رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

وسط رحى الحرب| اليمنيون يخطفون الفرحة في عيد الأضحى.. المآسي لم تُنهك عزائمهم في ممارسة طقوسهم وتقاليدهم الموروثة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مع استمرار حرب اليمن الدائرة بين ميليشيات الحوثي والحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، يُشكل عيد الأضحى فرصة نادرة لليمنيين للاحتفال والتواصل مع العائلة والأصدقاء. وفي ظل هدوء نار الحرب في بعض المناطق، يقوم اليمنيون بإعداد احتفالاتهم بحماس وفرحة عارمة.
حيث تشهد الأسواق في اليمن حركة نشطة، مع العديد من المحال التجارية التي ازدحمت بالزبائن الباحثين عن الأضاحي المناسبة، وبرغم الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها البلد بسبب الحرب إلا أنهم لا يتأخرون في الإقدام على ذبح الأضاحي وتقديم الطعام للفقراء والمحتاجين، حيث يقوم العديد من اليمنيين بتوزيع الأضاحي على الأسر المحتاجة والفقيرة، كنوع من نشر الفرحة من خلال تبادل التهاني والهدايا الخاصة بالعيد.
ومع دخول العيد، اشتكى مواطنون يمنيون من الارتفاع الملحوظ الذي أصاب أسعار اللحوم والسلع الأساسية، بسبب الإقبال المتزايد على الأسواق والمراكز التجارية لشراء مستلزمات العيد التي قفزت أسعارها في وجه المواطن اليمني البسيط.
ولا يستغني اليمنيون عن عاداتهم وتقاليدهم في المواسم والأعياد، حيث يمثل العيد في اليمن الفرصة الوحيدة لسرقة الفرحة وسط كل الأحزان التي تعيشها الأسرة اليمنية، ويتحول إلى مهرجان للمصافحة، فيقبل اليمنيون على بعضهم البعض يتصافحون ويتعانقون وينسون خلافاتهم، وهو ما يتمنونه أن يكون هذه السنة، بأن تنتهي الحرب وتعود الحياة كما كانت من قبل، ويعود الأطفال إلى الشوارع لتفريغ شحناتهم وممارسة هواياتهم في اللعب والمرح والابتهاج والتنزه في الحدائق وزيارة الأقارب.
تتميز العادات الاجتماعية في عيد الأضحى باليمن بالطرافة والغرابة في آنٍ واحد، حيث تختلف عن العادات في باقي الدول العربية. وعلى الرغم من مختلف العادات التي تختلف من منطقة لأخرى، إلا أن الزبيب واللوز يعدان أحد الأشياء الأساسية التي يتم تقديمها في يوم العيد في أغلب المنازل اليمنية، سواء في الشمال أو الجنوب. وتعتبر هذه المكسرات ضرورية لتكريم الزائرين أثناء الاحتفال بالعيد. بينما كانت هناك عادة اجتماعية موجودة بشكل واسع تقليدية، حيث يجعل الأطفال أكوام من الرماد على شكل أوعية دائرية على أسطح المنازل، ثم يصبون الجاز ويشعلوها. وفي صباح يوم العيد، يتوجه الجميع إلى الشوارع والميادين لأداء صلاة العيد.
مع تفاقم الحرب في اليمن، تلاشى الكثير من مظاهر التمييز التي كانت تميز مدينة صنعاء. وانتهت الفعاليات الثقافية النوعية التي كانت تزين عيد الأضحى المبارك، مثل مهرجان الإنشاد اليمني، الذي كان بحق أحد أهم الأحداث الثقافية التي تميزت بها المدينة. واستبدلت هذه الفعاليات الثقافية بشكاوى الأهالي وآهاتهم الناجمة عن الوضع الاقتصادي الذي يشهد تدهورًا مستمرًا، ولاسيما الغلاء الفاحش في الأسعار. ويعاني الناس بشدة نتيجة عدم وجود الخدمات الأساسية والتي كانت قد تمثلت في تزويدهم بالكهرباء. وقد اعتمد الميسورون منهم في بعض الأحيان على الطاقة الشمسية. ويواجهون أيضًا صعوبة في الحصول على المشتقات النفطية والغاز المنزلي الذي يستخدم في الطهي.


ذبح الأضاحي 
تختلف عادات ذبح الأضاحي في مناطق اليمن، حيث يجتمع سكان منطقة بني مطر الواقعة غرب العاصمة صنعاء في أرض واسعة بعد صلاة العيد لذبح ما يقارب من مائة إلى مائة وخمسين أضحية وتوزيعها. وفي منطقة المحويت شمال اليمن، يقوم الناس بـ "يشوّلوأ" الأضاحي، أي يجوبون القرية بها بعد أن يصبغوها بالحناء كجزء من تزيينها قبل الذبح، ثم يجتمعون في السوق المركزي للمنطقة لتذبح وتوزيع الأضاحي.
كما أن سوق الملح الشهير في صنعاء القديمة لا تزال تزخر بالكثير من الأصناف المختلفة، وخاصةً خلال فترة العيد، حيث تتزايد التجارة في الفضيات والنحاسيات والعقيق والأحجار الكريمة. ويستمر دخان المطاعم الشعبية في الارتفاع، حيث يتم إعداد العديد من الأطباق التقليدية اليمنية المشهورة، مثل السلتة والقنم وحلويات الرواني وبنت الصحن، والتي تزين موائد الإفطار والعشاء خلال فترة العيد.
وتتسم الأسواق بحركة وازدحام المتسوقين، ومع ذلك، فإنها تعاني من ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، كما أشار أحد الباعة. وعلى الرغم من استمرار الباعة في عرض الكثير من المنتجات والمأكولات الشعبية المخصصة لعيد الأضحى، فإن حركة البيع والشراء تراجعت إلى حد غير مسبوق، كانعكاس مباشر لتدهور الوضع الاقتصادي في اليمن وانخفاض سعر العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية.


مجالس القات 
وبعد صلاة العيد وذبح الأضاحي يتم إعداد القات وتقطيعه إلى أجزاء صغيرة، ويمزج فيه أوراق النعناع والليمون وبعض الأعشاب الأخرى، وتوضع الكمية المناسبة من القات في الفم وتمضغ ببطء، ويمكن أن يتم تناول القات مع الشاي والمشروبات الأخرى.
كما تحتفل بعض المجتمعات المحلية بمراسم خاصة لمضغ القات، مثل الغناء والرقص، وتدور الحديثات بين الحضور حول الأحداث الحالية والأمور اليومية وقضايا المجتمع، ويعد مضغ القات وحضور مجالسها جزءًا أساسيًا من الثقافة اليمنية ويتمتع بمكانة خاصة بين اليمنيين.
وتختلف طقوس الأعياد الدينية في اليمن من منطقة إلى أخرى بحسب التقاليد المعتادة لكل منطقة، وتمتزج ما بين زيارات الأهل والأقارب والجيران وإقامة الولائم والرحلات الترفيهية وبين زيارة مناطق مجاورة للتعرف على عاداتها وتقاليدها في هذه المناسبة، فضلا عن جلسات السمر الليلية والاجتماعات وغيرها وتكون فرحة العيد في اليمن بحسب الإمكانيات.