الجمعة 24 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

"ذا ديبلومات": بيونج يانج تجري تحسينات على قدراتها الجوية.. لكن منظومتها الصاروخية مازالت الأكثر موثوقية

كوريا الشمالية
كوريا الشمالية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأت دورية "ذا ديبلومات" الأمريكية أن كوريا الشمالية تتخذ خطوات لتحسين أسطولها الجوي من المقاتلات، موضحة في الوقت نفسه أن القدرات الصاروخية للبلاد هي التي يمكن أن تعتمد عليها بيونج يانج في حماية مجالها الجوي.
وأشارت "ذا ديبلومات" إلى أنه في 10 يوليو الجاري، زعمت وزارة الدفاع الكورية الشمالية أن طائرات الاستطلاع والطائرات بدون طيار التابعة للجيش الأمريكي قد أجرت مراقبة عن قرب لكوريا الشمالية لمدة ثمانية أيام متتالية من 2 إلى 9 يوليو، مع قيام طائرة واحدة "بالاختراق بشكل غير قانوني للمجال الجوي الذي لا يمكن انتهاكه لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية... بعشرات الكيلومترات"، موضحة أن متحدثا باسم الوزارة الكورية الشمالية، حذر؛ ردًا على ذلك، من احتمال اتخاذ إجراءات انتقامية، قائلًا: "سيتعين على الولايات المتحدة بالتأكيد أن تدفع ثمنًا باهظًا لتجسسها الجوي الاستفزازي.. ليس هناك ما يضمن أن مثل هذا الحادث المروع مثل إسقاط طائرة استطلاع استراتيجية للقوات الجوية الأمريكية لن يحدث في البحر الشرقي لكوريا (بحر اليابان)".
ولفتت الدورية الأمريكية إلى تصاعد التوترات بين بيونج يانج وواشنطن بشكل مطرد في ظل إدارة بايدن، والتي بلغت ذروتها في ظل أكبر تدريبات بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على الإطلاق بالذخيرة الحية في مايو الماضي، ونشر غواصة هجوم نووي تابعة للبحرية الأمريكية من طراز (أوهايو) في المياه الكورية في الشهر التالي.
وأوضحت أنه على عكس الفترة السابقة من التوترات الشديدة في 2016-2017، ينشط سلاح الجو الكوري الشمالي في المواجهة الحالية، مما يشير إلى درجة من الانتعاش في قدراته التشغيلية، مشيرة إلى أنه في الأسبوع الأول من أكتوبر 2022، نشرت القوات الجوية للجيش الشعبي الكوري (KPAAF) طائرات مقاتلة لإجراء تدريبات إطلاق نار جو-أرض بالقرب من المنطقة المنزوعة السلاح (DMZ) التي تفصل بين الكوريتين، مما أدى بكوريا الجنوبية إلى الدفع بـ30 مقاتلة من طراز (F-15K).
وأضافت أنه في الأسبوع التالي، نشرت وسائل الإعلام الحكومية الكورية الشمالية لقطات تظهر العديد من الطائرات المقاتلة المنتشرة في تدريبات واسعة النطاق بالقرب من المنطقة منزوعة السلاح، وهي تدريبات تأتي بعد خمسة أشهر من نشر لقطات تُظهر طائرات هجومية من طراز (Su-25) تطلق وابلًا من الصواريخ قصيرة المدى على نطاقات مستهدفة لمناورات هجوم أرضي مماثلة.
وأشارت الدورية الأمريكية إلى أن بيونج يانج دفعت، في الرابع من نوفمبر 2022، بما يقرب من 180 مقاتلة (من طرازات مختلفة من بينها طائرات MiG-29 وMiG-23ML الأحدث، وطائرات أقدم بكثير من حقبة حرب فيتنام)؛ للقيام بعمليات بالقرب من المنطقة منزوعة السلاح؛ ردا على بدء التدريبات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة في 31 أكتوبر والتي شملت أكثر من 240 طائرة مقاتلة ومحاكاة للضربات الجماعية على الأهداف الشمالية.. مضيفة أن هذا التحرك من كوريا الشمالية أدى إلى تمديد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تدريباتهما ليوم إضافي حتى 5 نوفمبر.
وأضافت أنه في الشهر التالي لهذا الحدث، وبالتحديد في 26 ديسمبر 2022، حلقت طائرات بدون طيار كورية شمالية في المجال الجوي الكوري الجنوبي بين مدينتي كيمبو وباجو، ووصلت إلى العاصمة سول، متفادية أكثر من 100 طلقة (جو-جو) من مدافع كورية جنوبية عيار 20 ملم، موضحة أنه بحسب ما ورد، حلقت الطائرات بدون طيار الكورية الشمالية بالقرب من المناطق الإدارية الرئيسية في وسط سيول في استعراض للقوة على ما يبدو، وهو ما أدى إلى تصعيد كبير في استثمارات كوريا الجنوبية في قدرات الدفاع الجوي وإنشاء قيادة جديدة للطائرات بدون طيار.
ورأت الدورية الأمريكية أنه على الرغم من تدني قدرات الطيران القتالي الكوري الشمالي بسبب الافتقار إلى عمليات الاستحواذ الرئيسية للطائرات منذ التسعينيات، إلا أنه أظهر علامات على التحسن في قدراته.. مشيرة إلى أن أحد المؤشرات البارزة على الاهتمام الذي تلقته القدرات الجوية لبيونج يانج يتمثل في تحديث مطار Sunchon، المطار الرئيسي الواقع على بعد 45 كيلومترًا شمال شرق العاصمة، ويستضيف العديد من الطائرات المقاتلة عالية المستوى في البلاد وشهد مدرجه الرئيسي عمليات إطالة وتحسين ممرات الطائرات والملاجئ والمآوي، وهو التحديث الذي يمكن رؤية نتائجه بواسطة الأقمار الصناعية.
وأوضحت أن من المؤشرات البارزة الأخرى ظهور فئات صواريخ جو - جو محلية الصنع جديدة في أكتوبر 2021 في معرض تطوير الدفاع الوطني، بما في ذلك الصاروخ الجديد الموجه بالأشعة تحت الحمراء، والذي يشبه إلى حد بعيد الصاروخين البريطاني AIM-132 والصيني PL-10 الصيني، وصاروخ موجه بالرادار خارج مدى الرؤية يحتمل أن يوفر نظيرًا للصواريخ الأمريكية AIM-120 أو PL-12 الصينية، مع وجود استثمارات بالفعل لتحديث إلكترونيات الطيران للمقاتلات الأحدث في الأسطول، لافتة إلى أنه يمكن للصواريخ الجديدة أن تسمح للمقاتلين بتشكيل تهديدات أكبر بكثير في القتال الجوي، بدلا من الزخائر القديمة التي تعود إلى حقبة الاتحاد السوفييتي.
وبحسب "ذا ديبلومات"، فإنه مع اكتساب الطيران الكوري الشمالي زخما لم يشهده منذ عقود، فإن التهديدات باعتراض الطائرات العسكرية الأمريكية واستهدافها بشكل نشط، تعيد بقوة ذكريات الاشتباكات بين البلدين التي كانت شائعة في ستينيات القرن الماضي، فمنذ عام 1963، وبعد أن تلقت بيونج يانج أحدث مقاتلات MiG-21 من الاتحاد السوفيتي، قامت كوريا الشمالية بنشرها بسرعة لاعتراض الطائرات الأمريكية التي ادعت أنها انتهكت مجالها الجوي، مما أدى إلى العديد من عمليات إطلاق النار في ذلك العقد، كان من أبرز هذه الحوادث إسقاط طائرة استطلاع RF-4C في 31 أغسطس 1967، ومقاتلة F-105D بعد خمسة أشهر في 14 يناير 1968، ومقاتلة F-4B في 12 فبراير من العام نفسه.
وأوضحت "ذا ديبلومات" أنه بنهاية حقبة السبعينيات من القرن الماضي، لم تعد المقاتلات الكورية الشمالية قوة مهيمنة كما كانت من قبل، مما حد من قدرات الدفاع جوا وأدى إلى بداية تزايد الاعتماد على الدفاعات الأرضية، إذ تعد شبكة الصواريخ (أرض-جو) في كوريا الشمالية من بين أكثر شبكات الصواريخ كثافة في العالم التي تم بناؤها على نظام S-75 السوفيتي، مضيفة أنه تم استخدام هذا النظام لمحاولة اعتراض طائرة استطلاع أمريكية من طراز SR-71 اخترقت عمق المجال الجوي لكوريا الشمالية في 26 أغسطس 1981، بعد أن قدمت بيونج يانج 19 شكوى بخصوص انتهاكات المجال الجوي، إلا أن نظام الدفاع الجوي الآتي من الخمسينيات أخطأ الهدف بعد تعطله بسبب أنظمة الحرب الإلكترونية.
ولفتت الدورية الأمريكية إلى أن كوريا الشمالية حصلت في نهاية الثمانينيات وخلال التسعينيات على طائرات مقاتلة جديدة بعد تحسين العلاقات مع موسكو، بما في ذلك طرازات MiG-23s وSu-25s وMiG-29s.. إلا أن تفكك الاتحاد السوفييتي والضغط الغربي والكوري الجنوبي على موسكو بشأن مبيعات الأسلحة، أديا في نهاية المطاف إلى منع بيونج يانج من تحديث جزء أكبر من أسطولها الجوي أو الحصول على طائرات أحدث مثل MiG-29SMTs، كما ضمن فرض حظر الأسلحة من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عامي 2006 و2009 استمرار تضاؤل موقف الأسطول الجوي لبيونج يانج.
وأضافت أن آخر عملية مهمة قام بها أسطول مقاتلات كوريا الشمالية كانت اعتراض طائرة استطلاع أمريكية من طراز RC-135 من قبل أربع مقاتلات من طراز MiG-29 في مارس 2003، حيث اقتربت المقاتلات الكورية الشمالية من RC-135 ورافقت الطائرة لمدة 22 دقيقة، وهو ما أدى ذلك إلى قيام القوات الجوية الأمريكية بتوفير مقاتلات مرافقة لرحلات المراقبة المستقبلية، مشيرة إلى أن هذا الاعتراض الجوي جاء في وقت تصاعدت فيه التوترات مع إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، حيث انسحب المسؤولون الأمريكيون من الاتفاق النووي الإطاري المتفق عليه وأشاروا بشكل متزايد إلى أن العمل العسكري ضد بيونج يانج يجري النظر فيه بجدية.
ووفقا لدورية "ذا ديبلومات"، فإن المناخ السياسي الدولي المختلف للغاية حاليا، إلى جانب القدرات المحدودة لأسطول كوريا الشمالية من المقاتلات، يشيران إلى أن إسقاط المقاتلات الكورية الشمالية للطائرات الأمريكية المأهولة كما رأينا في الستينيات لا يزال مستبعدًا إلى حد كبير، لكن مع ذلك، مازالت عمليات الاعتراض القريبة مثل تلك التي شوهدت في مارس 2003 ممكنة للغاية، كما أن إجراء مناورات عدوانية لتعطيل عمليات الطائرات بدون طيار، كما فعلت روسيا فوق البحر الأسود، يظل أيضًا احتمالًا إذا تم تدريب الطيارين الكوريين على مثل هذه الأشكال من الطيران في طائرات MiG-29 الخاصة بهم.
وأضافت الدورية الأمريكية أن العمليات المتجددة لأسطول مقاتلات كوريا الشمالية قد تشير إلى مستويات أكبر من التمويل المخصص لعملياتها وربما تحديثها أيضًا، موضحة أنه لا يزال موقع الأسطول الحالي بعيد جدًا عما كان عليه في الستينيات، عندما كان كبار مقاتليه قادرين على التنافس مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن أفضل وحدات MiG-29 في كوريا الشمالية الآن تتخلف على الأقل جيلًا كاملًا عن مقاتلات الولايات المتحدة والصين.
ومع ذلك، لفتت "ذا ديبلومات" إلى أن أوكرانيا أثبتت على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية بأسطولها الأصغر والأقدم بكثير، أنه يمكن حتى للطائرات المقاتلة القديمة أن تقدم مساهمات قيمة في الحروب، حتى في تلك الحروب التي تكون أمام قوى جوية تتفوق عليها بشكل كبير.
وأشارت الدورية الأمريكية إلى أن المجال الجوي الكوري الشمالي محمي بشكل كبير، موضحة أن بيونج يانج، تسعى مثل موسكو، إلى الاعتماد بشكل كبير على أنظمة دفاع جوي أرضية متنقلة للتخلص التدريجي من أصول حقبة الحرب الباردة مثل منظومة S-75 ومواجهة القوة الجوية الأمريكية بشكل غير متماثل، مضيفة أنه بعد أن حققت قفزات تقنية كبيرة في قدرات شبكة صواريخها أرض-جو، يمكن أن تكون هذه القدرات هي التي يتم تنشيطها - بدلًا من الأسطول المقاتل - لإسقاط مقاتلات العدو إذا قررت بيونج يانج اتخاذ مثل هذا الإجراء.
واختتمت "ذا ديبلومات" بأنه في حين أن طائرات MiG-29 لا يمكن أن تشكل سوى تهديدا محدودا في القتال الجوي باستخدام أجهزة الاستشعار والصواريخ السوفيتية من حقبة الثمانينيات، فإن شبكة الصواريخ أرض - جو الأكثر تعقيدًا يمكن أن تكون هي الوريث الحقيقي لأسطول مقاتلات MiG-21، إذا سعت بيونج يانج مرة أخرى إلى رسم خط متشدد ضد انتهاكات مجالها الجوي.