يتوجه الحجاج على اختلاف نسكهم غدًا الاثنين إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية اقتداء بسنة الرسول (صلى الله عليه وسلم).
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بُعد 7 كيلو مترات شمال شرق المسجد الحرام، وهو مشعر داخل حدود الحرم، وهو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكن إلا مدة الحج، ويحُده من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادى محسر.
ويتجمع فيه وفود الرحمن سنويًا، فى أيام معدودات طمعًا وأملًا فى نيل مغفرة رب العباد، وفيه رمى نبى الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدى إسماعيل عليه السلام، وشهد أديم أرضه بيعتى العقبة الأولى والثانية، وفوق ثراه بُنى مسجد العقبة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن المؤرخين يرجعون تسمية (مِنَى) إلى أنها أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة فى الحج، وقيل لتمنى آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.
وبمِنَى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال عزّ وجل ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى قَالَ يَا بُنَى إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)).
ويقضى الحاج بمِنَى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذى الحجة ويستحب فيه المبيت تأسيا واتباعًا لسنة النبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، وسُمى بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفى هذا اليوم يذهب الحجيج إلى مِنَى، إذْ يصلى الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا بدون جمع.
ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذى الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذى الحجة ومن ثم المبيت فى مزدلفة.
ويقضون فى مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمى الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، ومن تعجل فى يومين فلا إثم عليه.
وكما جاء فى القرآن الكريم ((وَاذْكُرُوا اللهَ فِى أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)) والمقصود بها مِنَى المكان الذى يبيت فيه الحاج ليالى معلومة من ذى الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده.
وسُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن العرب كما قال ابن حجر: كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحى فى الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره.