الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

علشان ولادكم احسبوها صح| عبدالرحمن طفل يعمل طوال الأسبوع ويعيش طفولته يومًا واحدًا فقط

عبدالرحمن أحد أطفال
عبدالرحمن أحد أطفال مراكز رعاية الطفل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عبد الرحمن حسن حسني، أحد الأطفال المستفيدين من خدمات مركز رعاية الطفل العامل بالبحيرة، ويدرس بالثانوي الصناعي، يعيش أوقاتا صعبة في العمل طوال أيام الأسبوع، لكنه يذهب للمركز يوم الجمعة مع أخيه الأصغر عمر، ليعيشا طفولتهما بكل تفاصيلها.
عبد الرحمن، بدأ العمل في سن 14 سنة، كي يوفر لنفسه مقابل الدروس الخصوصية، وليشترى لنفسه ملابس وموبايل، وهى الأهداف الثلاثة التى تدفع أغلب الأطفال من البنين والبنات، لسوق العمل ولظروفه الصعبة ومشاعره التى لاتنسى.
 


"أنا في الدراسة نص نص لكن باشتغل عشان فلوس الدروس"
في مركز رعاية الطفل العامل بمحافظة البحيرة، والذى تحتضنه جمعية تنمية المجتمع بمساكن التمليك بكفر الدوار، يلعب بعض الأطفال بفناء الجمعية  بالزحاليق والمراجيح، تحت برجولة خشبية كبيرة، بينما كانت الطباخة تعد لهم وجبة ساخنة، على غرار ما يحدث يوم الجمعة من كل أسبوع.
من بين هؤلاء الأطفال عبد الرحمن حسن حسني، صاحب ال 16 سنة، يدرس بالصف الأول الثانوي الصناعي، وقد بدأ يعمل قبل عامين، ليساعد والده الذي يعمل في مغسلة سجاد، وبعد أسابيع قرر أن يعمل في ورشة يحصل منها على أجر:"سألت عن شغل فدلوني على ورشة جنب جامع السلام، وفعلا رحت وتدربت على الأولوميتال من سنتين، حبيت الشغلانة وكملت فيها، باعرف أركب كرانك، وأزرع فيه الألوميتال، وبقطّع وباعمل حاجات ياما، وباتعور كتير في جسمي، بس ده لازم عشان أتعلم، وعلشان أعرف غلطي وأصلحه، ولسه في حاجات محتاج أتعلمها في الصنعة، ناقصني اقطع الديسك الكبير، وأعرف أركب الميكانزم".
لا ينسى عبد الرحمن المواقف الصعبة التى يمرون بها خلال العمل:" أصعب حاجه في الالوميتال قطعة الديسك، لأن الطارة مشرشرة،  ممكن تقطع الايد، في مرة واحد اتعور جامد، اتقطع له ثلاث أوتار في إيده،  والعضم كان باين من ايده،  شفت المنظر بعينى، بس ما خفتش، لأني عارف إن الشغل لازم يكون في غلطات، والحمد لله خف وبيعمل علاج طبيعي". 
يبتسم عبد الرحمن وكأنه يتذكر:"لكن أحلى وقت في الشغل لما نقعد مع بعض نهزر، وما يكونش فيه شغل، لكن باكون متضايق قوي لما يكون فيه شغل كتير وصاحب المحل والصنايعيه يقعدوا يزعقوا عشان عايزين يخلصوا الشغل بسرعة".

 


"داخل جمعية أحوش فيها عشان أشترى موبايل"

يحصل عبد الرحمن على أجرته أسبوعيا،"بتحاسب بالاسبوع 350 جنيه، بجيب علاج لأمي عشان ظهرها تعبها قوي، والباقي داخل بيه جمعية، عشان أجيب هدوم".
ينظر عبد الرحمن إلى ملابسه بفخر ويمسك كم الجاكيت وهو يقول:" أنا اللي جبت لنفسي الترنج اللي أنا لابسه ده، بألبسه يوم أجازتي وآجي بيه المركز، ونفسي أجيب تليفون، التليفون تقريبا ب 5000 جنيه، الله اعلم هحوش فيهم قد ايه، بيدخل لي حوالي 1000 جنيه في الشهر، كلها بتروح على الدروس والجمعية اللي أمي مدخلاني فيها، ما أعرفش محوش كام دلوقتي أنا بدي لامي الفلوس، ولو بتصرفها عادي، أمي برضه". 
في أيام الدراسة يذهب أغلب ما يعمل به عبد الرحمن في الانفاق على الدروس الخصوصية،"أنا ماشي نص نص في الدراسه علشان بنزل أساعد أبويا وأمي؛  السنة اللي فاتت واللي قبلها كنت بذاكر وشغال،  والفلوس بتكفي الدروس، بصرف في الاسبوع 150 جنيه لدرس الرياضيات، وأبويا بيكمل لي 130 جنيه تانية عشان آخد مجموعة تقوية في المدرسة، نفسي أطلع حاجة نضيفة، مهندس كده".
 

الطفل مكانه المدرسة
يحظر قانون الطفل المصري و قانون العمل  في مصر والاتفاقيات الدولية تشغيل الأطفال قبل بلوغهم  15 سنة، وهو سن الانتهاء من التعليم الإلزامي، كما يحظر تدريبهم قبل سن 14 سنة.
التدريب: يبدأ من 14 سنة، ويتم تنفيذه في إطار منظومة تعليمية أو تدريبية تحت إشراف مسئول فني من المنشأة بأهداف محددة من التدريب، وليس مقابل أجر، وإنما قد يشتمل على مكافأت رمزية ويستهدف الحصول على مهارات تؤهل الطلاب والطالبات لسوق العمل.
والتشغيل: يبدأ من 15 سنة، وهو عمل بعقد رسمي لطفل مقابل إنتاج محدد وأجر لائق في ظروف عمل لائقة وليس بمهنة محظور على الأطفال العمل بها، ويتم التفتيش عليها من قبل وزارة القوى العاملة. 
-تنص الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل على أهمية اتخاذ الدول التدابير والتشريعات اللازمة لحماية الطفل دون سن الـ18 عاما من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل خطر، أو يمثل عائقاً لتعليمه أو ضرراً بصحته أو نموه البدني أو العقلي أو النفسي أو الاجتماعي. وهو ما تؤكد عليه اتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بالحد الأدنى لسن الاستخدام وأسوأ أشكال عمل الأطفال.
ومن شروط تشغيل الأطفال، ضرورة توافر بيئة عمل آمنة ومناسبة للأطفال، ولا تزيد ساعات العمل عن 6 ساعات يومياً، على أن يتخلل العمل ساعة على الأقل للراحة والطعام، ويحظر تشغيل الأطفال ساعات إضافية أو خلال أيام الراحة الاسبوعية أو الأجازات الرسمية، ولا يجوز تشغيل الأطفال بأي حال من الأحوال فيما بين الساعة 7  مساءً والساعة الـ 7 صباحاً، كما يلزم القانون صاحب العمل بالتأمين على الطفل العامل وحمايته من أضرار المهنة وإبلاغ مكتب القوى العاملة التابع له.  


"في المركز بحس إن لى قيمة ولسه صغير"

 

 

الأخوان عبد الرحمن وعمر، من بين الأطفال المترددين على مركز رعاية الطفل العامل بمساكن التمليك بكفر الدوار بالبحيرة، ولكل منها كاريزما وشكل مختلف، وكل منهما اختار لنفسه عملا مختلفا، لكنهما يأتيان للعب في المركز، وفي إحدى المرات توسطت مشرفة المركز بين عبد الرحمن وزميله في العمل ليتصالحا مرة أخرى بعد مشاجرة كبيرة. 
عبد الرحمن وعمر لديهما أخان، أحدهما تسع سنوات والثاني 8 سنوات، وهو يحب أن يأتي لمركز رعاية الطفل العامل:"باحب أجي المركز، بيعملوا لنا وجبة ويلاعبونا، وبحس وأنا بألعب إنى لسه صغير وإنى لي قيمة وعندى ضهر، ولو في مشكلة مع صاحب الشغل الابله بتتدخل وتقف معايا، وفي المركز كمان بأتعلم النجارة عشان تبقى صنعة في ايدي ".
عمر أخو عبد الرحمن، عنده 13 سنة، ويدرس في مدرسة طلعت حرب الإعدادية أشقر ويهتم بتصفيف شعره وهندامه مثل عبد الرحمن، خاصة يوم الأجازة، ويعمل مع والده في مغسلة السجاد، "بساعد بابا في اجازة المدرسة، بأغسل السجاد بفرشاة بالكهرباء وصابون وميه، وأفرده في الشمس، وبعدها نفرده على طرابيزه وأرشه بالمعطر، بعد كده نلمه ونلزقه بلزق عشان ميتفكش، وبابا بيديلي فلوس وساعات برفض آخد منه، بيديلي في الشهر 300 جنيه، السنة دى حوشت منهم وجبت موبايل، أبويا فتح الحصالة وعملها لي مفاجأة وجابه لى، لأنه كان عارف إنى عايز تليفون أكلم فيه أصحابي لما نحب نتقابل عشان نلعب، نفسي أطلع دكتور، وبابا كمان نفسه أبقى دكتور، بيقول لى :لايقة عليك".