"سيدات متشحات بالسواد يرفعن أيدهُن ويضربن علي وجوههن ويحملن التراب فوق رؤوسهن ويتسابقن في التفنن لتأليف مواويل جديدة ليمدحون به المتوفي"، هكذا المشهد يصف نفسه أمام أحد المنازل التي بها حالات الوفاة، فتتوسطهم سيدة جالسة على الأرض ترفع أطراف شالها وتلوح به يمينًا ويسارًا، وتقول بصوت جهوري كلمات تجعل من حولها ينوحن ويصرخن بكلمة واحدة ياغووووووورتي.
فالسيدة التي تتوسطهم يطلق عليها لقب (معددة)، وفي اللغة العربية يطلق عليها (العدودة)، وهو لقب اقترن بوظيفة مقابل أجر مادي، في السنوات الأخيرة، وليس حديث الظهور، وطفحت من القاع إلى السطح مهنة "المعددة"، منذ مئات السنين، وتؤدي "المعددة" عملها بكل إخلاص وتفاني للدرجة التي يتوهم من يسمعها من غير أقارب المتوفي، أن الميت أحد ذويها، ويتلخص عمل المعددة، في رفع اليدين، والبكاء المتواصل، والضرب على الرأس مرة وعلى الوجه مرة أخرى، فضلًا عن لطم الخدود وقطع الملابس، وحمل التراب من الأرض ووضعه على الرأس.
ولكن في تلك الأيام أصبح العديد والعويل، بمثابة الجمعية، وباللغة العامية "النهارده عندي بكرة عندك"، فتجد عددًا من النساء اللاتي يقطن القرى والنجوع على مستوى محافظات الجمهورية، عندما تحدث حالة وفاة عند أحد أقاربها أو جيرانها، تذهب إلى غرفتها وترتدي "الشيتة السودة أو زي المواتم"، كما يطلق عليه، في أقل من دقيقة، والذي يتكون من طرحة سوداء وعباءة سوداء، وجزمة سوداء، لتنتقل من مسكنها إلى مقصدها بسرعة تتجاوز سرعة النار فالهشيم، قاصدةً وجه رب كريم، لتبدأ في إبراز مواهبها المدفونة بعيدًا عن أعين الصحف والقنوات الإعلامية.
ومن أجل ذلك حرصت "البوابة نيوز"، على ذكر عدد من النماذج التي تقال في حالات الوفاة:
صرخى يا بت واتحزمى بشاشه يوم عشرة فى الشهر هتروحى البريد وتاخدى معاشه.
موتك خسارة يا ورد فى جنينه كنت عمود بيت يا زهرة العيلة .
موتك خسارة يا زين العجبان هملتنا غنم وهبتبعزقوا الرمسان.
موتك خسارة يا جسر بين بلدين أحترت من بعدك وبكيت بدمع العين
قالولي مات قولت بالطول ولا العرض لبكي عليك يا سبع وبدموعي أبل الأرض
كنت واقفه قدام الباب والباب خد وشي افتكرت المرحوم لما كان يقول يابت خشي
دخل الطبيب لقيه ممطط قدامه قالي ياحزينه خلصت ايامه
طلع الطبيب وشد البطانية وقال صرخي عليه يا شقية
غسلت الغسيل والحبل شديته وصاحب الغسيل لا جاني ولا ريته
طلعت الجبل علي دمة القاهم لقيت الحصا والتراب غطاهم
إتنين علي النخلة واتنين علي التينة ما خلاص راح السبع ودبح قلبي بالسكينة
وطلعت فوق الجبل ولقيت شال مبروم ولما مسكته فكرني بريحه المرحوم
ما زقزق العصفور ومن بعده زقزق القمري ولقيتك يا اخوي علي السرير مرمي
قالوا شقية قولت من يومي قسموا النوايب طلع الكبير كومي
قالوا شقيه قولت من بدري قسموا النوايب طلع الكبير سعدي
طلعت فوق السطوح شال الهوي الطرحة من يوم ما مات السبع البيت ما دخلته الفرحة
يا منضرة ما احلي كراسيكي بعد الفرح نصبوا العزا فيكي
يا مدرسة عدي كراسيكي وشوفي كرسي مين اللي غايب فيكي
امانه يا قبر ما يكون فيك حصي ولا طوب جايلك راجل زين من ميلة الزمان معطوب
يا قبر خايل في لف العمامة أمانه عليك لتكون حنين عليه ليوم القيامة
دخل الدكتور ببدلتو الصفرا شد الملايه وقال يا حسرة
دخل الدكتور ببدلتو الصينى قال اللي قالوا وقطع مصرينى