لا يمكن الحديث عن بطولات الجيش المصري إلا وأن نذكر مفكرينا وكتابنا الذين خاضوا حرب أكتوبر المجيدة وكيف كان لهم دور مهمّ وبارز في صفوف جيشنا الحبيب، وهذا ما تطرق إليه الدكتور إبراهيم البحراوي أستاذ الدراسات العبرية بجامعة عين شمس من خلال كتابه الذي يحمل عنوان «حكاية مصري مع إسرائيل» والصادر عن دار الشروق، هذا الكتاب الذي يقدم حياة استثنائية لباحث مصري وجد نفسه في سن مبكر مندمجًا مع ملاحم النضال المصري منذ الاحتلال البريطاني وحتى الكفاح ضد العدو الصهيوني.
ففي هذا الكتاب يقدم الدكتور البحراوي خلاصة تجربته الإنسانية التي اجتمع فيها الخاص بالعام ليجد نفسه أمام العدو في حرب هي الأكبر على مستوى العالم، فالكتاب رحلة ثرية مليئة باكتشاف النفس أو الذات من خلال هموم وقضايا ونضال الوطن.
فعلى أشعار قصيد «وعد الحر» لأحمد نجم وصت الشيخ إمام كانت ثورة الطلاب: الخط دا خطي.. والكلمة دي ليا/ غطى الورق غطي .. بالدمع يا عنية، شط الزتون شطس.ز والأرض عربية، نسايمها أنفاسي .. وترابها من ناسي، وغن روحت أنا ناسي.. ماحتنسانيش هي».
ومن خلال دراسته للأدب استطاع الدكتور البحراوي أن يقدم لنا صورة أخرى للحرب من خلال دراسته للأدب الذي نتج خلف خطوط العدو وأمامها ورصدة المتبصر لتلك السرديات التي كانت الحرب قوامها ساعده في ذلك إتقانه للغة العبرية التي قام بدراستها بقسم اللغات الشرقية والتي كان يدرس فيها ثلاث لغات وهي العبرية والتركية والفارسية، ليبدأ رحلة جديدة في إجادة اللغة والتي درسها من خلال دراسته للأدب العبري خاصة الشعر.
مواجهة الأسرى مع الإسرائيليين
وفي الفصل الرابع والذي حمل عنوان حرب أكتوبر 1973 والذي بدأه بالحديث عن البعثة التي شكلها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالتعاون مع مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية للتعرف على أفكار ومشاعر الأسري تجاه قضايا الصراع والسلام ، كانت البعثة تحت رئاسة الدكتور مصطفى زيور وتنسيق المفكر الكبير السيد ياسين وشارك بها الدكتور قدري حفني والدكتور رشاد الشامي والدكتور محسن العريان.
وكيف كشفت تلك الدراسة عن كيف تغيرت صورة المقاتل العربي في أعين ضباط العدو والتي أكد فيها الضباط الإسرائيليون على أن صورة الضابط العربي التي ترسخت عندهم في أعقاب حرب 1967 كانت صورة سلبية، والتي كانوا يتصورون فيها أن القائد يقف خلف الاسوار ويصدر الأوامر وهو عكس ما شاهدوه في عملية اقتحام خط بارليف، وأن الضابط المصري كان يتقدم جنوده في عمليات الاقتحام، كما أنهم جميعا أكدوا على أن الجنود المصريون قدموا كفاءه عالية في استخدام القاذفات الصاروخية المعقدة، بعد أن كانوا يتصورون أنهم لا يجيدون استخدام الأسلحة التكنولوجية المعقدة، وهو ما أكده أيضًا طيارو وملاحو السلاح الجوي الإسرائيلي من الأسرى والذين أكدوا على كفاءة الجندي المصري في استخدام الجنود المصريين الكفؤ للصواريخ المضادة للطائرات والتي تسبب في سقوطهم ووقوعهم في الأسر. كما أشاد الضباط الإسرائيليون الأسرى على ارتفاع الروح القتالية للجنود المصريين وكيف كانوا يعرضون أنفسهم للخطر في بسالة لم يشهدوها من قبل لاسيما خلال فترة عبور القناة