تصاب العديد من الأسر بصدمة لدى اكتشافهم إصابة أحد أبنائهم بمرض التوحد، ويتعاملون مع الأمر على أنه عائق أمام ممارسة الحياة وقبل أن نشرح كيفية التعامل مع الطفل المصاب بمرض التوحد، أسوق إليكم بعض النماذج التي ربما لم تكونوا تعلمون من قبل أن هؤلاء العلماء كانوا أحد المصابين بالتوحد ورغم ذلك أثروا البشرية بعلومهم وصنعوا تاريخا لهم ولأسرهم محفورا في ذاكرة العالم.
إسحاق نيوتن
أثبت قانون الجاذبية، وكان له الفضل في بدء الثورة العلمية في القرن السابع عشر، ولكن عبقريته هذه جاءت معها سمات مختلفة كانت من المحتمل أن تكون مرتبطة بسمات التوحد، وعلى الرغم من أنه كان هادئا في معظم الوقت إلا أنه كان منعزلًا بشكل صريح عن العالم.
تشارلز داروين
مؤسس نظرية التطور ومفهوم الانتقاء الطبيعي، وله مساهمات عبقرية في دراسة علم الأحياء، واستطاع أن يحقق أكبر تقدم في التاريخ، ولكنه أظهر أيضًا بعض السلوكيات التي تلمح إلى مرض التوحد، حيث إن داروين كان طفلًا انفراديًا اجتماعيًا، وكان لديه الكثير من الصراعات في مرحلة المراهقة.
هنري كافنديش
أحد أهم العلماء في التاريخ وهو فيلسوف طبيعي، وكيميائي، وفيزيائي وهو الذي استطاع إعادة تسمية قانون ريختر، وقانون أوم، وقانون كولوم، وهو مكتشف الهيدروجين ولكن بسبب طبيعة كافنديش الهادئة وسلوكه المحير، بنشر أي من هذه النتائج، وهذا جعل من المفترض أن هنري كافنديش كان مصابًا بالتوحد، على وجه التحديد كان مصاب بمتلازمة أسبرجر وهذا وفقًا للتشخيص الأخير.
جون إلدر روبيسون
باحث عمل في قسم التنوع العصبي في كلية وليام وماري، وعلى الرغم من إصابته بالتوحد، إلا أنه عاش سنوات حياته الأولى وهو غير مدرك لتشخيصه، حيث إنه تم تشخيص مرض التوحد لديه في سن الأربعين.
وعاش روبيسون مدافعًا وبقوة عن مرض التوحد، ونسق العديد من البرامج الخاصة بالتوحد مع الوكالات الحكومية بما في ذلك وزارة الدفاع، والتعليم، والضمان الاجتماعي الأمريكية.
علامات مرض التوحد
تأخير لغوي:
يعاني المصابون بالتوحد من تأخر لغوي، حيث يتأخرون في الرد، ويحاولون البقاء منعزلين لأطول وقت ممكن، ويظهر ذلك في عدم قدرتهم على التواصل البصري، ولا يجيدون فهم تعبيرات الآخرين، أي أنهم يعجزون عن تمييز عواطفهم، وعواطف الآخرين.
وقت تشخيص المرض:
يتم تشخيص الطفل المصاب بالتوحد في سنٍ مبكرة، يظهر للعديد من الأطفال أعراض التوحد بدءًا من عمر ١٢ شهرًا إلى ١٨ شهرًا أو قبل ذلك، حيث يتراجع بعض الصفات والمهام عند الأطفال المصابين بالتوحد مما يعني أنهم قد يتوقفوا عن استخدام اللغة أو اللعب أو المهارات الاجتماعية.
كيفية التعامل مع طفل التوحد
أولا: تقدير الحالة النفسية:
الطفل المتوحد إنسان أولا وأخيرا، هناك ما يفرحه ويجعله سعيدا وهناك ما يحزنه ويجعله مكتئبا، حتى وإن كنا نجهل السبب فشأنه شأن الطفل العادي قد يكون في حالة نفسية وجسدية طيبة، فيتعاون مع الآخرين، وقد يكون في أحيان أخرى في حالة نفسية وجسدية سيئة لذلك لا يتجاوب مع من يتعامل معه ويرفض التعاون معه.
ثانيا: تنمية الثقة بالنفس والاستقلالية:
ينبغي أن نشجعه على فعل كل شيء بنفسه. وعلينا أن ننتبه إلى عدم الصراخ في وجهه حينما لا يفعل ما نطلبه منه بشكل صحيح أو حينما يفعل شيئًا خاطئًا من تلقاء نفسه، لأن ذلك من شأنه أن يزيد من فقدان الثقة والاستقلالية لديه.
ثالثا: محاولة تقريب ودمج الطفل مع أقرانه:
يميل الأطفال المصابون بالتوحد إلى التعامل مع الكبار والاتصال بهم، ويكون تعاملهم مع الكبار أسهل من تعاملهم مع الأطفال الصغار، وقد يرجع هذا إلى تفهم الكبار للطفل المتوحد أو نتيجة لتعوده عليهم أو ربما لأنهم يحاولون تطويع أنفسهم لخدمته، ولذلك علينا تقريب الطفل المتوحد من الأطفال الآخرين ونعلمه كيف يلعب ويتفاعل معهم.
رابعا: شغل الطفل عن الحركات النمطية:
إن أغلب الأطفال التوحديين لديهم حركات نمطية مبتكرة يفعلونها ليلا ونهارا، وينزعجون حينما تنهاهم عن فعلها وتحاول وقفها، لذلك علينا أن ننهاهم عنها ليس بالكلام أو بأمرهم بالتوقف عنها أو محاولة وقفها عنوة أو معاقبتهم عند فعلها وإنما ننهاهم عنها ونمنعها بأن نشغلهم دائما ولا نتركهم مع أنفسهم يكررون هذه الحركات والأفعال النمطية.
خامسا: التركيز على التواصل:
من المهم أن نركز في تعاملنا مع الطفل المتوحد على تنمية التواصل البصري واللفظي، فلا يكفي أن نعطي الطفل ما يريده أو يرغبه بمجرد نجاحه في مهمة ما طلبت منه، بل يجب ألا تعطيه هذا الشيء إلا عندما ينظر في وجهك، وكذلك تشجعه على النظر في وجه من يتحدث معه وبالنسبة للأطفال الذين توجد لديهم القدرة على الكلام فيجب أن نشجعه على الكلام حتى يحصل على ما يريد.
سادسا: التأكد من فهم الطفل لما نطلبه منه:
علينا أن نتأكد من مدى فهم الطفل لنا ولما نطلبه منه، لأنه أحيانا يكون رفض الطفل أو إبداؤه للمقاومة عند التدريب لا يرجع إلى عدم رغبته في التعاون مع معلمه أو والده أو لمجرد الرفض، وإنما إلى عدم فهمه لما نطلبه منه.
سابعا: التدريب على اللعب:
أثبتت الأبحاث والدراسات أن للعب دورًا مهمًا في النمو فهو أسلوب وطريقة لتفريغ الانفعالات وعلاج الاضطرابات الانفعالية. ولما كان للعب هذه الأهمية في حياة الإنسان فكان من المهم أن ندرب الطفل المتوحد على اللعب وكيفية الاستمتاع به ومشاركة الآخرين في اللعب.
ثامنا: توحيد طرق التعامل:
قد لا يحدث تقدم في حالة الطفل المتوحد رغم اتباعنا لمعظم المبادئ والنصائح السابق ذكرها ويرجع عادة السبب في كثير من الأحيان إلى أن أسلوب التعامل في المنزل يختلف عن أسلوب التعامل في المدرسة أو المركز أوالمؤسسة التي يوجد بها، لذلك يجب أن يكون الأسلوب الذي نتعامل به مع الطفل المتوحد أسلوبا واحدا في كل مكان يوجد به الطفل.
تاسعا: تدريب الطفل على الدفاع عن نفسه:
الطفل المصاب بالتوحد لا يستطيع في الغالب الدفاع عن نفسه ولا يستطيع التعرف على مصدر الخطر، حتى إنه لا يستطيع أن يسترد ما أخذ منه ولو كان طعامه، وهذا الأمر يحزن الكثيرين من أسر الأطفال التوحديين، ولذلك فمن المهم أن ندربه على كيفية رد العدوان وكيفية الهروب من مصدر الخطر، وكيف يدافع عن نفسه وكيف يتعامل مع ما يعترض طريقه.
عاشرا: تدريب الطفل على تقبل التغيير:
علينا أن نجعل الطفل يعرف أن عليه أن يتعامل مع الواقع كما هو وليس كما يجب أن يكون الواقع، وعلينا أن نشرح ونوضح له ماذا سنفعل قبل قيامنا به، ولذلك يجب أن نبدأ بالتغيرات البسيطة في البداية ثم بعد ذلك بالتغيرات الكبيرة.