اللهم صلي علي –حبيبي- سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في الاولين وصلي علي – حبيبي- سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في الاخرين وصلي علي –حبيبي- سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم في الملأ الاعلي الي يوم الدين.. ثم اما بعد..فعند الحديث عن خير الانام وخير البشر وخير انسان علي الوجود فلابد ان تنصت وتقرأ وتتعلم كل المخلوقات علي الارض.. تذكرت اول رحلة الحج قمت بها عام ٢٠١٧،وقبل العودة بعشرة أيام من الحج،ذهبت الي المسجد النبوي الشريف،لزيارته،حيث قبر أعظم الخلق، والصلاة في الروضة الشريفة، وشخصية نبيِّنا محمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم) اخذت مساحةً واسعةً من الخطاب القرآني، انضوت على التعريف بهذا المخلوق الفريد من جوانب متعددة، فكشفت عن سمات شخصية ونفسية وعاطفية عنده (صلى الله عليه وآله وسلم)، بمفاهيم غاية في الروعة الخلقية والأناقة البلاغية، ونبدأ باسمه (محمد) الذي ورد في عدة آياتٍ منها قوله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾ (آل عمران:144)، وقوله تعالى:﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ (الأحزاب:40)، ومن أسمائه الواردة في القرآن (أحمد) الذي جاء على لسان النبي عيس (عليه السلام) في قوله تعالى: ﴿وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ (الصف:6)، وهناك من جعل من (طه، يس) أسماءً له (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد ورد (طه) في قوله تعالى: ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾ (طه:1-2)، وأمَّا (يس) فقد ورد في قوله تعالى: ﴿يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ (يس: 1-2(.
أمَّا الآيات التي تناولت بعض صفاته الخلقية فيمكن أن نأخذ منها قوله تعالى: ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا مُبَشِّرًا وَنَذيرًا﴾ [الإسراء: 105]، فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مبشِّرًا لقومه بخير الدنيا والآخرة فيما لو اتبعوا رسالته والدين الذي جاء به من الله تعالى، ونذيرًا لأمَّة من عقاب الله تعالى الذي يؤدِّي إلى الخسران المبين فيما لو أعرضوا عمَّا أتى به من الله تعالى
ووصفه أيضًا بالسراج المنير، وهو الذي يضيء لمن حوله بالدعوة إلى الله تعالى؛ ليخرج قومه من الظلمات إلى النور، فيضيء لهم طريقهم إلى الله تعالى، ويبسط لهم بخلقه القويم مسارات السلوك إلى الله تعالى بالطرق المعبَّدة البعيدة عن كلِّ المزالق والصعاب، ووصفه أيضًا بالدَّاعي إلى الله في قوله تعالى: ﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّـهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾ [الأحزاب: 46]، وبالخلق القويم في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]. ومع هذا الخلق العظيم وصفه بالرأفة والرحمة فقال تعالى: ﴿لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ﴾ [التوبة: 128]، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لين القلب سلس اللسان مع أصحابه حتَّى أنَّهم كانوا متمسكين به ملتفين حوله قال تعالى ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ -آل عمران: 159).
فرسولنا بتعبير القرآن كتلةٌ من الخلق الإلهي والرحمة الإلهية والرأفة الربانية، وهذا ما جعله يُغير العالم إلى نحو الدعوة إلى الله تعالى حتَّى تكونت نتيجة دعوته أكبر امبراطورية في ذلك العصر، وكل ذلك مرده إلى الصناعة الإلهية لهذا المخلوق العظيم.
وهناك آيات قرآنية يواسي بها الله تعالى نبيَّه الكريم على ما لاقاه من عتاة قومه الكافرين، ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف:6)، والبخع: قتل النفس غمًا. وهنا يلاطف الحق سبحانه نبيَّه الكريم على تأسفه القاتل نتيجة عدم إيمان قومه بما أتاهم به، ولذلك نهاه رأفةً به عن أن تذهب نفسه حسرات عليهم فقال تعالى: ﴿فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (فاطر:8).
وبهذه الصورة القرآنية الوهاجة صار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قدوةً في كلِّ شيء، وعلى جميع المستويات الخلقية، وقد عبَّر القرآن الكريم عن هذا المعنى بقوله: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب:21).
ومن هنا فعلينا إعادة النظر بشخصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) القرآنية لنحذو حذوها ونكون على الجادة السليمة، ونبتعد عمَّا كتبته الروايات المغرضة في حقِّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخصوصًا ما جاء في كتب القوم من الإساءات لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبيل سماعه للمزامير أو عدم احتشام أزواجه أمام الأجانب، أو ردِّه للسائل بتعبيس الوجه منه وإقباله على الأغنياء وأصحاب المواقع العالية، وغير ذلك من الإساءات، فكلُّ ذلك محظ افتراء؛ لأنه يتنافى مع روح القرآن الكريم التي وصفت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأقدس الأوصاف، وكيف يكون كذلك والقرآن ينصُّ على أنَّه يهدي إلى الحقِّ وذلك بقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ الشورى: 52).