فصل جديد من فصول الغرق والمعاناة يعيشها المهاجرين الأفارقة بعد غرق 3 قوارب قبالة سواحل تونس، ما أسفر عن مصرع 3 مهاجرين على الأقل حتفهم، فيما لا يزال 12 آخرون في عداد المفقودين، فيما نجحت قوات خفر السواحل في مدينة صفاقس في إنقاذ 152 شخصًا من جنسيات إفريقية مختلفة، ولا يزال البحث مستمر عن المفقودين، الأمر الذي يبرهن يوم تلو الأخر خطورة الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط.
وأكدت السلطات التونسية أن القوارب انطلقت من سواحل صفاقس ومدينة الزارزيس الساحلية، وكانت تستهدف الوصول إلى إيطاليا، التي تبعد نحو 300 كيلومتر عن تونس، في الوقت الذي تشهد فيه السواحل التونسية ارتفاعًا في عدد المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى أوروبا، بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها البلاد.
وأعلنت المفوضية الأوروبية هذا الشهر عزمها تعزيز شراكتها مع تونس من خلال برنامج يشمل مساعدات مالية وإجراءات لمكافحة ما وصفته بـ"الأعمال المشينة" للهجرة السرية، إلا أن هذه المبادرات لم تثنِ المهاجرين عن خوض رحلات الموت، التي تزداد خطورة بسبب استغلال المهربين وضعف الإمكانات الإغاثية والإشرافية.
حلم الثراء السريع والظروف الاقتصادية المحرك الرئيسي لرحلات الموت
وأكد خبراء علم النفس والاجتماع أن ارتفاع أعداد المهاجرين غير الشرعيين حلم الثراء السريع والظروف الاقتصادية المحرك الرئيسي لرحلات الهجرة المحفوفة بالمخاطر، حيث أكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الصورة الذهنية للثراء السريع والظروف الاقتصادية التي تعاني منها العديد من الدول الإفريقية هي الدافع الرئيسي لرحلات الهجرة غير الشرعية.
وأضافت "خضر" في تصريحاتها لـ"البوابة نيوز" أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية وعلى الرغم من نجاح جهود مر في الحد من الهجرة عبر سواحلها، إلا أننا ف أمس الحاجة إلى خطة توعوية شاملة حول الظاهرة ومخاطرها وأبرز التهديدات التي تواجه المقدمين عليها إلى جانب عرض جهود الدولة في توفير فرص العمل للشباب، وتحفيز الشباب على تطوير مهاراتهم لكسب وظيفة تليق بمؤهلاته وتحقق له المستوى الاجتماعي والاقتصادي المناسب.
وشددت خضر على أن "التعامل مع المشكلات والقضايا الكبرى مثل الهجرة والمشكلة السكانية وغيرها من القضايا تراجع بشكل كبير في الإعلام والتوعية والأعمال الفنية والسينمائية والمسلسلات، وهو ما يجب أن تعود هذه القنوات التوعوية لدورها البارز في علاج القضايا المهمة".
من جهته، قال الدكتور جمال محمد فرويز استشاري الطب النفسي، إن الظروف الاقتصادية هي الدافع الأول لإقدام الشباب المصري على مثل هذه السلوكيات الخطرة والوقوع في يد سماسرة الهجرة غير الشرعية، مشيرا على ان الظروف الاقتصادية تضرب العالم كله، وما لا يعرفه البسطاء أن الظروف الاقتصادية الآن في أوروبا أسوأ من مصر، وبدأ الأوروبيون في التفكير جديا للقدوم إلى مصر في ظل الغلاء الملحوظ في أوروبا خلال الشهور الأخيرة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة الطاقة والغذاء.
وأضاف "فرويز" في حديثه لـ"البوابة نيوز" أنه خلال الشهور القليلة الماضية هناك العديد من المهاجرين المصريين في أوروبا عادوا إلى مصر بعد سنوات طويلة من الهجرة نتيجة للظروف الاقتصادية أيضا، وذلك لأن الظروف الآن تغيرت وأصبح الوضع في الدول الأوروبية صعبا للغاية، وبالتالي فالظروف المعيشية هنا أفضل بكثير".