الفنانة التي فرشت شارع الموسكي بالكامل بأفخر أنواع السجاد إبتهاجاً بعودة سعد باشا زغلول من المنفى، تربعت على عرش الغناء والرقص في مصر لمدة نصف قرن من الزمان، أطلق عليها وجهاء وأعيان البلد لقب "ست الكل" هي الفنانة “بمبة كشر”.
ولدت عام ١٨٦٠م لأسرة من أشهر العائلات بمصر في ذلك الوقت، جدها لأبيها السلطان مصطفى كشر من أعيان مصر ووالدها الشيخ أحمد مصطفى أحد قارئي القرآن المشهورين، أما والدتها فهي حفيدة سلطان مصر أيام الدولة المملوكية "الأشرف إيتال".
تزوجت والدتها بعد وفاة أبيها من المقرئ الشيخ إسماعيل شاه القارئ الخاص بالخديوي توفيق، إلا أن “بمبة كشر” وأخواتها لم يكونوا راضيين عن هذه الزيجة فتركوا المنزل وإستقر بهم المقام في حي الحسين.
كان لها من الأخوة أربعة إحداهم تدعى نبوية وهي والدة مطربة القطرين "فتحية أحمد"، فنشأت على حب الفن من نعومة أظفارها، وبعد إنتقالها إلى حي الحسين تعرفت على أشهر عالمة عرفتها مصر في القرن التاسع عشر وتدعي "سلم" وكانت تركية الأصل، إقتربت منها كشر فاحتضنتها وعملت معها في تقديم الموشحات المصرية.
سرعان ما انفصلت عن العالمة سلم وكونت فرقتها الموسيقية وهي دون العشرين وأصبحت منافسة شرسة لشفيقة القبطية بل تجاوزتها بشهرتها وكانت من أوائل الراقصات التي ترقص وهي تحمل صينية على رأسها ممتلئة بالمال والذهب، كما كانت الثانية بعد شفيقة القبطية التي تركب العربة الحنطور وكان قد أهداها لها احد أزواجها ونقش الحروف الاولى من اسمها عليها بالذهب الخالص.
كانت تشترط في حفلاتها أن تكون هي نجمتها الوحيدة وكانت تمشي وسط حراسة خاصة.
امتلكت بمبة كشر الذكاء والإبداع وكان ذلك سر نجاحها فكانت الأولى التي تقيم مهرجان فني الأول من نوعه وأطلقت عليه "حفلات الزار"، وكان يجذب كل وجهاء البلد وأعيانها وسياسيها وايضاً شخصيات عربية مهمة.
ورغم شهرتها الواسعة إلا أنها لم تنل حظاً وافراً في السينما حيث ظهرت في فيلم صامت "ليلى" عام ١٩٢٧م، وقامت فيه دور والدة عزيزة أمير، ثم شاركت في فيلم بنت النيل من تأليف محمد عبد القدوس.
تزوجت بمبة كشر سبع مرات الأولى من شخص من عامة الشعب كان يمتلك حماراً تمتطيه بمبة كشر في الذهاب إلى حفلاتها وكان يقوده لها وبعد فترة تم الطلاق لتتزوج من الفنان "سيد الصفتي" وتزوجت بعده من توفيق النحاس ابن شهبندر التجار وأنجبت منه إبنيها حسن وخديجة.
تم الطلاق بعد ذلك لإصرار عائلة زوجها أن تترك عالم الفن لتتزوج رابع أزواجها أحد أعيان الوجه القبلي الذي أعطاها مهراً ستين فدان، لتتزوج بعده من خامس أزواجها الذي غمرها بالهدايا الثمينة والذهب إلا أنها لم تشعر نحوه بعاطفة فطلبت الطلاق وتزوجت بعدها من عازف القانون في فرقتها الموسيقية واختتمت رحلتها مع الزواج بالزواج من أحد أعيان القاهرة في ذلك الوقت .
إشتد عليها المرض وودعت عالمنا عام ١٩٣٠م.