الأربعاء 19 فبراير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

حكاية المصري الوحيد الناجي من غرق سفينة «تيتانيك»

المصري حمد حسب الله
المصري حمد حسب الله
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صورة تم تصويرها من سفينة الإنقاذ «كارباثيا» يوجد بها شخصية المصري "حمد حسب الله" المصري الوحيد الناجي من غرق تيتانيك، كان جالسًا في أحد قوارب النجاة بجوار المجداف بملابسه السوداء  "حمد حسب الله" أو "حماد حساب" كما كتبوها بالإنجليزية.

شاب مصري كان وقتها في الـ 27 من عمره برفقة أحد المشاهير الأمريكيين وزوجته، وكان الثري الأمريكي قد دعاه ليرافقه في الرحلة على "تيتانيك" واشترى له تذكرة بالدرجة الأولى سعرها 76 جنيها استرلينيا و14 شلنا و7 بنسات أي ما قيمته حوالي 8 آلاف دولار بحساب هذه الأيام وهو الذي كان يتقاضي راتبا سنويا مقداره 60 جنيه إسترلينيا عن عمله كدليل يرافق السياح ومترجم أو " ترجمان " كما كان يطلق على المشتغلين بهذه المهنة قبل 100 عام.

وكان حسب الله يمهر بطاقته الشخصية بكلمة Dragoman أسفل اسمه كإشارة لعمله الذي كان يتقاضى عنه 1.25 جنيها استرلينيا بالأسبوع من شركة " توماس كوك وأولاده " وهي شركة بريطانية للسياحة والسفر وكان فرعها بالقاهرة داخل أوتيل شبرد العريق في شارع إبراهيم باشا وهو نفسه الأوتيل الذي احترق تماما في حريق القاهرة " 26 يناير 1952 ".

وكان المليونير هنري هاربر، يبلغ من العمر 48 عاما حين قام في شتاء 1912م، بجولة سياحية هو وزوجته ميرا التي تكبره بعام واحد ونزلا في أوتيل شبرد فور وصولهما إلى القاهرة للسياحة وطلبا مرافقا ومترجما من مكتب " توماس كوك " الذي كلف حسب الله بالمهمة وحين انتهت الرحلة السياحية وقررا العودة إلى الولايات المتحدة قال هاربر ل حسب الله " من باب المزاح " إنه إذا رغب بالسفر معهما إلى أمريكا فأهلا وسهلا ورد حسب الله المزاح بأحسن منه وجعله جدا فوافق هاربر على الفور.

سافروا أولا إلى باريس حيث اشترى هاربر كلبا " جروا " أطلق عليه اسم " صن ين سن " وهو اسم ثائر وناشط سياسي صيني كان بدءا من العام 1911 شخصا ذائع الصيت.
ثم توجه الجميع إلى مدينة شيربورغ " إحدي مدن فرنسا " وهناك من مرفئها الذي صعد منه 92 لبنانيا إلى " تيتانيك " يوم الأربعاء 10 أبريل "نيسان " 1912م صعدوا هم أيضا إليها، فأبحرت إلى مرفأ " ساوثهامبتون " بجنوب إنكلترا، ومنه إلى آخر أيرلندي لتقل بعض الركاب ثم إلى نيويورك حيث واجهت على الطريق مصيرها المأساوي المعروف. 

كل شيء كان طبيعيا خلال الرحلة إلى أن حدث بعد 4 أيام ما اهتز له العالم:السفينة التي بناها 15 ألف عامل في 3 سنوات ترتطم بجبل جليدي قبل ثلث ساعة من منتصف ليل الأحد 14 أبريل " نيسان " 1912 وبعد ساعتين و40 دقيقة ابتلعها الأطلسي ومعها ابتلع 1517 راكبا من أصل 2223 راكبا كانوا فيها وجرفهم إلى مثوى عميق " 3733 مترا " تحت مياه كانت درجة برودتها 2 درجة مئوية تحت الصفر.

نجاة هاربر وزوجته وحسب الله ومعهم الجرو
كانوا من أوائل من هرعوا إلى موقع زوارق النجاة والدليل أن المركب الذي أقلهم هو الرقم 3 من بين 20 زورقا كانت في السفينة وكان من المفترض عدم السماح لـ هاربر ولـ حسب الله بركوبه لأن الأوامر كانت بنجدة النساء والأطفال أولا.

نرى في صورة المركب التي التقطها " جي دبليو باركر " وهو من طاقم سفينة " كارباثيا" التي أنقذت جميع الناجين من الكارثة وعددهم 706 أشخاص رجلين فقط بين عدد قليل من النساء أحدهم أسمر يجلس بقرب امرأة في حضنها كلب "جرو" وهي ترتدي قبعة وثيابا سوداء عليها سترة ضد الغرق، كما نرى رجلين من طاقم " تيتانيك " كانا على متن المركب للتجديف، ونرى في الجانب الأيسر من المركب الذي تم تصويره حين اقترب من " كارباثيا "رجلا آخر من دون قبعة على رأسه، هذا الرجل هو هاربر أما الشخص الأسمر الجالس إلى يمين الصورة بجوار المرأة المحتضنة الجرو فهو حمد حسب الله والتي بجانبه هي ميرا زوجة هاربر.

هاربر وزوجته وحسب الله كانوا يتناولون العشاء في مطعم بالسفينة حين ارتطمت بالجبل الجليدي ولأنهما من ركاب الدرجة الأولى ومن مشاهير الأثرياء الأمريكيين فقد تبرع موظف بالسفينة للإسراع بالنجدة وطلب منهم التوجه إلى غرفهم وحمل الغالي والضروري منها ولبس سترة النجاة ثم العودة لركوب أول زورق نجاة أسرع كل منهم إلى غرفته “كان هاربر قد حجز 3 غرف” والتقطوا على عجل أغراضهم الثمينة وحين عاد الجميع لركوب زورق النجاة تنبه هاربر إلى أنه نسي قبعته فهمّ بالعودة إلى جناحه ليأخذها لكن زوجته منعته وكذلك موظف السفينة فقبل هاربر على مضض ولم ينتظر موظف السفينة ليضع في زورق النجاة مزيدا من الركاب فغادر زورق النجاة السفينة بنصف حمولته تقريبا لذلك يبدو في الصورة فارغا وهو المعد لحمل 60 شخصا.

وهذا هو النص بالإنكليزية لوصف عملية الهروب:
 On the night of the sinking Henry and Myra were having dinner. They were then told to go back to their cabin، get dressed warmly، put on their lifebelts and go up to the boat deck. Henry put on an overcoat over his dinner tuxedo and Myra put on a black fur coat over her sparkly dinner dress. She grabbed a pair of gloves، a fur muff، and her mother's pearl necklace that she had given her. Then the wealthy couple boarded Lifeboat 3 along with Henry's dragoman and Sun Yat Sen. Both survived the sinking.

 الترجمة: في ليلة الغرق كان هنري وميرا يتناولان العشاء. ثم طُلب منهم العودة إلى مقصورتهم، وارتداء ملابس دافئة، وارتداء أحزمة النجاة، والصعود إلى سطح القارب. ارتدى هنري معطفًا فوق بدلة العشاء الخاصة به، وارتدت ميرا معطفًا من الفرو الأسود فوق فستان العشاء اللامع. أمسكت بزوج من القفازات، وغطاء من الفرو، وقلادة لؤلؤة أمها أعطتها إياها. ثم استقل الزوجان الثريان Lifeboat 3 جنبًا إلى جنب مع سائق هنري وSun Yat Sen. كلاهما نجا من الغرق.

كان مخرج فيلم "تيتانيك" الكندي جيمس كاميرون قد قام بالإشراف علي عملية إرسال روبوتغواص متطور إلى حطام " تيتانيك " فدخل إلى جناح هاربر نفسه في السفينة وكانت المفاجأة أن كاميرا الروبوت صورت قبعة هاربر التي ما زالت في الجناح طوال كل تلك السنوات.

نعود إلى حسب الله الذي يبدو أنه غادر أمريكا إلى مهنته القديمة في القاهرة، ففي فقرة عنه نقرأ بأنه كتب رسالة في العام 1927م لأحدهم في الولايات المتحدة وبداخل الظرف أرسل بطاقة عمله الشخصية وبطاقة سياحية لصورة مركب يعبر النيل وحين عثروا عليها أودعوها في متحف بروكلن الذي اعتبر البطاقة بشكل خاص تحفة ثمينة من " تيتانيك" وحتى الآن يصنفونها كأشهر بطاقة شخصية.
بالنسبة لـ هاربر فإن بقية حياته لم تكن ممتعة فقد امتنع من بعد تلك الكارثة عن ارتداء القبعات وتوفيت زوجته ميرا التي لم تنجب له أي ابن في العام 1923 فتزوج في نفس العام وهو بعمر الـ 59 من امرأة أنجبت له ابنا واحدا ثم توفي بعد سنوات في نيويورك في العام 1944.