خيبة الأمل، فقدان الثقة، الإحباط، كلها صفات لمعنى وحالة تُشعِل النفس بمشاعر الخسارة والفقد.
إنه الشعور بالخذلان، بالصدمة إثر التعرض لموقف لم تتوقعه بأى حال من الأحوال أن يأتيك ممن كان يومًا ما مصدرًا للثقة والأمان ومستودعًا للأسرار.
علينا أن نتأمل علاقاتنا من الناس، والإبتعاد عن من كان سببًا فى خسارة علاقاتنا بآخرين، أوربما بأنفسنا، ولأننا نعيش حياة عصرية معقدة متشابكة، فإن من الحكمة أخذ الحذر بإتخاذ مسافة الأمان من الذين نتشارك معهم العيش فى محيط العمل والفضاء العام، فنختار بإحساس القلب من لم يكن يومًا مصدرًا لآلامنا ولا يُكَدِّر عيشنا.
لن نعيش حياتنا مرتين، لذلك لا مجال لتكرار القصص الفاشلة والأشخاص والعلاقات الخاطئة، فماذا يفيد إذا كسبت العالم وخسرت نفسك؟.
ليس غريبًا أن يأتيك الخذلان من صديق حميم، أوممن كنت تَظُنَّهُ أقرب الناس إليك، ونجد أن التعب النفسى والإحباط سيكون أكثر وقعًا وشدة على النفس فجميعنا عِشْنَا لحظات شِدَّة وخوف وتمزُّق، وبرغم ذلك لن تتوقف الحياة ولن يكف الناس عن العيش فى جماعات، علينا إذًا أن ندرك أن طبيعة الحياة صراع بين الخير والشر، والجمال ونقيضه.
شعور سىء جدًا عندما تضحى من أجل غيرك تتنازل عن وقتك الخاص لأجله تسمع له وتشاركه حزنه وتحاول أن تخفف عنه، وربما قلت عنه فى يوم من الأيام أنه أقرب الناس إليك من ثقتك المفرطة به وما تُكِنَّه له فى قلبك، ثم تُصْدَم فجأة بأنه يتجاهلك ويُنكِر كل التضحيات والمواقف التى قدمتها له !
فمن شهد منكم الحب فليَصُنْهُ وأعظم الصيانة صيانة القلوب، فإذا دخلتموها فأحسنوا سُكنَاهَا فإن خرابها ليس بِهَيِّن !!
هناك نوع من الخذلان أشد وقعًا على النفس، هوأن تخذل نفسك كأن تكون فى موقع أقل من توقعك وقدراتك، أن تتخاذل فى موقف كان يستحق أن تكون فيه على النقيض، كأن تشعر أنك صَغُرْتَ وتضاءلت أمام نفسك بسبب موقف محدد فى الحياة، فنحن نعيش الحياة والواقع وللإنسان بالطبع قيمة أمام نفسه وذاته وهى القيمة الأعلى والأسمى.
علينا أن نتعلم من تجاربنا وأخطاء غيرنا، وأن نتعامل بوسطية وتوازن فى علاقتنا بالآخرين، فصفاء القلوب والنوايا الحسنة والنبل قيم لا تدركها كل نفس، أن نتعلم مبدأ العطاء بلا مقابل، والحكمة فى التعامل مع الناس بخفض سقف التوقعات فلن نكون سوى أنفسنا بأى حال، فلا أحد يشبه أحد ويقوم مقامه وينبغى ألا يدفعنا الخذلان وتَغَيُّر المواقف والتحاسد والتباغض فى محيطنا وواقعنا إلى الكَفّ عن أعمال الخير ومساعدة الآخرين وانتظار الأجر والثواب من رب العالمين عاجلًا أو آجلًا.
يجب أن لا نعطى الأشياء أكبر من حجمها ونتوقف عن كوننا مخذولين، فالشجعان فقط من يخوضون معارك الحياة، فبقدر ما حملته من ألم بقدر ما يتأتى منها نضج كبير، فالحياة لا تنتهى مع خيبة أمل يمكن أن نعيشها، يكفى أن ننضج ونتعلم ونضحك على خيباتنا، بل ونُخَيِّب ظن من خذلونا فلا شىء أقوى من قلوب تجرعت مرارة الخيبات وعَوَّضَهَا ربها عن كل ألم عاشته.. فهنيئًا لهم.