بصعوبة بالغة فلت فريق الإسماعيلي من السقوط في بئر النسيان والذهاب إلى دوري المظاليم بالدرجة الثانية، ولقد عايشت موسما صعبا على جماهير النادي حيث بقى في دوامة السقوط طوال القسم الأول من الدوري الممتاز ولم يلتقط أنفاسه سوى في الأسابيع الأخيرة من الدوري، ليشارك خجولا في الموسم القادم بالدوري الممتاز.
وإذا كان النادي الإسماعيلي قد فلت سواء بالحظ أو بدعاء الوالدين إلا أن فريقي غزل المحلة وأسوان قد ذهبا إلى الظلام بعد موسم معقد لكليهما، سقوط الغزل وأسوان أصاب قلوب متابعي الكرة بالوجع حتى لو لم يكن الغزل وأسوان فريقهم المفضل، جاء الوجع تضامنا مع حسرة جماهير الناديين في محافظتين كبيرتين هما الغربية وأسوان.
إذن الأندية الجماهيرية تتلقى الطعنات دون رحمة ليكون البقاء لأندية الشركات والأموال حتى لو كانت تلك الأندية بدون جماهير ولا يفرح لفوزها سوى اللاعبين بتلك الفرق وجهازهم الفني.
القانون العام يقول البقاء للأقوى وهذا ما عاشه البشر منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا، ولكن هذا القانون قاتل الفرحة عند التعامل معه في كرة القدم يتلاعب بشروط اللعبة ويتجاهل أهم عنصر في الملاعب الخضراء، العنصر الذي أقصده هو الجمهور المتحمس المغرم بمهارات لاعبيه مهما كانت محدودية موهبتهم والمنتمي لإسم محافظة وشعبها على المقاهي وفي البيوت، قانون البقاء للأقوى اختصر المنافسة في مباريات كرة القدم على 11 لاعبا وثلاث خشبات وهذا مفهوم غريب ومعادي لمزاج الجماهير.
غادر أسوان ذو العمق التاريخي وسقط غزل المحلة صاحب الأيادي الخشنة كطبقة عاملة وواصل الإسماعيلي صعوده المخجل بينما استقر في جدول الدوري عدد من الفرق لم أحفظ اسمها بعد.
نعم كرة القدم احترافية بالأساس، حتى الفرق التي أبكي عليها الآن حاولت الاستفادة من خبرات لاعبين محترفين سواء أفارقة أو غيرهم، هذا أفهمه واعرفه ولكنني أعرف أكثر طعم الحسرة وخيبة الأمل لمئات الآلاف من جماهير أندية المحافظات عندما يتعثر فريقهم الكروي.
مزاج كرة القدم وجماهيره يختلف تماما عن قواعد السوق والمنطق وهو ما يتوجب وضعه في الإعتبار، من يتخيل الدوري العام لكرة القدم وهو خال تماما من أي فريق من أي محافظة بصعيد مصر، عندما نتخيل ذلك نعرف أن ذواقة كرة القدم هناك سوف تتجه إلى تشجيع القطبية المرفوضة سواء الأهلي أو الزمالك.
لا تقل لي أوربا ودول العالم تضم فرقًا بلا قلب.. مصر ليست انجلترا ولا اسبانيا، مصر وجمهورها مذاق مختلف ومن شهد منكم المواطن الاسماعيلاوي الذي سافر بالموتسيكل ليشجع الإسماعيلي وهو يلعب في السويس ضد الداخلية سيعرف أن الأمر لا علاقة له بالأموال بقدر ماله علاقة بالانتماء.
وطالما تكلمنا عن الخيال.. من يستطيع تصور جدول الدوري العام لكرة القدم بدون المصري البورسعيدي أو الإتحاد السكندري، طبعا صعب هذا الخيال ولكننا في زمن الشركات والسمسرة والمقاولات.
طالما صار الموضوع أمرًا واقعًا تعالوا نفكر إما بحصانة وتمثيل نسبي للمحافظات وأن سقوط نادي جماهيري يفرض على اتحاد الكرة تصعيد غيره من ذات الإقليم سواء الدلتا أو الصعيد، أو نطلب من أندية الشركات التواضع وتغيير اسم فريقها وأن يتم زراعة فريق الشركة في إقليم ما.
المهم هو ألف هاردلك غزل المحلة وألف سلامة على أسوان وننتظركم الموسم القادم.