هنا نتذكر ما كتبه كتب ميشيل جويا للجيش فى كتابه «تحت خط النار"؛ تتبنى قوات الشرطة لدينا فكرة الموت على أنها نظرية عملهم.. سواء تعرضوا له أو قاموا بفرضه.
كذلك نرى أن البلطجية أيضا لديهم فكرة الموت كنظرية عمل! إنهم يعلمون جيدًا أن اللعب بالنار غالبًا ما ينتهى بالحرق!
وفى الحقيقة يعتبر موت رجل هو أقصى ما يمكن أن يحدث وليس أمرا ممتعًا، كما يلمح له جان لوك ميلينشون ورفاقه فى حديثهم عندما يقولون إن «الشرطة تقتل» أو أن الشرطة «أعادت عقوبة الإعدام» وغيرها من الأمور البشعة التى يلمحون لها ولا تدل على شيء سوى ضيق الأفق والتفكير لديهم.
وتعد قضية نانتير مأساة ونقول مرة أخرى أن كل الوفيات هى مآسٍ وتأتى لتذكرنا بأشياء عديدة أخرى حتى ولو اضطررنا إلى انتظار نتائج التحقيق الجارى والتى ستكشف من هو المتسب فى هذا الأمر.
فى البداية، يجب أن نتذكر أن قوات الشرطة لدينا تفتقر بشدة إلى المعدات.. لماذا لم يكن ضابط الشرطة وشريكه مزودين بكاميرا لتصوير هذه المواجهة؟ ومن ثم نتساءل: ما مستوى تدريب أفراد الشرطة فى ضبط النفس والتفاعل مع الوضع لتحليل خطورة الموقف؟
أخيرًا، نستنتج بوضوح أن قواتنا الأمنية لم تعد مخيفة اليوم إذا استندنا فى هذا الحكم على تضاعف حالات الرفض للامتثال على الأرض.
يرجع اختفاء شعور «الخوف من الشرطة»، إلى وجود العدالة غير المباشرة التى لم تعد تعاقب (نذكر هنا أن الشاب البالغ من العمر ١٧ عامًا الذى قُتل على يد الشرطة فى نانتير بعد رفضه الامتثال، كان لديه بالتأكيد سجل إجرامى نظيف ولكنه كان منحرفًا وذلك بشهادة محامى الأسرة، وكان معروفا لدى الشرطة «لرفضه الامتثال والقيادة بدون ترخيص» وهذه العدالة غير المباشرة وحدها تقتل.. وهناك أمر آخر وهو موقف جزء من الطبقة السياسية، وهم دائمًا نفس الأشخاص فى مثل هذه الحالات، وأعنى هنا هذا اليسار المتطرف، الذى ليس لديه ما يحسد عليه، والذى نراه دائما موجودا فى هذه الحالات الدرامية وخاصة وقت وقوع الاشتباكات العنيفة بين البلطجية والشرطة.
من المدهش رؤية بويار ورفاقه ينتابهم القلق بشأن ظروف حبس المنحرفين ولكن لا نجد هذا القلق مثلا تجاه المواطن الفقير الذى احترقت سيارته أو من انفجرت الواجهة الزجاجية له أو مثلا تجاه تعرض مركز اجتماعى للنهب.
وفى الواقع، نانتير هى فرنسا.. وفى فرنسا هناك القوانين وهناك سيادة قانون وهذا القانون موجود للحفاظ على تماسك الأمة وهدوئها.. فى الحقيقة، ضباط الشرطة والمسئولون الذين تم انتخابهم والمواطنون العاديون هم كلهم المساهمون فى هذا الأمر، فترك حبة رمل تعطل عمل الآلة دون وجود رد فعل، هو أمر خاطيء.
معلومات عن الكاتب:
ديفيد سافوركادا.. ضابط سابق فى البحرية الفرنسية، ومدرب فى عدة جهات أمنية خاصة، وعضو فى العديد من الجمعيات الوطنية. يشغل حاليًا منصب الأمين العام لمركز الدراسات والأبحاث حول البونابرتية ورئيس حركة «النداء من أجل الشعب».. يتناول، حادثة مقتل الشاب نائل فى منطقة نانتير بفرنسا، وقد وُجهت، يوم الخميس الماضى، تهمة القتل العمد إلى شرطى أطلق الرصاص، الثلاثاء، على الشاب الذى يبلغ من العمر سبعة عشر عامًا، فأرداه قتيلًا، ووُضع الشرطى رهن الحبس الاحتياطى، وفق ما أعلنته النيابة العامة.