وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية قرار الإدارة الأمريكية الذي أعلنته منذ عدة أيام بتزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية عالية التدمير بأنه ليس قرارا صعبا فقط، ولكنه أيضا خطأ جسيم.
وذكرت الصحيفة - في مقال افتتاحي - أنه ما كان يجب على الرئيس الأمريكي جو بايدن الموافقة على إرسال مثل هذا النوع من الذخيرة الفتاكة لأوكرانيا لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في حربها الطاحنة مع القوات الروسية والتي بدأت في أواخر فبراير من العام الماضي في أعقاب شن موسكو العملية العسكرية الخاصة هناك.
وأوضحت الصحيفة أن تلك الخطوة من جانب الإدارة الأمريكية تأتي في وقت تشتعل فيه جذوة الصراع المسلح بين القوات الروسية والأوكرانية وهو ما يزيد من مخاطر استخدام ذلك النوع من القنابل، مشيرة إلى أن ما يقرب من 20،000 شخص، نصفهم من الأطفال، لقوا مصرعهم أو أصيبوا حتى الآن جراء استخدام ذلك النوع من القنابل من جانب القوات الأمريكية أثناء حرب فيتنام.. لافتا إلى أن القوات الأمريكية قامت بإلقاء ما يزيد على مليوني طن من الذخيرة العنقودية منذ عدة قرون خلت مما تسبب في وقوع العديد من الضحايا حتى الآن.
وأضافت أن تقديرات الخبراء تشير إلى أن معاناة المزيد من الضحايا جراء استخدام ذلك النوع من القنابل ستستمر لما يقرب من قرن قادم من الزمان حتي تتخلص البلاد من الآثار المدمرة لاستخدام ذلك النوع من العتاد العسكري.
وتابعت الصحيفة "هذا هو الثمن الحقيقي لاستخدام القنابل العنقودية"، مشيرة إلى أن تلك القنابل ليست فقط عشوائية الاستهداف أو أنها ذات قدرة تدميرية عالية ولكنها أيضا تترك آثارا قاتلة على أجيال لم تكن قد ولدت بعد أثناء استخدام تلك القنابل، موضحة أن خطورة تلك القنابل تكمن في أنها لا تنفجر إلا حين ترتطم بالأرض أو بجسم صلب، وفي حالة عدم انفجارها تمثل خطورة شديدة على المدنيين لسنوات طويلة قد تستمر لعقود وعقود بعد انتهاء الصراع.
وأكدت الصحيفة أنه لهذا السبب قامت ما يقرب ن 120 دولة بحظر استخدام وانتاج ونقل وتخزين ذلك النوع من العتاد العسكري، موضحة أن الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا لم توقع على الاتفاقية التي تنص على حظر استخدام تلك القنابل.
واستطرد الصحيفة قائلة إن ذلك القرار من جانب الإدارة الأمريكية يأتي في وقت تتعثر فيه العملية العسكرية الأوكرانية المضادة التي شنتها القوات الأوكرانية على القوات الروسية منذ عدة أسابيع في محاولة لاسترداد الأراضي التي بسطت روسيا سيطرتها عليها منذ بداية العملية العسكرية الخاصة هناك، في وقت بدأت فيه مخازن الذخيرة والسلاح الأوكرانية في النفاد.
وأوضحت الصحيفة أن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف قام بكتابة تعهد رسمي بعدم استخدام القنابل العنقودية داخل العمق الروسي أو في مناطق مأهولة بالسكان لضمان حصول بلاده على هذا النوع من الأسلحة.
ولفتت إلى أنه على الرغم من أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا دفعت كييف لاتخاذ قرارات صعبة من أجل مواكبة الآلة العسكرية الروسية، إلا أنه ما كان يجب على واشنطن أن توافق على طلب أوكرانيا بإرسال قنابل عنقودية.
واختتمت الصحيفة قائلة "إن القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة كدولة عظمى تسهم بما لا يدع مجالا للشك في تحديد معالم الساحة الدولية، لذلك ما كان يجب على واشنطن أن تتخذ مثل هذه الخطوة التي سوف ينجم عنها عواقب وخيمة على المدى البعيد".
