الخميس 26 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

«فتة وعيدية وخروف».. عيد الأضحى فى مصر «طعم تانى ولون مختلف»

فرحة العيد
فرحة العيد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تبدأ الاستعدادات لاستقبال عيد الأضحى المبارك قبل قدومه بعدة أيام، فعلى غرار عيد الفطر وتجهيز الكعك والبسكويت، يشترى المسلمون الأضحية قبل العيد بأيام، كل حسب استطاعته، كما أن اهالى بعض المناطق يقومون بطلاء المنازل وتزيينها بالرسومات، خاصة إن كان من بين أهل البيت حجيج هذا العام.p


يوم الوقفة من الأيام التى تحمل العديد من مظاهر السعادة والبهجة والتى اعتاد المصريون على الاحتفال بها دائما استعدادا لأول أيام العيد، ومن ذلك؛ تحضيرات الشباب والفتيات لأنفسهم فى صالونات الحلاقة والتجميل كنوع من أنواع التزيين وإظهار الفرح، كما أن الاهتمام بإعداد المنازل والتأكد من نظافتها لاستقبال الضيوف خلال أيام العيد من تقاليد عيد الأضحى فى مصر، بما يتضمنه من تنظيف يستمر لعدة أيام وحتى نهاية ليلة الوقفة، فضلا عن عادات الشباب فى السهر داخل المقاهى ليلا وحتى صلاة العيد لتأديتها جماعة فى المساجد والساحات.


يلى يوم الوقفة والسهر الطويل الممتع صلاة العيد فى أول أيامه وهى من أهم طقوس العيد فى مصر، فيتوجه المصريون لتأدية صلاة العيد فى الساحات المفتوحة جماعة، وبعد الانتهاء من الصلاة يتوجه البعض للترويح عن أنفسهم والاستمتاع فى الحدائق والمتنزهات العامة، ومنهم من يفضل الذهاب إلى دور السينما لمشاهدة المسرحيات المتنوعة.

العيدية.. فرحة للكبار والصغار
 

العيدية من الطقوس المفرحة للكبار والصغار والتى ترجع فى الأصل إلى أيام الحكم الفاطمى؛ فكان يقدمها الخليفة لرعيته، ثم أصبحت طقسا رسميا فى العصر المملوكى، وفى العصر الحديث يقدم الكبار العيدية للصغار كواحد من أهم الطقوس والعادات التى تدخل الفرح على قلوب الآخرين، وخاصة الصغار الذين ينتظرونها بلهفة دائما، ومما يميز العيدية لدى المصريين هى تناسبها الطردى مع العمر، فكلما كبر الفرد زادت قيمة العيدية التى تقدم إليه، كما جرت العادة بأن تكون نقود العيدية المقدمة جديدة، ويشيع تقديم العيدية فى الغالب للأطفال بوجود صلة القرابة من الدرجة الأولى؛ كالآباء والأمهات والأجداد، إضافة إلى الأعمام والعمات والأخوال والخالات.
ترجع عادة الاهتمام بتقديم النقود فى أيام العيد أو ما يسمى بالعيدية تاريخيا إلى أيام الحكم الفاطمى فى مصر حيث كانت توزع على العامة مع كسوة العيد، كما أن الخليفة كان يوزع العيدية على الرعية القادمين لتهنئته صباح العيد، فينثر عليهم الدراهم والدنانير من شرفة قصره.
بدأت العيدية بطابعها الرسمى فى العصر المملوكى، وكانت تسمى جامكية آنذاك، وكان لتقديمها بروتوكول خاص، فتترتب الدنانير الذهبية وسط طبق كبير، وتحيط بها حلوى وكعك العيد، وكان السلطان يختص بها الأمراء رجال الجيش، وتتفاوت العيدية المقدمة لكل منهم حسب رتبته ومكانته فى الدولة.

الطبق الرئيسى فى عيد الأضحى
«الفتة» ابتكرها الفراعنة وطورها «الشوام»
الفتة واحدة من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى المبارك خاصة فى مصر، فلا تخلو منها المائدة المصرية، وتعد من الوجبات الأساسية فى هذه المناسبة التى يتم تقديمها مع لحوم الأضحية، بالإضافة إلى أكلات أخرى مرتبطة بالعيد مثل الرقاق والممبار وفواكه اللحوم، هذه الوجبات التى تعمل على إذابة الفروق بين الطبقات الاجتماعية، فالجميع يتناولها فى عيد الأضحى رغم اختلاف الثقافة والبيئة، كما أن الفتة وجبة شعبية يتم إعدادها بطرق مختلفة، لتعبر عن ثقافة البلد التى تعد فيها، إلا أن «فتة الخل والثوم» من الأطباق المصرية الأصيلة، التى ارتبطت بوجدان المصريين منذ عهد الفراعنة وحتى يومنا هذا.
وعلي الرغم من اختلاف طرق تحضير الفتة فى الدول العربية المختلفة، والتى تتميز كل منها بمذاقها الخاص، إلا أن أصل الفتة، قبل تطور طرق إعدادها، محل تساؤل وخلاف فهناك أدلة معتبرة تأكد أن الفتة فرعونية الأصل، حيث إن القدماء المصريين أول من قاموا بعمل هذا الطبق الذين أطلقوا عليه اسم فتة، وعرف بهذا الاسم لأنه كان يصنع من فتات الخبز المضاف إليه الأرز ومرقة اللحم أو اللبن، وكانت تعد من الوجبات رفيعة المستوى لاحتوائها على عناصر غذائية عالية، تقدم للملوك الفراعنة.
وعرفت أول وصفة فتة قبل ٩ آلاف سنة، حيث تحكيها نقوش معبد سوبيك، الموجود تحت سطح الأرض فى مكان قريب من سيناء، تشير النقوش إلى قصة الكاهنة المصرية «كارا» التى ذبحت خروفا، وحشته بالبرغل والبصل وزينته بالباذنجان المقلى، وفتتت فيه قطع العيش وأضافت لها المرق والثوم والخل والبصل، وقطعته، ووزعته فى عيد الإله.
وفى العصر الفاطمى ازدهرت الأكلات الشعبية، وهبات الحكام لعامة الشعب فى الأعياد والمناسبات، فاستعادوا الفتة وأضافوا لها صلصة الطماطم، وكان الفاطميون يكثرون من الذبائح فى أول أيام عيد الأضحى ويأمرون الطهاة بعمل أطباق الفتة وتوزيعها على عامة الشعب احتفالا بتلك المناسبة، كما أنها انتشرت فى التكيات والموائد التى كانت تجهز من أجل الفقراء.
وهناك من يقول إن أصل الفتة شامى، معتبرين أن المصريين أخذوا طريقة إعدادها من الشام، وأضافوا لها اللمسات المصرية، إذ كانت تعد من أهم الوجبات لدى أبناء الشام فى عيد الأضحى وفى عطلة الأسبوع، ويستخدمون أحيانا الحمص بدلا من اللحم فى طهيها، والفتة السورية تقدم حتى الآن باسم التسقية، وفى الفترات الأخيرة ومع انتشار المحلات السورية بمصر بدأت تظهر أنواع مختلفة غير التى اعتاد عليها المصريون، مثل فتة الشاورما، وفتة الفراخ، التى يتم إعدادها من الأرز البسمتى مضافا له نكهات ومقبلات شامية، وقد تخلو من العيش المحمر الذى يعد أحد أهم مكونات الفتة التقليدية، فكثير من المقبلين على تلك الأنواع الجديدة يفضلون طعمها، إلا أنهم لا يعتبرونها بديلا عن فتة الخل والثوم بالطريقة المصرية.
 

 

زفة الأضحية.. عادة مصرية ودعاية عبقرية
يزين ذبيحته ويسير بها فى الشارع وخلفه الأطفال يزفونها نحو المذبح، كان هذا المشهد منتشرا فى الريف المصرى لعقود طويلة، حيث يستعرض الجزارون من خلاله سلامة ذبيحتهم أمام الناس، ليقبلوا على شراء لحومها، وعرفت هذه العادة بزفة الأضحية، وهى من العادات التى ارتبطت بعيد الأضحى قديما وما زالت موجودة فى بعض المناطق إلى الآن.
زفة الأضحية عبارة عن قيام الجزارين بتزيين ذبائحهم من البقر والجاموس ويسيرون بها فى الشوارع وخلفهم الأطفال يزفونها نحو المذبح أو ما كان يسمى السلخانة، حتى أن البعض يقوم باستئجار فرقة مزمار بلدى خلال الأيام التى تسبق عيد الأضحى المبارك، ويقوم بعمل زفة للعجول والمواشى المقرر ذبحه، حيث يستعرض الجزارون والتجار من خلال هذه العادة سلامة ذبيحتهم أمام الناس، ليقبلوا على شراء لحومها.
ويختار الجزار الأضحية المؤهلة للزفة، ويقوم بتجهيزها وتزيينها بجريد النخيل والورود والقماش الملون كما العروسة، وتناقل المصريون هذه العادة لاسيما فى الريف فقاموا بتزيين الأضحية قبل ذبحها، وتجذب هذه العادة الأطفال فيخرجون وراء الأضحية يصفقون ويهللون ويرددون أغانى الفلكلور الشعبى.


الكفوف الحمراء.. عادة فرعونية يحرمها الإسلام
البعض يعتقد أنها تعالج السحر والمريض
تمتلئ الجدران بالكفوف الحمراء نتيجة ذبح الأضاحى، والتى تعد أشهر حكايات العيد الكبير بما يتخلله من طقوس مقدسة يعاد تكرارها كل عام فى هذا التوقيت، لكن كثيرين لا يعلمون حقيقة الكفوف الحمراء المطبوعة على الجدران، وأعاد بعض المؤرخين تبرك المصريين بدم الذبائح إلى العصور الفرعونية لما كانت تمثله من قدسية لديهم، فيما تحدث آخرون عن أنها ترتبط بالعصر الفاطمى، إذا كان يتم تلطيخ الملابس والمنازل بالدماء.
ولا يخفى على أحد، الأساطير المرتبطة بهذه العادة من كونها «تعالج العقيمة» بمجرد المرور فوق هذه الدماء، بل قيل قديما أنه «يفك المربوط» أى معالجة من يجد صعوبة أو عجزا فى الممارسة الجنسية، وكذلك «يصرف الجن»، إذ يبعد الشيطان وعين الحاسد، وفقا لمعتقدات منتشرة بين المصريين.
وهناك من ربط بين هذه العادة والعقيدة اليهودية، منذ تحول نهر النيل إلى دم فى عهد سيدنا موسى عليه السلام، وآيات خروج بنى إسرائيل من مصر، أو كما نقل عن العهد القديم.
وبعيدا عن البعد التاريخى أو المظاهر الروحانية، يحذر كثير من الأطباء من دماء الحيوانات واللحوم النيئة باعتبارها مصدرا خصبا للعديد من الأمراض الخطرة، بل إن هناك علماء نفس ذهبوا لأبعد من ذلك بتأكيدهم على أن مشاهد دماء الأضاحى واستخداماتها بكثرة من غمس كفى اليد فى الدماء ثم بصمها على الجدران يمثل خطورة على نفسية الطفل، لكونها تؤدى إلى عزوفهم عن تناول اللحوم، وفى أحيان أخرى يحولهم إلى أطفال عدوانيين، يحبون اللعب بالسكاكين.
كما  سبق وقالت لجنة الفتوى بجامع الأزهر الشريف إن غمس أصابع اليد بدم الأضحية وطبعه على الجدران من العادات البالية التى اعتاد عليها الناس، مشددة على أن «الدم فى الأصل نجس، فلا يجوز أن تغمس فيه اليد ولا يجوز أن يطبع على الحائط أو السيارة أو أى شيء»، كما أنه فى فتوى صدرت منذ سنوات عن هذه العادة، شددت لجنة الفتوى على أن «هذا الفعل من المحرمات نظرا لقول الله سبحانه وتعالى: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير)، فإن الذى يجلب البركة وينزلها هو الله سبحانه وتعالى وليست محصورة فى وضع الدم على مكان معين، كما غمس الكف فى الدم لا يبطل ثواب الأضحية، لأن الإنسان يفعله عن جهل أما إن فعله عن اعتقاد فقد أثم إثما عظيما ربما أبطل ثواب أضحيته»، وفقا للفتوى نفسها.

«بكرة العيد ونعيد.. وندبحك يا شيخ سيد»
التراث الشعبى المصرى ملىء بالأغانى والأمثال والحكايات التى ارتبطت بالمناسبات والأعياد، فالمصرى منذ آلاف السنين وهو يغنى ويحتفل بطريقته الخاصة فى الأعياد والمناسبات، وتعتبر أغنية "بكرة العيد ونعيد وندبحك يا شيخ سيد" من أغانى الفلكلور المصرى الشعبى الذى يرددها الكثير من الناس وخاصة الأطفال فى عيد الأضحى المبارك، وكلمات الأغنية هى: «بكرة العيد ونعيد، وندبحك يا شيخ سيد، ونحطك فى القروانة، ونوديك السلخانة، وندبك بالخرزانة».
من المعروف عن أغانى الفلكلور أو أمثال والحكم المصرية أن كل أغنية أو مثل أو حكم مصرية قديمة يكون لها معنى أو أصل أو مغزى، وكانت الأغانى المصرية القديمة لها معانٍ غير المعنى المقصود، ومن هذه الأغانى أغنية «يا عزيز يا عزيز قبة تأخذ الإنجليز» هى لها معنى سياسى لمحاربة الإنجليز والاستعمار.
أما عن أصل الأغنية فهى أغنية مصرية قديمة، عرفها المصريون منذ زمن قديم، ولأن تراث المصرى مرتبط بمناسبة قيلت فيه أغانيهم ولأن كل أغنية مصرية لها أصل وحكاية أو مناسبة قيلت فيها، فكان واجبا علينا أن نبحث ونفسر أصل أغنية بكرة العيد ونعيد وندبحك يا شيخ سيد، حيث يرجع البعض أن الأصل فى هذه الأغنية هى «بكره العيد ونعيد وندبحك يا شيخ سيد» وأن المقصود بالأغنية وكلمة شيخ سيد هو الشيخ سيد قطب، وأن الأغنية رددها الشعب المصرى فرحة فى الإخوان المسلمين وذلك للقبض على قائد الإخوان المسلمين سيد قطب والحكم عليه بالإعدام وكان ذلك قرب عيد الأضحى المبارك.
بينما هناك رأى آخر وهو أن أصل الأغنية بكره العيد ونعيد وندبحك يا خروف سيد وأن الأغنية تم تحريفها، وأضيفت لها كلمة شيخ سيد للإشارة إلى خروف العيد وأن كلمة شيخ سيد تعنى خروف عيد الأضحى المبارك، والدليل على ذلك أن حكم الإعدام تم تنفيذه فى سيد قطب يوم الإثنين ٢٩ أغسطس ١٩٦٦ الموافق لـ١٣ جمادى الأولى ١٣٨٦ هجرية، ووقتها كان عيد الأضحى على بعد ما يقرب من ٧ أشهر بتوقيت من عاصروا هذا الحدث.
إطلاق أسماء على الأضاحى عادة مصرية قديمة، فالأطفال كانوا يحبون إطلاق أسماء معينة على خروف العيد، منها سعد أو سعيد أو سيد أو غير ذلك، تماما مثلما يطلقون الأسماء حاليا على كل ما يقتنون من حيوانات أليفة داخل البيوت: قطط وكلاب وغيرها، وكلمة شيخ التى تسبق اسم الخروف ما هى إلا محاولة لإبراز الوجه الدينى للشعيرة.
وسواء كان الرأى الأول هو الرأى الصحيح أو أن الرأى الثانى هو الرأى الصحيح، فالمهم أن أغنية «بكره العيد ونعيد وندبحك يا شيخ سيد» من أجمل الأغانى المصرية التى يرددها الأطفال والمصريون فى الأعياد المصرية وعيد الأضحى المبارك.