أكد معهد ستوكهولم لابحاث السلام الدولي (سيبري) أن استمرار الحرب في أوكرانيا يشكل استنزافا اقتصاديا مرهقا لروسيا، وذلك بالنظر طول أمد الحرب وارتفاع فواتير تمويلها في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا؛ وهو ما بدأت ملامحه تظهر في الموازنة العامة الروسية للعام 2023، التي اصطدمت بمتغيرين أساسيين، وهما تراجع أسعار النفط الروسى وكذلك العملة الروسية.
وأشارت دراسة معهد ستوكهولم إلى أن موازنة روسيا للعام 2023 بنيت - على أساس تقديري - لسعر برميل نفط الأورال هو 1ر70 دولار أمريكي، إلا أن متوسط سعر برميل نفط الأورال لم يتعد 92ر48 دولار في الربع الأول من العام الجاري مقابل 95ر88 دولار للبرميل في الربع الاول من العام 2022.
ولفتت الدراسة إلى أن موازنة روسيا للعام 2023 بنيت على اساس سعر صرف هو 3ر68 روبل للدولار الواحد الا ان ما حدث على ارض الواقع كان أسوأ حيث بيع الدولار الامريكى بنهاية الثلث الأول من العام الجاري ( ابريل 2023 ) لقاء 80 روبلا، وقد واصل الروبل تراجعه أمام الدولار الأمريكي بفعل استمرار الحرب والعقوبات إلى أن سجل في منتصف يونيو الماضى 85 روبلا للدولار الأمريكي الواحد
ويرى خبراء معهد ستوكهولم أن الإنفاق الدفاعي لروسيا - خلال عام 2023 - مرشح للتصاعد؛ آخذا في الاعتبار تطورات المشهد العسكري في أوكرانيا، مشيرين إلى أنه وفقا للتقديرات الأولية لموازنة عام 2023؛ فقد التهمت اعتمادات الانفاق الدفاعي لروسيا نسبة 23 في المائة من إجمالي الموازنة الروسية العامة؛ وهي النسبة التي كانت لا تتعدى 21 في المائة من الموازنة العامة الروسية في عام 2022؛ حينما اندلعت الحرب.
ونبه تقرير (سيبري) إلى خطورة ما يشهده الإنفاق الدفاعي لروسيا من تسارع - خلال الوقت الراهن - بسبب ضراوة الحرب في أوكرانيا؛ وهي الحرب التي كان الإنفاق الدفاعي الروسي ثابتا عند معدلاته الاعتيادية خلال الأشهر الثلاثة الأولى، التي أعقبت انطلاق الشرارة الأولى للحرب في الرابع والعشرين من فبراير 2022.
وقدر معهد بلوغ الإنفاق الدفاعي لروسيا بنهاية العام الجاري 2023 إلى 6648 مليار روبل بارتفاع نسبته 4ر4 في المائة عن التقديرات الاولية للانفاق الدفاعي الروسي للعام 2023 وذلك على ضوء تقديرات الناتج المحلى الكلى لروسيا.
كما لم يستبعد التقرير ارتفاع فاتورة الانفاق الدفاعى فى روسيا مع نهاية العام الجارى الى ما يعادل 6 فى المائة من حجم الناتج المحلي الكلي لروسيا؛ إذا واصل الكرملين سياسة الحشد والتعبئة لمئات الآلاف من الشباب الروسي؛ للدفع بهم إلى ميادين القتال في أوكرانيا.
وأشار تقرير معهد ستوكهولم إلى حتمية مواصلة موسكو لانفاقها الدفاعى الكبير خلال ما تبقى من العام الجاري؛ آملا في حسم الحرب الأوكرانية لصالحها.
وشدد التقرير على أنه "فداحة" الإنفاق العسكري الروسي على جبهات القتال في أوكرانيا؛ انعكست على اقتصاد روسيا؛ بما جعل مخططيه يعيدون حساب أولويات الإنفاق العام، لا سيما بعد ظهور إثر العقوبات الاقتصادية، التي فرضها الغرب على موسكو خلال العام الماضي.
وتتوقع تقديرات الموازنة الروسية للعام الجارى بلوغ حجم الناتج المحلي الإجمالي لروسيا 3ر133 تريليون روبل ومستوى تضخم لا يتعدى 4 %، فيما قدرت الموازنة حجم الإنفاق العسكري المتوقع لتمويل استمرار الحرب الأوكرانية بنسبة لا تتعدى 5ر2 % من حجم الناتج المحلي الكلي الروسي، الذي من المتوقع بلوغ قيمة العجز فيه 2925 مليار روبل؛ وهو ما يعادل 2 في المائة من الناتج المحلي الروسي.