خلف خطوط العدو وأسرار بطولات «العملية لطفى»
- «بطولات حرب أكتوبر» رسالة قائد حربى للأجيال الجديدة لتتعرف على بطولات الجيش المصرى التى لم يعاصروها
- أسرار بطولات المجموعة لطفى التير تُروى للمرة الأولى
- رحلة عبر الزمن خلف خطوط العدو وشهادة بطولات الجيش المصرى
«لا أستطيع أن أصف تلك النشوة وذاك الفخر والاعتزاز بما قامت به قواتنا المسلحة وأنا في هذه اللحظة التي أجلس خلالها في إحدى البقاع السحرية أعلى قمة «جبل الكرمل» الفلسطيني، كنت أشعر أن كل شجرة أو زهرة أو نسمة هواء أو موجة في بحرها تشاطرني السعادة التي انتابتني في هذه اللحظات.. وهل على الدنيا نشوة أكثر متعة وحلاوة من نشوة الانتصار وتحرير الأرض؟!»
صدر عن دار الشروق، كتاب «خطوط خلف العدو» من بطولات حرب أكتوبر 73 لـ اللواء أسامة المندوه، وهو خلاصة تجربة أحد ضباط الاستطلاع بالجيش المصري خلال فترة حرب أكتوبر المجيدة ، والذي يأخذنا في رحلة عبر الزمن لفترة هي من أعظم الفترات التاريخية في تاريخ مصر الحديث منذ فترة الخمسينيات من القرن الـ 20، يروي خلاله قصة بطولات الجيش المصري متمثلة في المجموعة «لطفي» المجموعة الاستطلاعية التي كشفت خطوط خلال حرب أكتوبر والأعمال القتالية التي قامت بها المجموعة والتي كان لها إسهام بارز في الحرب حتى وقف إطلاق النار.
يكشف لنا من خلال سطور الكتاب كيف تكونت المجموعة لطفي ، وإعادة تقديم قادة الجيش المصري للأجيال الجديدة التي لم تشهد الحرب، وكيف انتصر الجيش المصري على العدو الإسرائيلي في ملحة حربية هي الأبرز من كل حروب العالم، «ملحمة حرب أكتوبر» وكيف قدم الجيش المصري التضحيات من أجل استعادة الأرض المحتلة وكيف خرج العدو مهزومًا ذليلاً ومنكسرًا.
و«المجموعة لطفي» قد استطاعت أن تتوغل في قلب قوات العدو، كان قوام المجموعة من الشباب، و الذين استطاعوا أن يندفعوا إلى هذا العمل البطولي دون خوف من تلك القوات الغاشمة، بل كانوا على استعداد للتضحية بأرواحهم من أجل وطنهم العزيز مصر.
ويروي هذا الكتاب قصة بطولة من أروع البطولات التي قام بها رجال القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر ۱۹۷۳، تتمثل في مجموعة استطلاع مصرية «المجموعة لطفي»، بقيادة النقيب أسامة المندوه، للتمركز خلف خطوط العدو وفي قلب تجمعاته حيث مركز القيادة والسيطرة الإسرائيلي الرئيسي في «أم مرجم» و «مطار المليز » الحربي في وسط سيناء.
في الحقيقة أن الحديث عن هذا الكتاب «خلف خطوط العدو» لا يوفيه حقه بل يجب على كل منزل في مصر المحروسة اقتناؤه وتعيد قراءته لأبنائها لاسيما الأجيال الجديدة والتي لا تعرف شيئًا عما قدمه الجيش الوطني من تضحيات ومناورات عسكري ضحى خلالها جيشنا العظيم بكل ما هو نفيس وغال من أجل استعادة الوطن والكرامة ، بل يجب أيضًا أن يقدم لطلبة المدارس في المراحل الابتدائية فهذه ليست سيرة ذاتيه للواء أسامة مندوه وإنما شهادة شفاهية على تاريخ مصر الحديث في أوقات الحرب والسلم، هو كتاب العزيمة والإصرار والتحدي من أجل استعادة الأرض والعرض من يد المغتصب.
من رحلة الدراسة إلى الكلية الحربية وحكاية الدفعة 51 حربية وحرب الاستنزاف وحصرة حرب 48 ، ورحلته بداخل الكلية الحربية وحرب 67 وشعار «الواجب.. والشرف والوطن» يأخذنا اللواء أسامة في رحلة عبر الزمن تحكي حكاية الجيش المصري ونضاله وحربه ضد العدو وكيف تغلب عليه وهزمه الهزيمة الساحقة، لتكون حكاياته مصدر إلهام للجيل الحالي وليعرف أن جنودنا البواسل قد ضحوا بكل نفيس وغال من أجل رفع راية الوطن عالية.
النشأة في قرية أبو ذكري
يخطو اللواء أسامه مندوه خطوات سريعة يتحدث فيها عن نشأته بقرية «أبوذكري» لإحدى قري الدلتا، والتي كانت مثلها مثل مثيلاتها من القرى المجاورة التي تعاني النقص في الخدمات الأساسية ، لكن تلك النشأة كان لها تأثير كبر على حياته فيما بعد، فما بين التلاحم والتعاطف والتراحم الذي يسود بين أفراد القرية، ونشاته وسط عائلة كبيرة والتي تكونت من الأب والأم واثنى عشر أخ وأخت 5 أبناء و7 بنات، وأب صارم وشديد الانضباط، حاسم في قراراته بما يليق بمنصب العمدة الذي كان يشغله، وفي نفس الوقت كان يمثل له أبيه مثله الأعلى إذا قال :«إن أبي هو مثلي الأعلى، وأهم حافز في حياتي، وأكبر مؤثر في ضميري الإنساني، له بصمات طبعها بحكمته في أعماقي، ونسج خيوطها بين جوانحي بمواقف ذات دلالات إنسانية عميقة التأثير».
ويتناول اللواء أسامه رحلته في مرحلة التعليم الأساسي الابتدائية والإعدادية والتي اجتازها بتفوق كبير، وذهابه إلى القاهرة ليتلقى تعليمه الثانوي، والذي تلقاه في مدرسة «الخديوي إسماعيل الثانوية» هذه المدرسة العريقة التي كانت حريصة على أن يكون عدد أبنائها ضمن أوائل الجمهورية في الثانوية العامة، وكانت تخصص فصلا للمتفوقين وتدعمهم بدروس إضافية قبل بداية اليوم الدراسي، حتى دخوله الكلية الحربية والذي أقنعه أخوه الكبير «عاطف» بدخولها بعد أن تخرج الأخير منها برتبه ملازم أول والتي وصفها له بـأن الكلية الحربية « ستخلق منك إنسانًا منضبطًا، صحيح الجسم والبدن، مفيدًا لبلدك، تعرف واجباتك.. تؤديها بشرف من أجل وطنك وبلدك» وقد نجحت تلك الجهود في أن يقدم أوراقه إلى الكلية الحربية وتراجع عن فكرة الالتحاق بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية.
بداية جديدة «الواجب.. الشرف .. الوطن»
«الواجب .. الشرف ... الوطن» بهذه الكلمات يبدأ اللواء أسامه مندوه رحلته مع الكلية الحربية والتي التحق بها في عام 1965 ضمن الدفعة 50 حربية وهي دفعة الشهيد أحمد توفيق يس" وكان عمره وقتها لا يتجاوز الـ 17 عامًا، يحمل في وجدانه هذا الشعار الذي بدأ يجتاحه مع أول صوت لنوبة الصحيان والتي تطلق في كل فجر يوم جديد يمر عليه بالكلية الحربية، هذا الشعار الذي كان يردده يوميًّا جعل منه مقاتلا محبًا للوطن ويعي قيمة الانتماء له، وبين الإصرار والعزيمة خلال أيام التدريب تعمقت بداخله الروح الوطنية من أجل استقرار وأمن وأمان مصر الحبيبة.
لتأتي أصوات الحرب والهزيمة بعد عام 1967، لتأتي مرحلة أخرى ونقلة أخرى في حياته وهي ما أسماه بمرحلة «الصمود» ومن بعدها مرحلة الدفاع النشط ومن ثم مرحلة الاستنزاف والتي شهدت عبور تشكيلات مصرية لقناة السويس، ويبدأ فصلاً جديدًا في حركة نضال الجيش المصري في حرب يونيو 1967، والتي تم فيها تخريج الدفعة 50 وتم توزيع ضباطها لتغطية بعض أوجه النقص في وحدات القوات المسلحة، ثم تولت الدفعة 51 حربية قيادة الكلية، حتى اشتدت وتيرة الحرب مع العدو وبعد أيام من كارثة 5 يونيو صدرت الأوامر لطلبة القسم النهائي بالاستعداد لمغادرة الكلية الحربية والانضمام إلى فرقة جديدة تحت التشكيل هي الفرقة 18 مشاة والتي كانت تتولى مهمة الدفاع عن القاهرة، وبعد فترة عادة الفرقة 18 مشاة إلى الكلية الحربية لاستكمال الدراسة وكانت الروح المعنوية للطلاب الكلية الحربية في أشد حزنها ذلك لأن بعض هزيمة 67 وما حدث للجيش المصري كان له الأثر السلبي بين علاقة الشعب والجيش من فقدان للثقة بينهما، هذا بالإضافة على محاولات إسرائيل التي لم تتوقف للعمل على تخريب هذه العلاقة العضوية بين القوات المسلحة والشعب المصري، حتى انتهت أيام الدراسة وتخرجت الدفعة 51 حربية تحت شعار «الواجب .. الشرف.. الوطن» و«النصر أو الشهادة» هذا الشعار الذي اتخذته الدفعة 51 حربية من أجل النصر على العدو واستعادة الأرض والكرامة أو نيل الشهادة .
مقاتل على الجبهة فى حرب الاستنزاف
وهنا يبدأ اللواء اسامه مندوه مرحلة جديدة في حياته بداخل الجيش المصري وهي مرحلة حرب الاستنزاف بعد أن تخرج من الكلية الحربية برتبة ملازم وتم توزيعه على تشكيلات ووحدات القوات المسلحة الموجودة على جبهة قناة السويس، والتحق بالفرقة الرابعة المدرعة وبالتحديد كتيبة الاستطلاع، وخضنا حرب الاستنزاف والتي أثبتت قوة وصمود مصر وتحملها وقوة ارادتها وتمسكها بهدفها الأسمى وهي رد الأرض وبدأ ببناء حائط الصواريخ والذي امتد على جبهة قناة السويس ذلك لمنع طيران العدو من اختراق الأجواء المصرية، والذي كان له فعل السحر في رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة. وساهم بناء حائط الصواريخ بشكل فهال في رفع الروح المعوية لدي الجيش المصري وأيضًا للشعب المصري كله لتبدأ خلف خطوط العدو عمليات الاستطلاع والتي هدفت إلى جمع المعلومات عن قوات العدو ومواقعها وقدراتها من خلال الملاحظة المباشرة .
«دوريات الاستطلاع خلف خطوط العدو »
في الحقيقة أن الحديث عن هذا الكتاب «خلف خطوط العدو» لا يوفيه حقه بل يجب على كل منزل في مصر المحروسة اقتناؤه وتعيد قراءاته لأبنائها لاسيما الأجيال الجديدة والتي لا تعرف شيئًا عن ما قدمه الجيش الوطني من تضحيات ومناورات عسكري ضحى خلالها جيشنا العظيم بكل ما هو نفيس وغال من أجل استعادة الوطن والكرامة.
ويستكمل اللواء أسامه مندوه حديثه عن حركة الجيش المصري خلف خطوط العدو ودوريات الاستطلاع التي كان ينفذها قوات الصاعقة في سيناء، فقد كانت المهمة خلف خطوط العدو ليست بالأمر الهين أو السهل بل هي مهمة محفوفة بالمخاطر ، فالعمل خلف خطوط العدو يحتاج إلى الانضباط الشديد وحسن وسرعة التصرف، وبدأت المجموعة في الاكتمال بعد ان انضم لها العريف فتحي عبدالهادي وهو مسؤل التواصل باللاسلكي والتي استخدم فيها شفرة مورس وكانت مهمتها الدفع بالمجموعة التي تحمل اسم "لطفي" على عمق سيناء، لتتمركز في واحدة من أهم المناطق الحيوية التي من خلالها يمكن رصد تحركات القوات الإسرائيلية من وإلى قناة السويس.
واستطاعت المجموعة لطفي إلى كشف تجهيزات العدو والخزنات الكبيرة التي كان مدفونة تحت سطح الأرض والتي كان يصعب تدميرها بالمدفعية، إذا أن هذه الخزنات كانت متصلة بمواسير تحت سطح المياه لتندفع منها السوائل الملتهبة إلى سحط المياه، وأن اغلاق تلك المواسير قبل بدء عملية العبور فلن تصل تلك السوائل الملتهبة إلى سطح الماء ولن يحدث حريق، وكانت المهمة أن يقوم بعض أفراد الصاعقة بسرعة الاستيلاء على هذه المستودعات ومنع استخدامها في حالة فشل إغلاق المواسير الموصلة للمياه، وقد تمت المهمة بنجاح ولم ينجح العدو في إشعال حريق واحد فوق سطح القناة وتم الاستيلاء على مستودعات المواد الملتهبة سليمة بكل ما فيها، بل وتم أسر الضابط المهندس الإسرائيلي الذي قام بتصميمها.
كما تم الدفع بالمجموعة لطفي بعد بدء الهجوم المصري يوم حرب أكتوبر على قوات الاحتلال في سيناء ويقول اللواء أسامة :«فقبل آذان المغرب بنحو ساعة صدرت لي الأوامر بالتحرك ومعي العريف فتحي عبدالوهاب» وبعدها تقابل مع النقيب سامح سيف اليزل والذي عرفه على الشيخ حسب الله وهو دليلهم لاستكمال المهمة وتوجهوا لأبوصرير حتى وصلت المجموعة لطفي في قلب العدو وكانت مهمتها استطلاع ومراقبة حركة العدو من وإلى قناة السويس.
فالمجموعة لطفي هي حكاية ملحمية لمجموعة من أفراد الجيش التي توغلت خلف خطوط العدو لتكشف أسراره، فهذه المجموعة التي دفعت بها القيادة المصرية إلى قلب العدو النابض للتمركز قرب مركز اعصابه لعد حركاته وسكناته وآلياته توطئة لكشف نوياه بالعلم والمعرفة لا بالتخمين أو بالتحليل غير المعتمد على معلومات وبيانات كافية ودقيقة".