جعل الله أيامًا ومواسم للطاعة مفضلة عن سائر أيام العام، وهي منحة للأمة الإسلامية للقرب إلى الله، ودعوة ربانية للإكثار من الأعمال الصالحة فى تلك الأيام. ويُعد يوم عرفة من أعظم الأيام وأكثرها نعمة وفضل من أيام العام، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وهو من العشر الأوائل المباركة، حيث خصص الله تعالى هذا اليوم لبقية الأيام، مليئًا بالفضائل والخصائص غير الموجودة في غيره.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من أيام العمل الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أن خير الدعاء دعاء يوم عرفة.
ويتجه المسلمون إلى الإكثار من الأعمال الصالحة والتقرب والتضرع إلى الله بالصوم والصلاة والصدقات، وغير ذلك من الأدعية والأعمال الصالحة والعبادات المختلفة.
ويبحث المسلمون عبر الإنترنت عن يوم عرفة والأعمال الصالحة والأدعية المتوارثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الشريفة، وغيرها من العبادات للتقرب إلى الله في هذا اليوم المبارك، وتستعرض "البوابة نيوز" معكم أهم العبادات التي ذكرت في القرآن والسنة كالتالي:
الصيام
صيام التطوع من أحد أحب الأعمال التى يتقرب بها العبد إلى الله تعالى لقوله فى الحديث القدسى: «لايزال عبدى يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التى يمشى بها ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذ بى لأعيذنه».
وقال الإمام أحمد «الصيام أفضل ما يتطوع به المسلم، لأنه لا يدخله الرياء». بجانب الإكثار من الصدقات المادية والمعنوية.
وعن فضل صيام يوم عرفة، نشرت صفحة " الأزهر الشريف" على موقع facebook، بعض الأحاديث التي تؤكد على فضل الصيام في هذا اليوم، حيث روى مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده) فدل الحديث صريحًا على أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب السنتين.
وعن عائشة رضي الله عنها: "ما من السنة يوم أحب إلي أن أصومه من يوم عرفة" المصنف لابن أبي شيبة (102/2).
لذلك يستحب صيام التسع الأوائل من ذي الحجة خاصةً يوم وقفة عرفة لغير الحاج، وأما الحاج فالأفضل له الفطر في يوم عرفة ليتقوى على الدعاء.
الصلاة على النبي:
تعد الصلاة على الرسول صلي الله عليه وسلم من الأوامر الإلهية، قال الله سبحانه وتعالى { إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أيُّها الذينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسليمًا } سورة الأحزاب: 56
فالصلاة على النبي من الله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن المؤمنين دعاء، فالمطلوب منا أن ندعوَ الله أن يَزيد من تعظيمه وإكرامه للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وإِذا رطب الله لسان العبد بالصلاةِ على النبي محمَّد - ﷺ - غفر الله لَهُ ذنُوبه ولو كانت مثل وزن الجبَال؛ فإِذا غفرت ذنُوبه زَالَ السواد عَن قلبه وبدا فِيهِ النُّور. }بستان الواعظين لابن الجوزي{.
والفوائد التي نَجنيها من فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها فوائد دينيّة تتعلق بمضاعفة الأجر والثواب، والأحاديث المرغبة فيها كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم ” من صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا ” رواه مسلم، وقوله ” ما من أحد يُسلِّم عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ رُوحي حتى أردّ عليه السلام ” رواه أبو داود، وقوله ” أولى الناس بي يوم القيامة أكثرُهم عليَّ صلاة ” رواه الترمذي.
وقوله صلي الله عليه وسلم ” البخيل مَن ذُكِرْتُ عنده ولم يُصَلِّ عليَّ ” رواه الترمذي، هذا وقد قال النووي ” الأذكار: إذا صلّى أحد على النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ فليجمع بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصر على أحدهما، فلا يقل: صلّى الله عليه فقط ولا عليه السّلام فقط.
ويُسَنُّ عند الدعاء أن يبدأ بالحمد لله أو بتمجيده والثناء عليه ثم يصلِّي على النبي ثم يدعو ثم يختم بالصلاة عليه، والآثار في ذلك كثيرة.
الصدقات والإنفاق في سبيل الله:
الانفاق فى سبيل الله، والعطاء، والإحسان للآخرين، وتفقد أحوال الفقراء، والمساكين، واليتامى، وسد احتياجاتهم وهو ما أخبرنا به النبى عليه الصلاة والسلام فى الحديث الشريف: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، أَوْ تَقْضِى عَنْهُ دَيْنًا، وَلأَنْ أَمْشِى مَعَ أَخٍ لِى فِى حَاجَةٍ، أَحَبُّ إِلَى مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِى هَذَا الْمَسْجِدِ..»
ويستحب فى هذه الأيام التصدق، الذى هو من جملَة الأعمال الصالحة التى يستحب للمسلم الإكثار منها فى هذه الأيام، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِى يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
قيام الليل:
قيام الليل والإكثار من ذكر الله من الاستثمار الواجب على المسلم في عباداته، مصداقا لقول الحق سبحانه { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} لأنهم يستثمرون ليلهم فى التفرغ لعبادة الله تعالى مصلين متهجدين ذاكرين مستغفرين يسألون الله تعالى من فضله لا سيما أن فى تلك الأيام المباركة يوم عرفة الذى يعتق الله فيه رقاب المؤمنين من النار.
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله عبيدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ويباهى بهم ملائكتَه» فتلك فرصة عظيمة لا بد من اغتنامها للحصول على الجزاء العظيم.
شكر الله:
يسنُّ الإكثار من شكر الله تعالى في هذه الأيام؛ فإنن شكر الله تعالى على نعمه من أسباب زيادة الخير، وهو قَيد النَّعم؛ قال عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} "إبراهيم: 7".
وثمرة الشكر تكون للعبدِ في الدنيا والآخرة، فبالشكر تبقى النعمة وتزداد، قال تعالى: {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} "النمل: 40"
وقال تعالى: {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} "لقمان:12"
الدعاء:
وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأدعية المستحبة في يوم عرفة، ومن أفضل الصيغ في الذكر والدعاء هي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وهذا أفضل ما يقال في يوم عرفة.
ويستحب أن يدعو المسلم لنفسه، ولوالديه، وأقاربه، وأصحابه، وأصدقائه، وأحبابه، وسائر مَن أحسن إليه، وجميع المسلمين.
وعلى المسلم أن يجتهد في ذلك اليوم قدر استطاعته؛ فهذا اليوم أفضلُ أيام السنة للدعاء، وقد ورد في فضل الدعاء يوم عرفة عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» رواه الترمذي.
صلة الرحم:
يعني صلة الرحم هو الإحسان إلى الأقارب في القول والفعل، ويدخل في ذلك زيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، ومساعدة المحتاج منهم، والسعي في مصالحهم.
وفوائد صلة الرحم جمة في الدنيا والآخرة، ومن المحبب إلى النفس صلة الأرحام في المناسبات الدينية المختلفة، ومن الاعمال التي حرص عليها آباؤنا الأولون هي السؤال والزيارة للأقارب والجيران وذوى القربى.
وأوصى الرسول صلي الله عليه وسلم بصلة الرحم من خلال الأحاديث الشريفة، فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " ورواه البخاري.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه ". رواه البخاري. وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه ". رواه البزار والحاكم.
وعن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله ". رواه مسلم.