السبت 21 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

"طالبان الحركة والإمارة".. كتاب يرصد عددا من الملفات المهمة بين الجماعات الإسلامية

طالبان الحركة والإمارة
طالبان الحركة والإمارة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

محمد يسرى يستعرض أصول الحركة ومستقبلها بعيون عربية 

يعتبر كتاب "طالبان الحركة والإمارة.. من مدارس قندهار إلى قصر الرئاسة" للكاتب الصحفي محمد يسري، الصادر حديثا عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع، محاولة للانعتاق من أسر الرؤية الغربية للجماعات الإسلامية، وتقديم صورة موضوعية مقاربة للواقع عنها.

يرصد المُؤلف في هذا الكتاب عددًا من الملفات المهمة، التي تناولها بمنهجية علمية تعتمد على خبراته ومورثه الثقافي الذي يتميز بالمقارنة الموضوعية بين الجماعات الإسلامية، ومدى قربها أو بعدها عن تعاليم الإسلام: كيف نشأت الحركة؟ وكيف تأثرت ببيئتها؟ وهل كانت حركة تحرر وطني من الاحتلال السوفييتي أم شيئًا آخر؟ وعلاقات طالبان بالجماعات المحلية والأممية، وتكوين الحركة الداخلي وتأثيره على مستقبلها، وكيف وصلت مرة أخرى إلى السلطة، متابعة لحظية قبل وبعد الصعود؟ وأكبر التحديات التي تواجهها في حكم أفغانستان وكيف تتغلب عليها، وكيف ينظر الأفغان إلى الحركة، وما تأثيرها على البلاد؟

ويضم الكتاب خمسة فصول؛ يُشير المُؤلف في الفصل الأول إلى البيئة الجغرافية التي نشأت فيها الحركة ويرصد فيه كيف تأثرت طالبان بالثقافة الدينية السائدة في البلاد خاصة الإقليم الذي احتضنها منذ البداية وهو إقليم قندهار، الذي كان يسوده المذهب الحنفي والعقيدة الماتريدية والطرق الصوفية السائدة، ويخلص من ذلك بأن الحركة بنت بيئتها التي يسودها التعصب العرقي والمذهبي ولم تبتدع في ذلك كثيرًا، ولذلك كان ذلك باعثًا لاجتذاب طلاب العلوم الشرعية في المدارس الدينية الديبوندية إلى الانضمام إليها مع زيادة في التعصب للمذهب والولاء للحركة كغيرها من الجماعات الإسلامية المتشددة.

وتحت عنوان "طالبان الحركة والجماعة"، يبدأ المؤلف في الفصل الثاني بعرض كيفية تناول الإعلام العربي حركة طالبان بعين غربية وينقل عن أحد أبرز قيادات الجماعات الإسلامية بشكل موضوعي الانتقادات التي يراها حول هذه الرؤية التي يتفق المؤلف معه فيها في أن أزمة الإعلام العربي في تناول تلك الجماعات أنه ينظر إليها بالفعل بعين غربية قد تجعل من أخطاء تلك الجماعات بصفة عامة ومنها طالبان مميزات، وتجعل من مميزاتها عيوبًا فتغيب الرؤية الموضوعية والنقد الذاتي الذي يمكن أن يقدم الحلول السهلة لمشاكل تلك الجماعات من خلال تفكيك مناهجها وتنقية أفكارها المخالفة للدين والعودة بها إلى الطريق الصحيح.

ويعترف المؤلف بأن هناك مجموعة من المشكلات التي تواجه الباحث العربي في تناوله لحركة طالبان، فهناك أزمة في التناول العالمي والبحثي لوجود حركة طالبان في العالم العربي لعدة أسباب: أولها: نقص التمويل اللازم للزيارات الميدانية إلى أفغانستان لتسهيل مهمة الصحفيين والباحثين العرب؛ لمشاهدة ما يجري على أرض الواقع، وهو ما يجعل هنا حالة من عدم وضوح الرؤية لواقع الحركة بشكل موضوعي.

ثانيها: الاعتماد على وسائل الإعلام الغربية ذات الاتجاه المعادي للعرب والمسلمين، ومنها وسائل الإعلام التابعة للروس، والأمريكان، الذين أذاقوا مواطني آسيا الوسطى وما حولها الويلات خلال الاحتلال، وبالطبع أفغانستان على رأسها، فيقع الصحفي أو الباحث في شباك الرؤية الغربية عن الحركة، دون أن يكون رؤيته الخاصة المنطلقة من عقيدته حول مخالفات الحركة فيرى حسناتها مخالفات ومخالفاتها حسنات، ثالثًا: وجود الكثير من الباحثين المنتمين للجماعات الإسلامية المتعاطفة مع الحركة الذين يرون طالبان بمنظار حركي باعتبارها ممثلة للإسلام، ويعتبرون أي انتقاد للحركة ومخالفاتها انتقادًا للإسلام نفسه.

ويوضح المؤلف في الفصل الثالث، الصعود الثاني للحركة إلى السلطة في أفغانستان لحظة بلحظة مستعينًا بمدوناته اليومية خلال عمله الصحفي الذي ظل ثلاثة أعوام يتابع الحركة فيه عن كثب وتطورات الأحداث حولها إلى أن وصلت إلى السلطة، كما لم يفته خلال رصده للأحداث ربطها بماضي الحركة والصعود الأول لها.

وفي الفصل الرابع يتناول المؤلف الإشكاليات التي تواجه الحركة بعد الصعود الثاني وتؤثر على مستقبلها ويقسمها إلى قسمين: أحدهما: الإشكاليات الداخلية المتعلقة بتركيبة حركة طالبان نفسها، والثاني: الإشكاليات الخارجية التي تواجه الحركة سواء من المجتمع الدولي أو محيطها الإقليمي وخيارات طالبان في التغلب على هذه الإشكاليات.

ويرصد المؤلف في الفصل الخامس والأخير العلاقات المتشابكة بين طالبان وغيرها من الجماعات المحلية والأممية ويختص بالذكر تنظيم القاعدة، وتنظيم الدولة الإسلامية المركزي وتنظيم الدولة الإسلامية ولاية خراسان، ولم يفت المؤلف خلال بحثه الشيق أن يدلف على أحول الشعب الأفغاني في ظل حكم طالبان حاليًا وكيف كانت حياة الأفغان خلال الحرب الأهلية وما قبلها طيلة الأربعين عامًا الماضية.