خلال العام المالي الماضي بلغ إجمالي ما تم إنفاقه لصالح مشروع إعادة إحياء البتلو نحو 7.7 مليار جنيه، وهي خطوة عدّها البعض الأهم لأجل تحقيق أعلى نسب من الاكتفاء الذاتي الذي تحتاجه البلاد من اللحوم الحمراء والألبان.
وقال وزير الزراعة السيد القصير، إنه كان لمشروع القومي لإعادة إحياء البتلو أثر جيد علي القطاع، وفرصة لتمويل صغار المربين وشباب الخريجين، مشيرًا إلى أن إجمالي ما تم تمويله للمشروع القومي لإعادة إحياء البتلو أكثر من 7.7 مليار جنيه لأكثر من 42 ألف مستفيد، لتربية وتسمين ما يقارب نصف مليون رأس ماشية سواء كانت عجول لإنتاج اللحوم أو عجلات عالية الإنتاجيه، لتوفير المزيد من اللحوم والألبان.
يأتي المشروع في إطار المبادرة الرئاسية "حياة كريمة" التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتطوير الريف المصري ورفع مستوى صغار المزارعين والمربين. كما يستهدف المشروع دعم صغار المزارعين والمربين والمرأة المعيلة وشباب الخريجين في إطار حرص الحكومة على رفع العبء عن الفلاح وخلق فرص عمل جديدة وعودة القرية المنتجة وزيادة اللحوم الحمراء.
إلى ذلك قال الدكتور إبراهيم درويش، وكيل كلية الزراعة بجامعة المنوفية، إن مشروع البتلو توقف لسنوات بعد ثورة 25 يناير، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أحياه من جديد، وكان له الفضل في الاهتمام بتحسين السلالات الوراثية للمواشي.
وعن انخفاض أعداد الثروة الحيوانية ، اوضح درويش، إن المشكلة ليست في عدم اهتمام الدولة بتنمية الثروة الحيوانية، بل في أن عدد رؤوس الحيوانات قليلة مقارنة بالسكان، وأنه ليس لدينا مراع طبيعية، فنحن دولة مصب وليس لدينا الأمطار الكافية لنمو المراعي الطبيعية مثل السودان ودول المنبع، لذلك نعتمد على التربية الذاتية للمزارع، وأصبحت التربية الريفية محدودة مع الظروف الاقتصادية، إضافة إلى نقص الأعلاف، إذ إن المساحات الصالحة للزراعة في مصر توجه إلى زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والأرز، لذلك فإن مساحات زراعة الأعلاف قليلة.
وأشار إلى أن الدولة مضطرة لتغطية احتياجات القطاعات من الأعلاف بالاستيراد، ومع ارتفاع أسعار صرف الدولار ارتفعت أسعار الاعلاف والمواشى، مشيرًا إلى أن مصر تعرضت للعديد للتأثيرات السلبية لعدة أزمات متداخلة منها أزمة تجارة الحبوب والأعلاف مع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم أحداث السودان ومن قبلهما الأثار السلبية التي واجهها العالم مع انتشار ومكافحة فيروس كورونا.
يشار إلى أن أسعار الأعلاف سجلت استقرارًا اليوم إذ بلغ متوسط سعر الشيكارة نحو 699 جنيهًا، وتراوحت شيكارة الذرة الصفراء من 200 جنيه إلى 950 جنيها، أسعار أعلاف البادي تتراوح من 21690 جنيها إلى 22 ألف جنيه للطن. وسجلت أسعار أعلاف الناهيمن 21440 جنيها إلى 22350 جنيها للطن، أعلاف النامي من 21575 جنيها إلى 22450 جنيها.
في نفس السياق، قال عبد الرحمن أبوصدام، نقيب الفلاحين، إن مشروع البتلو توقف لسنوات طويلة قبل أن يعود مرة أخرى للعمل بعد ثورة 30 يونيو، وأنه منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد الحكم حتي وجه بوقف التعديات علي الأراضي الزراعية بكل قوة وجدية وتحركت الدولة بكل طاقاتها نحو استصلاح الأراضي الزراعية وبدأت تدشن المشاريع القومية العملاقة لاستصلاح وزراعة الصحراء.
وأضاف، أنه تم التوجيه باستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون إضافة مشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة لاستصلاح وزراعة نحو 2 مليون فدان مروراً باستصلاح ملايين الأفدنة الأخرى في توشكي وشرق العوينات وسيناء وغيرها من ربوع مصر ولم تكتف القيادة السياسية بالتوسع الأفقي واتجهت بكل قوة للتوسع الرأسي وتحسين معيشة الفلاحين بالقرى المصرية.
وأشار أبوصدام إلى أن المشروع القومي حياة كريمة لتطوير الريف المصري وإعادته للواجهة لتصبح القري المصرية قرى منتجه بها كل مقومات ومستلزمات الحياه مثلها مثل المدن كان أعظم دليل علي هذا التوجه لتكريم وتحسين معيشة الفلاحين.
وأوضح أبو صدام، أن القطاع الزراعي يمثل نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي بالإضافة إلى أن القطاع الزراعي يشغل نحو 25 % من إجمالي القوى العاملة بجمهورية مصر العربية.
وقال الدكتور عبدالحكيم نورالدين، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة الزقازيق، إن مصر تواجه مشكلة كبيرة في توفير الكميات اللازمة من البروتين الحيوانى، سواء كان لحوماً حمراء، أو بيضاء، أو البيض واللبن، لافتاً إلى أن سعى الدولة لإعادة إحياء مشروع البتلو سيسهم فى توفير كميات كبيرة من اللحوم وتعويض النقص الكبير فى اللحوم الحمراء بالسوق المصرية.
وأضاف، أن مشروع إعادة إحياء البتلو يحتاج إلى قرارات صارمة وحازمة حتى يحقق الهدف المرجو منه، ويجب على الدولة توفير العلف بأسعار تنافسية لجميع المربين، خصوصاً أن العلف يمثل نحو 70% من تكاليف الإنتاج وتربية البتلو، وإذا وفرت الدولة الأعلاف بأسعار رخيصة، فإن الأمر سينعكس على أسعار اللحوم الحمراء فى الأسواق، لتنخفض هى الأخرى.
وطالب نورالدين، بتصنيع منتجات الأعلاف تحت رقابة صارمة من قبل الدولة، منعاً للتلاعب فى كمية المكونات التى تضاف لأعلاف الماشية وكميات البروتينات وغيرها، متابعاً: "إجمالى إنتاج مصر من الأعلاف لا يتعدى الـ30% من استهلاكها، لذلك نحتاج إلى التوسع فى زراعة هذه المحاصيل".
وشدد على أن مشروع البتلو لن ينجح فى ظل وجود التشريعات الحالية، ويحتاج إلى تشريعات رادعة لكل من يتلاعب بهذه المنظومة، مستطرداً: "كان بعض الناس يحصلون على الدعم المخصص للمشروع، فى الوقت الذى لا توجد لديهم ماشية من الأساس، فقط كانوا (يضربون) الأوراق المطلوبة ويجهزونها ثم يذهبون إلى بنك التنمية والائتمان الزراعى لأخذ الدعم بفائدة 5%، ويضعون الفلوس فى بنك آخر بفائدة تصل إلى 12% ويحصلون على الفرق، وعندما يعرف المسئولون ذلك، يلزمونهم بإعادة الأموال التى حصلوا عليها دون عقاب".