قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، إن حكومته تكاد تكون المؤسسة الدستورية شبه الوحيدة التي لا تزال تؤمن استمرارية الدولة ومؤسساتها، بعدما تسلل التعطيل الممنهج إلى سائر المؤسسات، بفعل الحسابات والتعقيدات السياسية التي تتحكم بعملها – على حد تعبيره.
وأضاف ميقاتي - في كلمته بمؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثالث، اليوم /الثلاثاء/ - أن "الحكومة لم ولن تتقاعس عن القيام بعملها وعن المثابرة على التخفيف قدر المستطاع من حدة الأزمات المتراكمة منذ سنوات طويلة" مشيرا إلى أن الحكومة لا تزال تعمل رغم الإمكانات القليلة المتاحة على التخفيف من وطأة هذه الأزمات.
وتابع أن "المؤتمر ينعقد اليوم على وقع أزمة الشغور الرئاسي المستمر منذ أشهر من دون ظهور بوادر حل، بعدما تمترست الأطراف الداخلية المعنية خلف مواقف لا تقبل التراجع عنها، وبعدما دخلت الوساطات الخارجية أيضا في دائرة المراوحة حتى أشعار آخر".
وأردف ميقاتي أن "الحكومة تستمر في تسيير شؤون الدولة والمرافق العامة وخدمة المواطنين، والسعي قدر الإمكانات المتاحة إلى تلبية المطالب المحقة وفق الصلاحيات الدستورية التي تلزمها بالاجتماع وتصريف الأعمال"، معتبرا أن ما فعلته الحكومة لا يلبي طموحها ولا طموح مطالب اللبنانيين، موضحا أن الواقع يجعل الحكومة تعتمد منهجية الحل الممنهج على مراحل، بدءا بتخفيف حدة أزمات الكهرباء والبنزين والدواء، وإزالة مشهد الطوابير التي اتعبت اللبنانيين، وصولا إلى حركة الأمور في البلد، مشددا على أن كل هذه الأمور لم تكن لتتحقق لولا الاستقرار الأمني وإعادة الحيوية أيضا إلى بعض القطاعات الاقتصادية.
واعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أن "مجمل المواقف الاعتراضية على استمرار الحكومة في مهامها لا يتوافق مع طموحات الأطراف الساعية إلى تعميم الفراغ، إما بحجة إعادة بناء المؤسسات وفق توازنات تشكل انقلابا على الدستور وروحيته، وإما للضغط في اتجاه تحقيق مكاسب فئوية أو نجاحات شعبية مزعومة".
وقال ميقاتي: "قدرنا أن نصبر على الافتراءات والاتهامات الباطلة وبات ضروريا وضع النقاط على الحروف، منعا للتمادي في التضليل.. إن الحكومة ليست مسؤولة عن الفراغ الرئاسي وعن الحروب السياسية المتجددة بين المكونات السياسية، وليست هي من يمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية. الفريق الذي يتمترس خلف حفاظ مزعوم على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو نفسه من مارس التعطيل لسنوات ويتمادى في رفع التهمة المثبتة عليه بإلصاقها بالآخرين، وبالسعي المستمر لتعطيل عمل الحكومة والتصويب على قراراتها، في المقابل ثمة من تستهويه وضعية "المعارضة" فيصوب على عمل الحكومة لكسب شعبية مزعومة، وكأن البلد يتحمل مزيدا من الجدل والسجالات العقيمة".
واستطرد قائلا: "من يعتقد إنه يمكنه ممارسة الوصاية على عمل الحكومة، فيحدد مسبقا ما يجب القيام به وما هي المحظورات والممنوعات، وفق ما يتم تسريبه مباشرة أو بالواسطة"، داعيا المعترضين على عمل الحكومة لانتخاب رئيس جديد للبلاد بأسرع وقت ممكن لوقف كل الإشكالات المفتعلة.
ووجه رئيس الحكومة رسالة للسياسيين قال فيها: "ارحموا الناس وأوقفوا افتعال تشنجات وسجالات لا طائل منها. توقفوا عن نهج السلبية ونمط التعطيل وعن الشحن الطائفي، وقد مررنا بالأمس القريب بأزمات استطعنا تجاوزه بحكمة المعنيين ووعيهم. ارحموا الناس الصابرة على أوجاعها والتي تصارع يوميا لتأمين قوتها وحياتها. فما من شعب تحمّل ربع ما يتحمله شعبنا واستطاع الصمود. وهذه هي ميزة اللبناني المنتفض دوما على اليأس والذي يمتلك ميزة حب الحياد والإصرار على النهوض".