السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

من مينا إلى السيسي.. القائد والجيش في قلوب المصريين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقدت كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية مؤخرا ًمؤتمرها العلمي السنوي الثالث بعنوان: "الإعلام وتحديات التغيير في المراحل الانتقالية"، وقد استوقفتي دراسة مهمة وفارقة قدمها الزميل الدكتور مرزوق عبد الحكم العادلي، المدرس بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، والدراسة بعنوان "الصورة الذهنية للمؤسسة العسكرية لدى الجمهور المصري بعد ثورة 30 يونيو" ، وأجرى الباحث هذه الدراسة الميدانية على مواطني محافظة سوهاج .
وما استرعى انتباهي أن هذه المحافظة كانت من أكثر محافظات الصعيد تصويتاً لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية "حزب الحرية والعدالة" في الانتخابات البرلمانية التي أعقبت ثورة يناير، كما أنها كانت من أكثر المحافظات تصويتا للدكتور محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية الماضية، علاوة على أنها صوتت بـ "نعم" لدستور الإخوان بسبة 80 % من إجمالي الأصوات ، وهو ما يجعل هذه الدراسة على هذه المحافظة ذات أهمية قصوى نظراً لأنها كانت إحدى الكتل التصويتية المهمة للإخوان بصفة خاصة، والتيارات والأحزاب الإسلامية بصفة عامة ، علاوة على أنها أحد المعاقل
المهمة للجماعة الإسلامية .
وقد أوضحت نتائج الدراسة الميدانية أن طبيعة الصورة الذهنية التي يحملها الجمهور المصري للمؤسسة العسكرية "إيجابية"، حيث عبر 82,3 % عن شعورهم الإيجابي الطيب نحوها، وذلك لأنهم يرون أنها مؤسسة وطنية ، ومواقفها إيجابية وواضحة نحو متطلبات الشعب المصري، إضافة إلى دقتها وموضوعيتها في التعامل مع الأحداث ، كما أن غالبية المبحوثين يرون أنها أدت دورها بشكل جيد ومنضبط .
وينظر 81,7 % من المبحوثين إلى المؤسسة العسكرية وقادتها على أنهما كيان واحد منضبط ومتماسك، وتحكمهما ثوابت في اتخاذ القرار، وقد عبّر غالبية المبحوثين عن قربهم النفسي والعقلي من القيادات العسكرية، وجاء في مقدمة القيادات القريبة من المبحوثين الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، ويرى الباحث أن هذه النتيجة جاءت لدوره الملحوظ في مساندة مظاهرات المصريين العارمة في 30 يونيو ، كما أن غالبية المبحوثين عبروا عن رضاهم عن الإجراءات التي سلكتها المؤسسة العسكرية، والتي تمثلت في خارطة المستقبل.
وعكست هذه النتائج ارتباط المصريين الوثيق بالجيش الوطني ، ويبدو أيضاً أن الأغاني الوطنية أدت دوراً مهماً في التأثير الإيجابي على غالبية المبحوثين، كما عبّر غالبية المبحوثين عن أنهم يثقون في المؤسسة العسكرية ، وأن 78,3 % منهم يرفضون شعار "يسقط يسقط حكم العسكر" ، ويرون أنه شعار سلبي يستهدف إسقاط الجيش والوطن ، وأن هناك جهات تروج لهذا الشعار، ويتفق هذا الطرح مع التفسيرات التي تقول إن هناك مخططات تُحاك للشرق الأوسط عامة، ومصر بصفة خاصة .
ومن خلال هذه النتائج المهمة نستطيع القول إن هذه الدراسة ومؤشراتها الإحصائية كشفت أموراً كثيرة كنا نشعر بها، ولكن لم تكن لدينا مؤشرات ودلائل علمية عليها، ومن بين هذه الأمور أن نسبة من عبَروا عن شعورهم الإيجابي نحو المؤسسة العسكرية قد فاقت النسبة التي كانت تؤيد دستور الإخوان عند الاستفتاء عليه، وهو ما يدل على تآكل شعبية جماعة الإخوان المسلمين وحركات الإسلام السياسي في محافظةٍ كانت تعد بالنسبة لهم ظهيراً في كل انتخابات، ويبدو أن هذا التآكل يرجع إلى عدم إيمان المصريين بالعنف، وخاصة ضد ضباط وأفراد الجيش والشرطة الذين يكنون
لهم الاحترام ويحفظون لهم مكانةً خاصة.
كما تؤشر هذه النتائج إلى أن الجيش المصري له مكانة خاصة في نفوس المصريين عامة - وأهالي الصعيد خاصة - الذين قدموا أولادهم فداءً لهذا الوطن في كل الحروب التي خاضها ضد أعدائه، وبالتالي فهم لن يسمحوا بالنيل من الجيش قيادةً وضباطاً وجنوداً، ومن يفعل ذلك فإنه متهم بالخيانة من وجهة نظرهم.
وهكذا.. يثبت التاريخ القديم والحديث والمعاصر، بدايةً من مينا ومروراً بسيف الدين قطز وصلاح الدين الأيوبي وانتهاءً بعبد الفتاح السيسي، أن القائد والجيش لهما مكانة خاصة في قلوب المصريين.