الرهبنة الكاثوليكيّة هي حالة حياةٍ تقرّ بها الكنيسة من أجل الرجال (نسّاك، كهنة، رهبان) أو النساء (ناسكات، راهبات) الّذين يلزمونأنفسهم أمام رؤسائهم الشرعيّين بأن يتبعوا المسيح جذريًّا من خلال «النصائح الإنجيليّة» في مسألة الفقر، أي التخلّي عن كلّ امتلاكٍشخصيّ (الملكيّة الجماعيّة)، والعزوبيّة أي التخلّي عن الزواج والإنجاب (العفّة)، والطاعة للرؤساء في الرهبنة.
شاع في اللغة العربيّة إطلاق لقب راهب أو راهبة على مَن يعيش هذه الحياة. ولكن الكنيسة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني صارت تفضّلالتعبير «الحياة المكرّسة». وبدل أن تتكلّم على مفهوم الحالة، صارت تتكلّم على المؤسّسة(ات)؛ وهكذا تمكن الإشارة إلى مختلف الرهبنات(نسّاك، رهبنات تسوّليّة، مؤسّسات رهبانيّة، مؤسّسات علمانيّة، حبساء) بالتعبير نفسه والتعامل معها بنفس التعبير.
والتصريح الأساسيّ للمجمع الفاتيكانيّ الثاني هو «دستور عقائديّ في الكنيسة» (نور الأمم 43-47): الحياة بحسب الرهبنات هي«حياة مكرّسة». والتكريس لله يتمّ بالالتزام بالنصائح الإنجيليّة الثلاثة ويتمّ من خلال إبراز ثلاثة نذور علانيّةً، وقضاء الحياة في مؤسّسةٍمشهّرة بأنّها حياة مكرّسة.
إنّ تكريس الحياة هو جواب على دعوةٍ خاصّة، وكذلك فإنّ التكريس هو عمل الله، ومن حيث هو عمل بشريّ، فإنّه جواب على دعوةٍ تمّ نَيلها. والهدف هو الحبّ الكامل. وأصل العنصر البنّاء الأساسيّ لكلّ روحانيّةٍ رهبانيّة هو السعي إلى الله في جماعةٍ روحيّة تتميّز بالزهد وقراءةالكتاب المقدّس وتفسيره، وكذلك تسبيح الله جماعيًّا. ويُعطى الإرشاد، بالإضافة إلى الإنجيل ومثال الجماعات الأولى، من خلال إنتاجٍ أدبيّينبع من حياة الرهبنة نفسها: قواعد، رسائل، مقالات
وتتأثّر روحانيّة كلّ رهبنة تأثّرًا شديدًا بشخصيّة مؤسّسها وأيّام التأسيس وينتمي إلى الرهبنات أو مجموعات الرهبنات الأثر أهمّيّةً فيالكنيسة الكاثوليكيّة:
الرهبنات التأمّليّة: البنديكتان، السيسترسيان، الأغسطينيّون، الترابيست، الشارترو، الرهبنات الإسعافيّة.
الرهبنات التسوّليّة: الدومينيكان، الفرنسيسكان، الكرمليّون، النسّاك الأوغسطينيّون.
المجامع الإكليريكيّة: اليسوعيّون، إخوة المدارس المسيحيّة لجان باتيست دو لا سال، الباسيونيّون، الريدمبتوريّون.
جماعات الكهنة بدون نذورٍ علنيّة: العازريّون، السلبيسيّون، الآباء البيض، البالّوتين، جمعيّة الكلمة الإلهيّ. المؤسّسات العلمانيّة.
إلى جانب كثير من الرهبنات الرجاليّة هناك مكافئ نسائيّ مثل البنديكتيّات والترابيستين والدومينيكانيات والفرنسيسكانيات وراهبات مارمنصور وراهبات ماريّا وارد
في السنة 2000، بلغ عدد أعضاء الرهبنة في الكنيسة الكاثوليكيّة نسبة 0،21 % من عدد الكاثوليك، أي أكثر من مليون شخص، ومن بينالمؤسّسات الدينيّة الكاثوليكيّة بأشكالها هناك 75% من الرهبنات نسائيّة.
وكمثالٍ على نصّ النذور:
«أنا الأخت (فلانة)، أعد الله القدير، أمام الإخوة والأخوات الحاضرين هنا، بأن أعيش دومًا في العفّة المكرّسة والفقر والطاعة، بحسب قوانينرهبنة (كذا) وأضع نفسي بكلّ قلبي تحت تصرّف هذه الجماعة الرهبانيّة من أجل رسالتها في الرسالة والمحبّة لخدمة الله والكنيسة. فليقبلالله الثالوث نذري، واجعلني يا ربّ قادرة ومستعدّة على أن أحبّك أفضل دومًا».
عرفت الحياة الرهبانية، بالعزلة عن العالم، ومزيد من التقرب إلى الله، بغية ملاقاته بعيدا عن أعين الناس، للرهبنة قوانينها، في كل الكنائس،وإن كانت هناك أرضية مشتركة، هي اتباع السيد المسيح المعلم ومثال القداسة.
الرهبنة في الكنيسة الكاثوليكية لها قواعدها وقوانينها
الشخصية القانونية
دير المتوحّدين واتحـاد أديـرتـهم والمنـظّمة والجـمعيّة الرهبانيّة وأقاليمها وأديرتها المقامة على وجه شرعي، هي أشخاص اعتباريّة بحكمالقانون. أمّا صلاحيتها لاكتساب الأموال وتملّكها وإدارتها وتمليكها، فلدستور الدير أو اللائحة الداخليّة أن ينفياها أو يقلّصاها. ويـجـب أنتـُحـَدّد في دستـور الديـر أو اللائـحة الداخـليـّة قـواعـد لاستخدام الأموال وإدارتها، لتعزيز (روح) الفقر والتعبير عنه وحمايته.
أموال المؤسّـسات الرهبانـيّة تحكمها القوانين 1007 1054، ما لم يستدرك الشرع العام أو يتّضح من طبيعة الأمر غير ذلك.
الرهبان والإكليروس
الرهبان، جـماعـات وأفراد، مُلزَمون بالواجبات التي يفرضها الشرع العامّ على الإكليروس، ما لم يستدرك الشرع أو يتّضح من طبيعة الأمرغير ذلك.
الـراهـب ذو النذور الدائـمة ينتمي كإكليريكي إلى إحدى المؤسّسات الرهبانيّة برسامته شمّاسا إنجيليّا، أمّا في حالة الإكليريكي المنتميأصلا إلى إيبارشيّة ما، فبأدائه النذر الدائم.
لا يجـوز أن يُـمنح الرهبان ألقابا فخريّة بحتة لرتب أو وظائف، ما لم يسمح بذلك دستور الدير أو اللائحة الداخليّة، بالنسبة إلى ألقاب وظائفرؤساء كبار سبق ومارسها الرهبان.
الراهب الذي يصبح بطريركا أو أسقفا أو إكسرخوسا: يبقى مرتبطا بالنذور ويظلّ ملتزما بسائر الواجبات المتعلّقة بالنذر الرهباني، ما عداالتي يرى بحكمته أنّها لا تتّفق ورتبتَه؛ ولا حقّ له في أن يَنتخب أو يُنتخَب في ديره أو منظّمته أو جمعيّته الرهبانيّة؛ ويُعصم من سلطانرؤسائه، ويظلّ خاضعا بحكم نذر الطاعة للحبر الروماني وحده؛
أمّا عند انقضاء مهمّّته، فإن عاد إلى ديره أو منظّمته أو جمعيّته الرهبانيّة، يمكن أن يكون له الحقّ في أن يَنتخب أو يُنتخَب، إذا سمح دستورالدير أو اللائحة الداخليّة بذلك.
القبول في دير المتوحّدين المستقلّ والابتداء:
لقبول أحد في دير المتوحّدين المستقلّ، يجب أن يكون مدفـوعا بنيّة حسنة وجديرا باعتناق حياة المتوحّدين، ولا يمنعه أيّ مانع قرّره الشرع. فيّقيـم في ديـر المتوحّدين مدّة محدّدة في دستور الدير، تحت رعاية خاصّّة من قِبَل راهب ذي اعتبار.
لا يـُقبل على وجه صحيح للابتداء: غير الكاثوليك؛ الذين أوقِعت عليهم عقوبة قانونية، ما عدا المذكورة في القانون 1426 البند 1، وهيعقوبات يقتضي فيها القيام بأعمال دينية أو أعمال عبادة كالصلاة أو الصوم؛ المهدّدون بعقوبة جسيمة لجريمة اتـُهموا بها على وجه شرعي؛الذين لم يُتمّوا بعد الثامنة عشرة من العمر، ما لم يتعلّق الأمر بدير متوحّدين يؤدّى فيه نذر مؤقت؛ وفي هذه الحال تكفي السابعة عشرة منالعمر؛ الذين يدخلون دير المتوحّدين بإكراه أو خوف شديد أو خدعة، أو الذين يقبلهم الرئيس مدفوعا بالطريقة نفسها؛ المتزوّجون ما دامالزواج قائما؛ المقيّدون بنذر رهباني أو بأي رباط مقدّس آخر، في مؤسّسة حياة مكرّسة، ما لم يتعلّق الأمر بانتقال مشروع.
لا يجـوز لأحد أن يـُقبل للابتداء في دير متوحّديـن خاصّ بكنيسة أخرى متمتّعة بحكم ذاتي، بدون ترخيص من الكرسي الرسولي، ما لميتعلّق الأمر بمرشّح مهيّـأ لدير متوحّدين تابع ومن كنيسته.
لا يمكن قبول الإكليريكيّين المنتمين لإيبارشية ما، للابتداء على وجه جائز إلاّ بعد استشارة أسقفهم الإيبارشي؛ ولا قبولهم على وجه جائز إذااعترض الأسقف الإيبارشي لكون مغادرتهم تسبّب ضررا جسيما للنفوس، يستحيل تفاديه بطريقة أخرى، أو إذا تعلّق الأمر بأشخاصّمهيئين للدرجات المقدّسة في دير المتوحّدين، يمنعهم مانع محدّد في الشرع.
وكذلك لا يجوز أن يُقبل في دير المتوحّديـن الوالدون الذين لا بدّ من عملهم لإعالة أبنائهم وتربيتهم، ولا الأبناء الواجب عليهم مساعدة الأب أوالأم أو الجدّ أو الجدّة الذين يعانون من ظروف قاسية، ما لم يكن دير المتوحّدين قد دبّر الأمر بطريقة أخرى.
يبدأ الابتداء بارتداء الثوب الرهباني أو بأيّ طريقة أخرى محدّدة في دستور الدير ليتمّ الابتداء على وجه صحيح يجب أن يُنجز في مدّة ثلاثسنوات كاملة ومتّصلة؛ أمّا في أديرة المتوحّدين حيث النذر المؤقت يسبق النذر الدائم، فتكفي سنة ابتداء واحدة.
للمبتدئ مطلق الحرّية في أن يتـرك دير المتـوحّديـن المستقلّ كما للرئيس أو المجمع أن يفصله لسبب صوابي وفقا لدستور الدير. عند انقضاءالابتداء، إذا وُجد المبتدئ جديرا يُـقبل لـلنذر الرهباني، وإلاّ فيُفصل؛ أمّا إذا استمرّ الشكّ في جدارته فيُمكن مدّ زمن الابتداء وفقا لدستورالدير، لكن لا لأكثر من سنة.
فصل الرهبان المتوحّدين:
يُعتبر بـحكم القانون مفصولا عن دير المتوحّدين الراهب الذي: جحد الإيمان الكاثوليكي علنا؛ احتفل بالزواج أو حاول (الزواج) ولو مدنيّافقط.
في هذه الأحوال على رئيس دير المتوحّدين المسـتقلّ، بعد اسـتشـارة مجلسه بلا تأخير وبعد جمع الادلّة، أن يُعلن الأمر الواقع ليَثبت الفصلعلى وجه شرعي، ويُعلِم بأقرب وقت السلطة الخاضع لها دير المتوحّدين بطريقة مباشرة.
بـوسع رئيس دير المتوحّدين المستقلّ بـرضى مجلسه، أن يطرد فورا من الدير الراهب الذي يتسبّب على وجه وشيك وبالغ الخطورة في عثرةعلنية أو ضرر لدير المتوحّدين، بعد أن ينزع عنه الثوب الرهباني.
على رئيس دير المتوحّدين المستـقلّ، إذا اقتضى الأمر، أن يُـعنى برفع دعوى فصل وفقا للقانون، أو أن يُحيل الأمر إلى السلطة التي يخضعلها دير المتوحّدين. الراهب المطرود من دير المتوحّدين والمُقام في درجة مقدّسـة، تُـحظر عليه ممارسة الدرجة المقدّسة، ما لم تُقرّر غير ذلكالسلطة التي يخضع لها دير المتوحّدين.