الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

طالبان وحقوق المرأة.. معادلة لن تتحقق

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يبدو أن حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان حاليا، تخوض مواجهة مفتوحة مع المرأة، بالعدوان على كل الحقوق الأساسية، التي يعترف بها العالم للنساء، بل والتي يقرها الدين الإسلامي أيضا، وعلى رأسها الحق في التعليم، والعمل.
فعلى الرغم من تعهد حركة طالبان، عندما عادت إلى السلطة في أغسطس ٢٠٢١ باحترام حقوق المرأة، سعيا وراء رسم صورة أكثر اعتدالًا والتزاما بعملية السلام الداخلي للمجتمع، فإنها سرعان ما تراجعت عن وعودها، وقررت صب جام تطرفها على النساء.
وباتت النساء والفتيات في أفغانستان تحت نير معركة ضارية ضد حقوقهن الأساسية، بدءا من حرمانهن من التعليم، مرورا بتقييد حقوقهن في جميع مناحي الحياة، وأخيرا وليس آخرا إعادة وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كجهة لمراقبة الأخلاق العامة، التي تلعب دورًا محوريًا في التقليص المنهجي لحقوق المرأة في البلاد. التعليم
وقررت الحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة "طالبان" حظر صالونات التجميل النسائية في العاصمة كابول، وباقي المحافظات وتعدّ هذه الخطوة أحدث حلقة في سلسلة من القيود على النساء منذ عودة طالبان إلى الحكم في أغسطس ٢٠٢١.
وذكرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التابعة للحركة في بيان لها، "بناءً على الأمر الشفهي لزعيم "طالبان"، يتم حظر أنشطة صالونات التجميل النسائية في كابول ومحافظات البلاد".
ووجّهت الوزارة بلدية كابول بإلغاء تراخيص تشغيل هذه الصالونات بناءً على أمر زعيم "طالبان".
ظلت صالونات التجميل تعمل بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة قبل عامين، لكن بشكل مخفي عبر تغطية لافتاتها ونوافذها مما سمح لبعض النساء الاستفادة من الخدمات التي كانت تقدمها هذه المراكز وكذلك توفير بعض الوظائف للفتيات العاملات فيها.
وقد أعلنت حركة طالبان في ١٢ سبتمبر ٢٠٢١، الفصل بين الجنسين وإلزام الفتيات بارتداء الحجاب في المدارس والجامعات.
وفي مارس ٢٠٢٢، منعت الحكومة الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية، وبالتالي الجامعات، في إفصاح عن النية الحقيقية للحركة، بعد أشهر من الإغلاق المفروض على التعليم منذ سيطرة طالبان على الحكم. 
واستكمالا لقمع تعليم المرأة، علقت حركة طالبان التعليم الجامعي لجميع الطالبات. وبينما فجر هذا القرار حملة إدانة دولية واسعة، لم تعبأ طالبان بذلك، وقررت أيضا تقييد وصول النساء إلى الأماكن العامة، مانعة النساء من دخول جميع الحدائق في كابول، حيث كان يُسمح للنساء في السابق بزيارة المتنزهات ثلاثة أيام في الأسبوع، والرجال الأربعة أيام الباقية.
وتعني القواعد الجديدة أنه لم يعد مسموحًا للمرأة بالظهور في المتنزهات العامة مطلقا، حتى لو كانت برفقة أقارب من الذكور.
في الوقت نفسه أعلن مسئول في طالبان، أنه سيتم منع النساء من استخدام الصالات الرياضية في جميع أنحاء البلاد. 
الحق في العمل
لم تعد المرأة في أفغانستان قادرة على العمل بمعظم القطاعات الدولة، إذ أمرت حركة طالبان النساء العاملات بالبقاء في المنازل، قائلة إنهن غير آمنات في وجود جنود الجماعة.
الحق في السفر!
كما تم تقييد حق المرأة في السفر داخل أفغانستان وخارجها، وذلك منذ أواخر العام الماضي، حيث أعلنت طالبان أنها ستحتاج إلى مرافقة الرجل للسفر لمسافات طويلة داخل البلاد. 
وكان على أي امرأة تسافر لمسافة تزيد عن ٧٥ كيلومترًا، أن يرافقها محرم ذكر، كما دعت القواعد الجديدة السائقين إلى عدم السماح للنساء غير المحجبات بركوب سياراتهم. 
وفي العام الماضي صدرت أوامر لشركات الطيران الأفغانية، بمنع النساء من الصعود على متن الرحلات الجوية، ما لم يرافقهن رجال.
وقد أمر المرشد الأعلى لطالبان، هبة الله أخوند زادة، العام الماضي النساء بتغطية أنفسهن بالكامل، بما في ذلك وجوههن، وخاصة في الأماكن العامة. واقترح المرسوم أن تبقى المرأة في المنزل حيثما أمكن ذلك، لأن هذا كان الخيار الأفضل لمراقبة الحجاب الشرعي.
قبل هذا الأمر كان الحجاب إلزاميًا فقط للنساء اللائي يدرسن في الجامعات والفتيات اللائي يدرسن في المدرسة الثانوية، ثم قالت حكومة طالبان الجديدة إن الطالبات والمحاضِرات والنساء العاملات يجب أن يرتدين الحجاب وفقًا لتفسير الجماعة للشريعة الإسلامية.
كما أمرت طالبان صحفيات التلفزيون بتغطية وجوههن أثناء ظهورهن على الشاشة، منذ العودة إلى السلطة. 
وألغت طالبان وزارة شئون المرأة، وهي هيئة رئيسة لتعزيز حقوق المرأة من خلال القانون.
وبدلاً من ذلك أنشأ نظام طالبان وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي أصبحت مهمة الأساسية في تقليص حقوق المرأة، كما ألغى قانون القضاء على العنف ضد المرأة، الذي تم توقيعه في عام ٢٠٠٩ لحماية النساء من الانتهاكات، بما في ذلك الزواج القسري، وتركهن دون اللجوء إلى العدالة.
وخلال الفترة الأخيرة زادت قيود طالبان على النساء من القلق الدولي، ومن المرجح أن تزيد من عزلة الدولة على المسرح العالمي.
مزيد من الاضطرابات
يرى المراقبون أن هذه الخطوات ضد حقوق النساء ستزيد من عزلة طالبان دوليا وحرمانها من الشرعية التي تطمع فيها.  
من جانبه؛ قال مصطفي زهران، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن طالبان تمارس نفس الادوات والعمليات السابقة في فترة حكمها الاول، ولم تختلف طالبان في هذه المسألة لأن ذلك يعود إلي المسألة الفقهية المنبثقة من التراث القديم، ولم تقدم طالبان أيه تطورات في هذه المسألة، وهذا يتضح بشكل أساسي في التعامل مع المرأة والمشهد السياسي والأحزاب وفكرة الديمقراطية هذه المسائل أساس البنية العقلية لطالبان. 
وأضاف زهران في تصريحات لـ"البوابة"، أن هذه الإجراءات قد تؤدي إلى إثارة المزيد من الاضطرابات داخل أفغانستان.
في السياق نفسه؛ قال مصطفي أمين، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن حركة طالبان حركة متشددة تتبني أفكارا متطرفة ونهجا حادا في الدين، وبالتالي أن تعود إلي تطبيق الحدود في الأحكام الإسلامية المتشددة أمر طبيعي، حيث إن الحركة  ضربت عرض الحائط بكل القيم الإنسانية وأحكام القانون والليبرالية الغربية، وتمارس نفس التشدد والتطرف، حيث إن حركة طالبان ستستمر في هذا النهج المتشدد ضد الشعب الافغانية كله وليس النساء فقط ما دامت تسيطر علي الحكم في أفغانستان.
وأضاف أمين في تصريحات لـ"البوابة"، أن حركة طالبان أرجعت أفغانستان إلي العصور الحجرية بما تفعله، وأيضا أرجعت الأوضاع الاقتصادية إلي مستوي سيء جدا والوضع السياسي أصبح سيئا للغاية والعلاقات الخارجية متوقفة تماما مع طالبان وكل هذه الأمور متوقعة من قبل حركة متشددة تسيطر علي الحكم.
وأشار، إلي أن الوعود السابقة التي قطعتها طالبان علي نفسها كانت مجرد أكاذيب للوصول للحكم والاستفادة من المجتمع الدولي للوصول إلي أموال أفغانستان في الخارج، والعمل علي صنع علاقات مع الدول المجاورة والغربية ولم يتقبل العالم كله سياسية طالبان وحتي الآن لم تعترف أي دولة بحركة طالبان كدولة شرعية في أفغانستان.
بينما يرى عمرو عبدالمنعم، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن التجربة أثبتت أن طالبان لم تتغير، خاصة فيما يتعلق بقناعات قادتها وعناصرها حيال حقوق المرأة، ولم تكن بعض التصريحات التي أطلقها بعض قادتها في السابق أثناء المفاوضات وقبل الاستيلاء الأخير على السلطة، إلا من قبيل الخداع اللفظي.
وقال "عبد المنعم": الحركة بمجرد أن بسطت هيمنتها وعادت لكرسي السلطة بعد الانسحاب الأمريكي، وعادت لسيرتها الأولى في التعامل مع المرأة فألغت الوزارة الخاصة بها واستبدلتها بوزارة للأمر بالمعروف وفرض التعاليم المتشددة وفق تفسيرات الحركة، وطردت غالبية النساء العاملات من وظائفهن ومنعت المرأة من التمثيل السياسي، كما حرمت الطالبات في المرحلة الثانوية والجامعية من التعليم، فضلًا عن القمع الذي تمارسه ضد النساء في الشارع وضد أي صوت نسائي يطالب بالحقوق المشروعة للمرأة الأفغانية.
وأوضح، أن ما جرى له العديد من الأسباب، منها ما هو خاص بطبيعة التدخل الأمريكي وطريقة الانسحاب والتخلي عن الشعب الأفغاني بعد أن تحصل على البعض من حريته وحقوقه خلال العقدين الماضيين، ومنها ما هو متعلق بطبيعة تكوين طالبان ونفوذ الأجنحة الأكثر تشددًا داخلها، ومنها ما هو متعلق باستخدام ورقة حقوق المرأة الأفغانية أو للخداع أثناء المفاوضات وقبلها، وثانيا للضغط والابتزاز للحصول على معونات ومكاسب سياسية وفي المجمل ليس هناك دافع مؤسس على قناعة فكرية لدى طالبان لتعطي المرأة حقوقها المشروعة.