتجالًا نتائجه لم تعرف بعد
- عدم دمج مقدمى الرعاية غير الملقحين:
بالنسبة لمقدمى الرعاية غير الملقحين فان"المبدأ الوقائى» يعمل معهم بكل كفاءة. ولكن للأسف فإن التطعيم لا يمنع انتقال العدوى ويمكن للمعالج المطعم ان ينقل الفيروس إلى مريضه.
وقد أخطات السلطة التنفيذية الفرنسية وتعنتت فى موقفها تجاه هؤلاء المعالجين عندما رفضت انخراطهم فى المجتمع حتى عودتهم لمناصبهم بما يعنيه هذا من عدم استقرار بسبب إيقافهم عن العمل ومنع رواتبهم ومنع صرف مكافاة نهايه الخدمة وغالبًا ما يتم التمييز ضدهم عند التوظيف فى نشاط آخر بالاضافه الى النقص الصحى المستمر بسبب خروج عدة آلاف من العمالة من الجهات الصحية فى سياق حرج للغاية.
حتى بعد زوال أزمة كوفيد ولم تعد حجة التطعيم «الوقائى» لمقدمى الرعاية قائمة، استمر وقف هؤلاء العاملون بحجة أنهم يمثلون «نموذجا سيئًا» أو «أنهم لم يعد لديهم مهارة طبية» أو «أنهم «يفكرون بشكل سيئ». 
- إعادة دمج الجهاديين:
الإيمان بـ«الإنسان» فضيلة وفرنسا «إنسانة طيبة» فما ذنب الأطفال الذين ولدوا من أب متطرف وأم متعصبة ورحلوا صغارًا إلى سوريا وشهدوا قطع الرؤوس وانتهاكات أخرى؟. 
بالطبع هم ليسوا مسئولين. ولكن هل نحن على يقين على الرغم من المتابعة النفسية التى سيخضعون لها؟.. هل نحن على يقين من أن تصورهم لعالمنا لن يعانى من هذه الذكريات؟ أتوقع المزيد من الضحايا الفرنسيين.


- مخاطر الهجرة: بينما يتم تحذيرنا باسم المبدأ الوقائى من الكوليسترول السيئ والأحماض الدهنية المشبعة وغيرها من مركبات بيسفينول، فلا أحد يدرج خطر الهجرة ضمن الإجراءات الاحترازية ومهما كان اتساع أفق المفكرين فإن هذا الخطر قائم. وإذا نظرنا إلى الإحصائيات الرسمية أو شاهدنا فقط الأخبار التليفزيونية لوجدنا أن الإرهاب منتشر فى فرنسا.
بصرف النظر عن أى موقف ازدراء مسبق تجاه هؤلاء المهاجرين فإن الترحيب بهم وتركهم متوقفين بالآلاف فى أماكن مؤقتة بالقرب من الطرق السريعة أو الطرق الدائرية فى ظروف صحية يرثى لها من شأنه أن يؤدى إلى انتشارالجنوح وحتى الإجرام والاغتصاب بين الشباب المهاجرين من بلدان الجنوب فى الغالب من الذكور الذين ليس لديهم ما يخسرونه. 
ومهما بذلت النفوس الطيبة قصارى جهدها لتقليل هذا الخطر فمن الواضح أن معظم الهمجات البربرية التى تصدرت عناوين الأخبار فى السنوات الأخيرة من عمل المساعدة الضارة للمنظمات غير الحكومية أو الأفراد.
أما بالنسبة للنساء العاملات فهن أكثر تحفظًا بشأن عمليات الاغتصاب التى يرتكبها هؤلاء القُصر.
- مناطق الخروج على القانون: لقد عرفنا منذ عقود أن العديد من المناطق الفرنسية خارجة عن السيطرة حيث يتم تداول المخدرات والأسلحة هناك بحرية إذ لا تخاطر الشرطة بنفسها بدخولها هذه «الأراضى المفقودة من الجمهورية» والتى يبلغ عددها بالمئات وهى الأماكن التى تتزاحم فيها حركة المرور وتحتوى على عدد كبير من أسلحة الحرب.
إذا تجمعت كل هذه الجيوب فسيؤدى ذلك ببلدنا إلى انهيار غير مسبوق فى سياق حرب أهلية. هذا السيف المسلط هو تهديد دائم للأمن الداخلى للدول. يبدو أن مبدأ الاحتياط لا يتم تطبيقه.
- مرض جنون البقر: تظل الربحية هى الأولوية ولقد مرت الموجة الإعلامية ونحن اليوم نكرر الخطأ ونقدم وجبات حيوانية للحيوانات آكله العشب.
- مخاطر الواقع الافتراضى: فقد أصبح إدمانًا ويقدم لصغارنا فى سنواتهم الأولى عالمًا من الخيال حتى قبل أن يتعرفوا على واقعهم المادى الحياتى.
فى الماضى تمت إزالة موقع «Second life» لأنه تسبب فى حالات انتحار بين المراهقين. واليوم نعود الى ظاهرة الـ» Metaverse».
فى الختام: المبدأ الوقائى.. أداة؟
لا ينبغى التشكيك فى صحة هذا المبدأ. ولكن للأسف ينحرف عن مساره وغالبًا ما تستخدمه السلطة التنفيذية كأده لتأسيس سلطتها. بعض الشخصيات المثالية قد تراه اجراء طيبا ولكن فى الحقيقة «نحن فى حالة حرب «.
لقد استمعنا جميعًا إلى هذا اتحذيرالجاد والخطير من رئيسنا. عندما لا يكون هناك عدو فى الأفق لإرهاب الجماهير يمكن لـ «الوباء» أن يفى بالغرض. الاحتواء وبطاقة الصحة وبطاقة التطعيم وقريبًا بطاقة الصحة الدولية التى تريدها منظمة الصحة العالمية.
هل مبدأ الحيطة يحمى المواطن أم يحمى المسئولين؟ من فيهما صاحب النوايا الطيبة؟ أيهما صاحب المصلحة؟
يمكن استخدامه حتى للتستر على أى فساد. وتجدر الإشارة إلى أن تعريف الجائحة قد تم تعديله: كنا نقول فى الماضى: «عدد الوفيات واليوم نقول: عدد الحالات. وهذا ما يؤكد: «نحن فى حالة حربـ«وبالتالى «الدفاع السرى» عن كل مسئول اتخذ هذه الإجراءات. وبالتالى فإن الفساد الذى هو الدافع الحقيقى وراء هذه الإجراءات سيظل مصونًا لمدة ٧٥ عامًا أى إلى الأبد.
ومع ذلك، فإن المواطن هو الذى سيشرب نخب هذه الإجراءات: محاصر ومُغرَّم.. وسيظل المبدأ الوقائى فى ذهنه جديرًا بالثناء ولكنه فى الحقيقة يمثل أداة للتلاعب فى أيدى السلطة.

معلومات عن الكاتب: 
آلان بليش.. طبيب معروف فى الغرب بكتاباته التحليلية ذات النظرة الفلسفية العميقة للأشياء.. يأخذنا إلى تحليل متكامل حول ما يُسمى «المبدأ الوقائى» ويتناول مدى تطبيقه فى قضايا حياتية عديدة فى فرنسا.