توقع المحلل السياسي كريستيان شينو الصحفي في "راديو فرنسا " أن الوضع سيهدأ والأمور ستعود إلى طبيعتها تدريجيا في فرنسا بعد أعمال العنف والشغب والتخريب التي ضربت البلاد خلال الأيام الماضية بشكل بالغ، إلا أنه حذر من تكرار الأحداث خاصة مع اقتراب موعد "أوليمبياد باريس 2024".
وقال شينو - في تصريح لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس - إن الوضع سيهدأ ويعود تدريجيا إلى طبيعته في الأيام القادمة لأن هناك قوة وتعزيزات أمنية ضخمة ميدانيا، كما أن هناك دعوات كثيرة منها دعوة عائلة الضحية نائل للعودة إلى الهدوء، مشيرا أيضا إلى الضغط والجهود المتزايدة التي تبذلها مؤسسات الدولة للعودة إلى الهدوء..إلا أنه أكد على أهمية تسوية مشاكل هؤلاء الشباب من مثيري الشغب، الذين قاموا بأعمال عنف ونهب وتخريب كبيرة.
وأضاف:"هذه المشاكل يجب تسويتها وحلها، حيث أن البلاد ستستضيف العام القادم دورة الألعاب الأوليمبية، وإن وقعت أحداث مثل تلك التي حدثت الأيام الماضية فسيشكل ذلك مشكلة ولن يكون شيئا جيدا بالنسبة لصورة فرنسا".
وتابع: "إذا تخيلنا هذا الحادث العام القادم مع تنظيم أولمبياد باريس 2024 سيكون الأمر كارثيا"، مشيرا إلى أن جزءا من البنية التحتية للأولمبياد موجود في "سين سان دوني" (مكان شهد أحداث شغب كبيرة)، بالقرب من ملعب فرنسا، وحمام السباحة الأوليمبي الكبير، "لدينا كل هذا، فعلينا أن نتسائل اذا تكرر هذا النوع من الأحداث خلال الألعاب الأولمبية، فسنقول إن الدولة لم تكن بعد في المرحلة الأمنية المطلوبة على الرغم من إتمام كل شيء، لا يمكننا استبعاد وقوع حادث مماثل في الأشهر المقبلة في 2024، إذا حدث فسيكون ذلك كارثيا".
وحذر شينو من هذه المشكلة المجتمعية المتعلقة بهؤلاء الشباب في الضواحي، قائلا: "المهم الان هو تسوية هذه المشكلة المتعلقة بهؤلاء الشباب، بالضواحي، هناك مشكلة في الادماج في المجتمع والتعليم والبطالة، كلها مشاكل يجب أن نعيد التفكير فيها".
كما شدد على مسؤولية الوالدين الذين لديهم أطفال يبلغون من العمر 12 أو 13 عاما يتركونهم في الشوارع، محملا المسؤولية على الوالدين للعودة إلى شكل من أشكال النظام الاجتماعي.
وأضاف: "المسؤولية ليست على عاتق الدولة الفرنسية فقط، وإنما ايضا على عاتق الاباء، مسؤولية يومية على جميع المستويات من الأسرة إلى الدولة".
ووصف المحلل السياسي ما حدث باندلاع عنف بدون هدف سياسي مع تخريب وعمل فوضوي، مشيرا إلى أن اللافت والمثير للاهتمام ليس فقط استهداف الشرطة بل أيضا المحال التجارية والمدارس والمتاجر الشعبية والمكتبات، لذلك هي ليست حركة تستهدف فقط الشرطة، إنها ليست مجرد كراهية تجاه الشرطة، بل هي أبعد من ذلك ضد الدولة الفرنسية.
وقال "في البداية كان الأمر يتعلق بموت الفتى نائل، مع حالة الغضب، لكننا أدركنا بعد ذلك أنه لا علاقة له بالحادث، مع حالات نهب وتخريب مبان كثيرة".
من ناحية أخرى، أكد المحلل السياسي كريستيان شينو أن صورة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ستتأثر بحكم الأمر الواقع، خاصة بعد كل هذه التطورات، قائلا: "في الأول كان هناك حركة السترات الصفراء ثم تطور الوضع وظهرت مظاهرات قانون اصلاح التقاعد، والان أعمال الشغب، فالوضع صعب".
كما أضاف أن الرئيس ماكرون اضطر منذ فترة إلغاء زيارة الملك تشارلز الثالث ملك بريطانيا إلى فرنسا بسبب الاحتجاجات على قانون إصلاح التقاعد، ثم الآن هو نفسه يلغي زيارته إلى ألمانيا بسبب أعمال الشغب هذه لذلك فهو "يدفع بمصداقيته" وهذا يعني أن موقفه بدأ يضعف.
وشهدت فرنسا الأيام الماضية أعمال عنف وشغب بالغة إثر مقتل الفتى "نائل" برصاص شرطي عند نقطة تفتيش في "نانتير" غربي باريس، وهو الحادث الذي أشعل فتيل الفوضى في البلاد، إلا أن الوضع بدأ يهدأ تدريجيا مع تواجد أمني مكثف ميدانيا في المدن الكبرى الفرنسية مع دعوات للعودة إلى التهدئة.