الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

«بعبع» الثانوية العامة.. أولياء الأمور يعيشون الامتحان مع الأبناء.. طوارئ فى المنزل طوال العام.. والاختبارات خطفت فرحة الطلاب بالعيد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قلق وتوتر يتخللهما أمل ورجاء.. تلك مشاعر مُختلطة تسيطر على أولياء الأمور الذين يفترشون الأرصفة والطرقات أمام لجان امتحانات الثانوية العامة، ينتظرون خروج فلذات أكبادهم من تلك الحُجرات التي يؤدون بها امتحان تحديد المصير، فإما مُكرمون بالتفوق وتحقيق الرغبات أو مُهانون بضياع الأحلام والآمال. على مدار عام كامل، تعيش الأسرة التي يلتحق أحد أفرادها بالثانوية العامة ظروفا عصيبة غير مُنقطعة النظير، فلا نوم تعرف ولا للراحة تخلُد، ولا شيء آخر يُزاحم كد الثانوية العامة وقبل أشهر من انطلاق العام الدراسي تُفرض الأسرة الطوارئ وتعمل على إزالة المُعوقات لتُهيئء الأجواء أملا في تحقيق الطُموح والرغبات، ويكون الرد بعد رفع الأسرة درجة الاستعداد القصوى: «عندنا ثانوية عامة.. ربنا ينجحك». 

انقضى العام الدراسي الكبير، وانطلق ماراثون الامتحانات، فإن تصادف مُرورك أمام إحدى لجان الامتحانات، حتمًا ستجد أولياء الأمور ينتظرون خروج أبنائهم يفترشون الأرصفة يستظلون الأشجار هربًا من حرارة شمس مُحرقة، ولكن إن أمعنت النظر في وجوههم وجدتهم حالمين آملين في غدٍ مُشرق بالنجاح والتفوق، أعينهم تملؤها القلق والأمل، وقلوبهم تنبض بالدعاء والتوسل تُناجي الإله في كل آن ولحظة، الدقائق تمر عليهم وكأنها ساعة، والساعة تُمر وكأنها سنة يكسوها الخوف ويغمرها الترقب، حتى النظرة الأولى للحظة خروج الطلاب، لتتبدل المشاعر المُضطربة لهدوء وسكينة أو تذرف الأعين دمعًا وتملأ الأحزان القلوب وتعج العقول بالمجهول، إنها رهبة الثانوية العامة «بُعبع» الصغار وكابوس الكبار.

«بعبع» الثانوية العامة يخطف فرحة العيد

وخطف «بعبع» الثانوية العامة فرحة أسر الثانوية العامة بعيد الأضحى المبارك ٢٠٢٣؛ إذ جاء العيد في مُنتصف أيام الامتحانات؛ وهو الأمر الذى كان بمثابة فرصة جديدة لاستعداد الطلاب لعودة مارثون امتحانات الثانوية العامة؛ فأقامت الأسر مُعسكرًا علميًا داخل المنازل ودوت أجراس الطوارئ في العيد لتهيئة وتحسين الأجواء لأبنائهم طلاب الثانوية، فيما سُمح بالاستمتاع القليل بأجواء وفرحة العيد؛ ولكن الفرحة الأكبر للأسر ستكون حتمًا مع إطلاق زغاريد حصول أبنائهم على درجات تحقيق الرغبات وبدء مرحلة تعليمية جديدة على أبواب الجامعات. 

قرآن ودعاء وتسبيح

على أرصفة لجنة مدرسة الأورمان الثانوية بحي عجوزة؛ اصطف أولياء الأمور جنبًا إلى جنب؛ على رصيف لجنة امتحان اللغة العربية "والذي يحظى بالصعوبة وخاصة النحو فهو مُعضلة طلاب الثانوية العامة على مدار السنوات السابقة"؛ فمنذ أن دخل الطلاب لجان الامتحانات أمسك الأمهات بالمصاحف لقراءة القرآن الكريم؛ بينما تنبض القلوب بالدعاء والرجاء؛ أملًا في تخطي أسئلة امتحان اللغة العربية.

لأكثر من ساعتين؛ مكث أولياء الأمور أمام لجنة مدرسة الأورمان الثانوية بالعجوزة منتظرين خروج أبنائهم؛ فبينما كان بعضهم يقرأ القرآن كان آخرون ممسكون بالمراجع والملازم الدراسية، في مشهد يُوحي بأن أولياء الأمور سوف يخضعون للامتحانات وليس أبنائهم؛ لحظات عصيبة يحاوطها الخوف والرجاء في تحقيق الآمال والأحلام طمعًا في عوضٍ يجبر مشقة الأيام وسهر الليالي وكد المُذاكرة.     

اضحك الصورة تطلع حلوة

هُنا أعتاب لجنة امتحان الاستاتيكا بمدرسة جمال عبد العناصر بحي الدقي بمحافظة الجيزة، كانت شاهدة على فرحة القلوب بعد رسائل الطمأنينة التي أرسالها الأبناء للآباء فور انتهاء طلاب «علمي رياضة» من تديون إجابات أسئلة امتحان الاستاتيكا، وما أن شاهد الأولياء الأمور الفرحة على وجوه الطلاب وطمأنتهم بأن بكل شيء بات على ما يُرام حتى ضمت الأذرع الأبناء بالأحضان والقُبلات بعد ساعتين من القلق والانتظار أمام لجنة امتحان الاستاتيكا.

فيما بدأت عدسات المصورين توثق لحظات الفرح والسعادة التي شاهدتها الشوارع المحيطة بلجنة الثانوية العامة بمدرسة جمال عبد العناصر بالدقي؛ لتُلخص الصور فرحة الأباء والأمهات بتوفيق أبنائهم في امتحان أحد مواد الثانوية العامة. 

العديد من الصور التقطت أمام لجنة امتحان الاستاتيكا بمدرسة جمال عبد العناصر بالدقي؛ إلا أنه صورة أبوين يُعتقد أنهم في الخمسينيات وبرفقتهم ابنتهم طالبة الثانوية العامة كانت لها طابع خاص؛ إذ احتوى ذراع الأب الأم والابنة وبدت سعادة عارمة على وجه الأبوين؛ لتنظر الأسرة "الأب والأم والابنة" لـ عدسة المُصور، ليكون العنوان الأوضح لهذا المشهد المُبهج "اضحك الصورة تطلع حلوة". 

قُبلة حنونة تُهون مشقة الأيام وسهر الليالي

ومن حي الدقي بالجيزة، لمركز الوقف شمالي محافظة قنا؛ وتحديدًا أمام لجنة امتحان التربية الدينية بمدرسة الشهيد حسني عبادي؛ حيث سطر والد طالبة مشهدًا حنونًا في غاية الروعة وبات حديث مواقع التواصل الاجتماعي لعدة أيام؛ بعد أن التقطت صورة لرجل خمسيني وهو يُقبل يد ابنته فور خروجها من الامتحان؛ المشهد الحنون دفع للعديد من التساؤلات حول "بطل الصورة" بعد قُبلة حنونة تُهون مشقة الأيام وسهر الليالي في سنة "عُنق الزجاجة". 

بطل الحكاية، كان ولي أمر يُدعى فاروق السنبسي؛ والذي يحرص على إيصال ابنته للجنة الامتحانات على "موتوسيكل" وينتظرها حتى خروجها من الامتحان؛ ليس فقط في الثانوية العامة ولكن في كل مراحل تعليمها. ويرى "السنبسي" أن ما فعله بشأن تقبل يد ابنته "غادة" أمرًا مُعتادًا بالنسبة له؛ ويفعل ذلك سواءً في المنزل أو في أي مكان؛ خاصة وأن ابنته هي "البكرية" من بين أبنائه الأربعة؛ ولكنها تتمتع برصيد حُب في قلبة لا مثيل له فهو مُتعلقًا بها بشدة ويحرص دائمًا على إسعادها وطمأنتها.   

بوكيه ورد أمام لجنة الامتحان

لم تكن محافظة أسيوط ببعيدة عن مشاهد الحب والأمل في ماراثون امتحانات الثانوية العامة ٢٠٢٣؛ إذ حرص أحد أولياء الأمور على إدخال البهجة والسرور على ابنته بعد انتهاء امتحان مادة اللغة الفرنسية بمدرسة الشهيد أحمد فايز الثانوية بنات بمركز الفتح في أسيوط. 

بطل القصة كان ولي أمر الطالبة ابتسام هيثم عبد النعيم؛ إذ فاجأ الأب صاحب العقد الرابع من العمر ابنته بـ"بوكيه ورد" على أعتاب اللجنة بعد خروجها من الامتحان؛ في مشهد مبهج يُؤكد على الحب المُتواصل بين الأب وابنته. قائلًا: "كان نفسي أفرحها وأخفف عنها التوتر والقلق؛ وقررت انتظرها أمام اللجنة بالورد.. أنا بقولها من نوع الدعم اني راضي بأي نتيجة هي بتجتهد وبتتعب وبتذاكر". 

حديث "عبد النعيم" أسر قلب ابنته لترد عليه برسالة شكر وتقدير بعد أن رُسمت الابتسامة على وجهها ولمعت عيناها من مفاجأة أبيها أما زملاؤها وأولياء الأمور الذي حرصوا أيضًا على دعم أبنائهم بصور مُختلفة.

زجاجات مياه ورسائل طُمأنينية

وفي لفتة إنسانية من إدارة الساحل التعليمية بشبرا الخيمة؛ حرصت على تقديم زجاجات المياه الباردة على طلاب الثانوية العامة قبل بدء امتحان اللغة العربية؛ مُحاولين إرسال العديد من رسائل الطمأنينة للطلاب وأولياء الأمور؛ في ظل التوتر الذي يعيشه أولياء الأمور وخوف الطلاب من "بعبع" الامتحانات التي تأتي تزامنًا مع طقس فصل الصيف الحار..   

  الكيمياء تُحزن الطلاب والإنجليزي يُعيد البسمة 

مشاهد أولياء الأمور في الثانوية العامة ٢٠٢٣؛ ربما لم تكن مُختلفة عن تلك المشاهد التي اعتدنا عليها في السنوات السابقة لأولياء لأمور؛ إلا أن ماراثون الامتحان الثانوية العامة هذا العام كان له طابع خاصة وذلك بعد عبور البلاد أزمة كورونا ٢٠١٩؛ لتعود من جديد "هيبة امتحان الثانوية العامة".

فعقب الانتهاء من أداء امتحان الكيمياء سادت حالة من الحزن والصدمة بين الطلاب إذ تضمن الامتحان صعوبات للغاية وأسئلة غير مُباشرة وارتقاء الأسئلة لمستوى الطالب فوق المتوسط، بالإضافة إلى ضيق الوقت المحدد للامتحان. الأمر الذي دفع الأمر للوصل إلى البرلمان بتقديم طلب إحاطة لوزير التربية والتعليم بشأن صعوبة امتحان مادة الكيمياء.

بدوره، رد وزير التربية والتعليم رضا حجازي، على الشكاوي المتعلقة بصعوبة امتحان الكيمياء، بتوجيه لجنة مكونة من ١٠ خبراء لمراجعة دقة الأسئلة، ودقة الصياغة اللغوية، واحتمالية وجود أكثر من إجابة للسؤال، كما أن التصحيح الإلكتروني يوضح معامل الصعوبة لكل سؤال. حسب تصريحات شادي زلطة، المتحدث الإعلامي باسم وزارة التربية والتعليم. 

ولكن بعد أزمة الكيمياء جاءت مادة الانجليزي لتُعيد الطمأنينة لأولياء الأمور والطلاب؛ إذ سادت حالة من البهجة وعادت البسمة للطلاب، متمنيين أن تستمر حتى نهاية ماراثون الامتحانات، فقد نجحت اللغة الإنجليزية في أن ترسم الضحكة على وجوه الطلاب على الرغم من وجود بعض غموض الأسئلة إلا أنها كانت كفيلة بإسعادهم.

وفيات الثانوية العامة

وشهدت امتحانات الثانوية العامة ٢٠٢٣؛ العديد من الوقائع المأساوية التي فطرت القلوب وأدمعت الأعين؛ إذ توفي عدة طلاب بعد انطلاق ماراثون الامتحانات؛ كان آخرهم الطالب عبد الكريم محمود طالب بالصف الثالث الثانوى، بقسم الدمج بمدرسة الشهيد محمد خالد الثانوية فى كوم أمبو بأسوان الذي لفظ أنفاسه الأخيرة إثر إصابته بحالة إعياء أثناء أداء امتحان اللغة الإنجليزية، وهو جالس على كرسى متحرك ونقل للمستشفى لكن لفظ أنفاسه الأخيرة.

في سياق متصل، فإن الطالبة ياسمين محمد ابنة قرية المشرك قبلي بالفيوم، والتي توفيت في أول أيام الامتحانات بعد صراع طويل مع مرض السرطان. كما أصيبت طالبة ١٦ عامًا، بكسر فى الحوض ونزيف بالصدر؛ إثر سقوطها من علو بمدرسة روفيدة الأنصاري الثانوية للبنات التي تؤدي بها الامتحانات.

وفي أول أيام الامتحانات أعلنت النقابة الفرعية بالأقصر وفاة المعلم جبريل على محمد سليمان، أثناء أداء عمله بإحدى لجان الثانوية العامة بمدرسة الثانوية بنات بأرمنت بالأقصر. وفي سوهاج توفي المُعلم عزت فاروق إسكندر؛ أثناء توجهه للجنة الثانوية العامة بمدرسة الشهيد وسام منصور؛ إذ توفي نتيجة سقوطه من القطار قبل توقفه على محطة فرشوط. 

ويؤدي امتحانات الثانوية ٢٠٢٣، ٧٨٣٠٢٥ طالبا وطالبة، من بينهم ٢٧٦٢١١ طالبا وطالبة بالشعبة الأدبية، و٣٩١٦٧١ طالبا وطالبة بالشعبة العلمية (علوم) و٩٨٦٥٨ طالبا وطالبة بالشعبة العلمية (رياضيات)، ويصل عدد لجان النظام والمراقبة إلى ١١ لجنة بكل قطاع على مستوى الجمهورية، وعدد لجان سير الامتحان ٢٠٩٨ لجنة.