تمر الذكرى العاشرة على اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو، وسط ظروف دولية وإقليمية أكثر وعيًا ونضجًا بخطورة التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية، ما جعل السيل الجارف الذي انطلق في 30 يونيو 2013 لتطهير مصر من الحكم الفاشي المتستر بالدين، يتكرر على المستوى الدولي، فتسارع الدول العربية أولا في التضييق على الجماعة الإرهابية وتصنيفها كمنظمة إرهابية مثل السعودية التي وصفت جماعة الإخوان في بيان لهيئة كبار العلماء بأنها "جماعة منحرفة وضالة" وتعمل على شق الصف الواحد، محذرة من الانتماء إليها.
على مستوى سياسي أكبر، هاجم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جماعة الإخوان متحدثا عن تمتعهم بالخداع والكذب، قائلا في حوار له مع مجلة "أتلانتك" الأمريكية، ونشرته وكالة الأنباء السعودية مارس ٢٠٢٢،إن "جماعة الإخوان تلعب دورا كبيرا وضخما في خلق كل هذا التطرف، وبعضهم يُعد كجسر يؤدي بك إلى التطرف، وعندما تتحدث إليهم لا يبدون وكأنهم متطرفون، ولكنهم يأخذونك إلى التطرف، فعلى سبيل المثال: أسامة بن لادن والظواهري كانا من الإخوان المسلمين، وقائد تنظيم داعش كان من الإخوان المسلمين، ولذلك تعد جماعة الإخوان المسلمين وسيلة وعنصرا قويا في صنع التطرف على مدى العقود الماضية".
أما في تونس، فإن الشلل السياسي والجمود التي شهدته البلاد طويلا نظرا لسيطرة الجماعة على الحكومة التونسية وأيضا البرلمان جعل الرئيس قيس سعيد عاجزا عن إنجاز أي خطوة حقيقية على الأرض، ووسط مساندة شعبية واسعة أصدر الرئيس التونسي قرارات الـ٢٥ من جويلية/ يوليو التي عرفت بأنها موجة جديدة من موجات ٣٠ يونيو ضد الجماعة الإرهابية، وهو ما جاء بارزا وواضحا على لسان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي التابع لجماعة الإخوان الذي أعلنها في سياق التحريض ضد مصر، في تصريحات تليفزيونية، أنه أدرك قرب مغادرته لمنصب الرئيس بعدما نجحت الثلاثين من يونيو في عزل الرئيس الإخواني في مصر.
تأكيد إرهاب ودموية الجماعة
من جانبه، قال إسلام الكتاتني، الباحث فى شئون الجماعات الإرهابية، إن لثورة الثلاثين من يونيو ردود أفعال إيجابية متعلقة بتأكيد أن هذه الجماعة جماعة إرهابية ودموية لا تصلح للحكم وتتاجر بالدين وتهدد الهوية في كل بلد توجد بها، كما أن لها تأثيرا سلبيا على الجماعة ذاتها، ومن أهم التغيرات الدولية هي أن يتحول تصنيف الجماعة في عدد من الدول إلى منظمة إرهابية وأهمها الدول العربية مثل الإمارات والسعودية التي حذرت من الجماعة بصورة صريحة.
وأضاف "الكتاتني"، في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن بلد مثل تونس تشجعت في حقبة الرئيس قيس سعيد أن تأخذ قرارات ضد جماعة الإخوان لإنهاء سيطرتها على الحكومة والبرلمان، وهناك في المغرب شكلوا الحكومة مرتين لكنهم سقطوا سريعا، سقوطا مدويا، لأن المواطن اكتشف الحقائق وكيف أنهم في العمل السياسي هواة وليسوا رجال دولة ورأينا كيف خالفوا الثوابت التي صدعونا بها، فالكل فوجئ بأن الجماعة تعاطت مع إسرائيل بشكل عادي جدا، وهي مسألة يتم تصديرها على أنها عقيدة لديهم، لكنهم خالفوها بسهولة جدا، ما جعل وجههم مكشوفا أمام الجميع وأنهم فعلا يمارسون التجارة. امتد الأمر إلى أوروبا، ولاحظنا أن البلاد الأوروبية انتفضت ضد الجماعة ولفظتها،
وتابع رأينا ذلك في فرنسا وألمانيا والنمسا والسويد والدولة الصامدة إلى الآن ولم تأخذ قرارا ضد الجماعة هي بريطانيا الدول الحاضن والمنبت الرئيسي لهم، ومؤخرا لاحظنا حظرهم في باراجواي، أمريكا الجنوبية، وهو تضييق الخناق على الجماعة وما كان ليحدث لولا ثورة الثلاثين من يونيو.
وأشاد "الكتاتني" بدور الرئيس السيسي في جرس الإنذار الذي يدقه لبقية الدول عندما يلح على التحذير من خطورة الإرهاب، حيث يشدد الرئيس السيسي في كل زياراته الخارجية على مواجهة الإرهاب والتنبيه والتحذير من الجماعة الإرهابية حتى لو كانت زيارته لدول بعيدة عن احتدام مشكلة الإخوان، ما جعل بعض المراقبين يستغرب، لكن الرئيس يحمل هم التعريف والتنبيه بجرائم الجماعة ويحذر الدول من سمومها خاصة وأنه تنظيم عالمي موجود في أكثر من ٩٠ دولة بالعالم وهي المفرخ الرئيس لجماعات العنف فضلا عن ممارسة خلاياه النوعية للعنف.
الصدمات السياسية
أكد الكاتب والباحث أن التأثيرات الدولية لثورة ٣٠ يونيو قوية جدا ومهمة، لذا فالتنظيم في غاية الحنق على هذه الثورة، ويركز على يوم ٣ يوليو بدلا من ٣٠ يونيو للدور الذي قام به الجيش.
وردا على التقارير التي تشير إلى اعتياد الإخوان على الصدامات السياسية، لفت "الكتاتني" إلى أنه ليس من السهولة أن يظل الرئيس السيسي صامدا على موقفه من جماعة الإخوان، ولا يتعاطى معها سياسيا مثل مناورات السياسية المعروفة، لكنه يتعامل مع هذه المسألة بصرامة شديدة لأنهم ضد الدولة المصرية بصراحة، ومن المعروف أنه في ظل صرامته هذه تعرض لضغوط من أمريكا وتركيا وبريطانيا وقطر، أليست هذه كلها ضغوط، والآن شاهدنا تحولات في مواقف هذه الدول بينما موقفنا واضح وثابت، شاهدنا جميعا تباكي وجدي غنيم على الملأ باحثا عن جنسية بعدما رفضت تركيا منحه الجنسية.
واوضح أنه أمام صمود الرئيس ومعرفته بشرور التنظيم، فإن الأخير يأمل في صعود سلطة سياسية جديدة يستطيع من خلالها شم أنفاسه واستعادة قواعده، وهم الآن يحلمون بتكرار تجربة (ناصر- السادات) بحيث يأتي نظام جديد يعطيهم قبلة الحياة.
استراتيجية الجماعة حاليا
شرح الكتاتني أن الجماعة الإرهابية تحشد كل قواها حتى وهي في أضعف حالتها، وتعمل ضد الدولة المصرية من خلال ٨ أدوات مختلفة أولها أنها تمتلك مجموعة من القنوات المشغولة بخدمة فكرة الإخوان، ثانيها مجموعة من الشباب اليوتيوبرز وحاليا نلاحظ قناة أحدهم ويسمى علي حسين مهدي، وهو مثال ونموذج لشباب الاخوان الداعي للدعشنة والفوضى، إعادة إنتاج مشروع الفوضى الخلاقة مرة أخرى، حيث هناك إلحاح من شباب جماعة الإخوان الإرهابية على استعادة مشروع الفوضى مجددا ويمثلها جماعة الكماليين وتيار التغيير.
ثالث الأدوات مجموعة من المواقع والصفحات الإليكترونية التي تخدم الفكرة. رابعها اللجان الإليكترونية، مجموعات تابعة تنتظر الأوردر وتعمل من خارج مصر لذلك يسهل لهم عمل تريند أو هشتاج. وخامسها شركات العلاقات العامة التي تعمل على تلميع فكرة معينة أو قضية معينة تخدم الجماعة سادسها النشطاء السياسيين والمدنيين المتعاطفين مع الجماعة، وسابعها الحاضن الغربي مثل لندن. وثامنها مجموعة من المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومن رايتس ووتش.
واختتم الباحث والكاتب حديثه أن الجماعة تعقد آمالها على عدد من المحددات أولها مصير وموقف قيادات السجون، لأنها هي القيادات الأساسية والمهمة رغم كل الخلافات والانقسامات، فموقفها ومصيرها يحدد مستقبل الجماعة. ووضع الحاضن الدولي هل سيعد استخدام الإخوان في المنطقة مجددا. ووضع الشعب المصري والشعب حتى الآن يرفضهم رغم محاولات اللعب على النسيان والعاطفة. وأخيرا الوضع مع النظام الحالي الصارم، لذا يأملوا في مجيء نظام جديد يعطيهم قبلة الحياة يخفف الضغط عليهم لإعادة تنظيم صفوفهم مجددا.
وشدد على أن المعركة الحقيقية الآن مع الجماعة الإرهابية تتمثل في المعركة الفكرية والمواجهة الإعلامية.