يعكس تزايد أعداد المشردين فى الولايات المتحدة وجها آخر لأكبر اقتصاد فى العالم، حيث عجز الاقتصاد الأمريكى فى ظل الظروف الراهنة عن توفير مأوى لما يزيد على 582 ألف مشرد فى جميع أنحاء البلاد وفقا لتقرير وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية "HUD"، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان ونهاية إجراءات الحماية المؤقتة، وهو ما يجعل من هذه الأزمة قنبلة موقوتة مع تسارع وتيرة تفاقمها، إذ تهدد بارتفاع معدلات الجريمة وفرار السكان فى بعض المدن.
وفى هذا السياق نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، تقريرا أفادت فيه بارتفاع عدد الأشخاص المشردين فى الشوارع والملاجئ فى جميع أنحاء الولايات المتحدة بشكل حاد خلال هذا العام، بأكثر مما كانت عليه فى السنوات الماضية، مع انقضاء إجراءات الحماية خلال فترة كورونا وارتفاع تكاليف الإسكان.
واستعرضت الصحيفة بيانات من 150 هيئة تحصى الأشخاص بدون مأوى، فى مناطق تتراوح من مدن إلى ولايات بأكملها، حيث أبلغ فى أكثر من 100 موقع عن زيادات فى الأعداد أوائل عام 2023، مقارنة بعام 2022، كما سجلت مدن شيكاغو وميامى وبوسطن وفينيكس زيادات كبيرة فى أعداد المشردين.
ويقول المدافعون عن المشردين، إن هذه الزيادات تأتى بسبب ارتفاع تكاليف الإسكان ورفع إجراءات الحماية المؤقتة خلال فترة الوباء مثل وقف عمليات الإخلاء، كما تقول شانون إيسوم، الرئيسة التنفيذية لمجلس المأوى المجتمعى "Community Shelter Board": "لقد زاد التشرد وهناك المزيد من زعزعة الاستقرار".
وأبلغ المجلس، وهو منظمة تدعمها الحكومة، عن زيادة عدد المشردين بنسبة 22% فى منطقة كولومبوس بولاية أوهايو، كما وجد الإحصاء السنوى الذى أجرى فى 25 يناير 2023 أن هناك 2337 شخصا بلا مأوى.
وتجمع وزارة الإسكان والتنمية الحضرية الأمريكية البيانات عادة، لكنها تعتبر أولية وقابلة للتغير، حيث أفادت الوزارة بأنها ستصدر المزيد من النتائج الشاملة بتقرير مفصل أواخر العام 2023.
وقال المجلس الأمريكى المشترك بين الوكالات المعنى بالتشرد إن العديد من المجتمعات تشهد زيادات بعد انتهاء المساعدة فى الإيجار وبرامج مكافحة الأوبئة الأخرى، مشيرا إلى أن إدارة بايدن منحت 486 مليون دولار فى شكل قسائم ومنح جديدة، فضلا عن اتخاذها لخطوات أخرى منذ بداية هذا العام.
وتلقت الصحيفة أيضا بيانات حول 67 منطقة من أصل 100، بها أعلى عدد من المشردين العام الماضى، إلى جانب العديد من الأماكن الأخرى، حيث تظهر البيانات الأولية أن 48 من تلك المناطق قد أبلغ فيها عن زيادة خلال العام الجارى، مع ارتفاع بنسبة 9% عن أرقام الوزارة المنشورة لتلك الأماكن فى عام 2022 وبنسبة 13% فى عام 2020.
أما على الصعيد الوطنى، قدرت الوزارة وجود حوالى 582 ألفا و500 شخص يعانون من التشرد العام الماضى، بزيادة أقل من نقطة مئوية عن عام 2020.
وتعتمد الإحصاءات الأمريكية النهائية بشكل كبير على مدينة نيويورك ومقاطعة لوس أنجلوس، اللتين كان بهما أعلى عدد من المشردين العام الماضى، ولم يتم الإبلاغ فيهما بعد عن الأرقام الجديدة.
ويعد ارتفاع تكاليف الإسكان والعرض المحدود للشقق ذات الأسعار المعقولة من العوامل الرئيسية التى تساهم فى التشرد فى جميع أنحاء البلاد، وفقا للصحيفة، كما يعتبر وصول المهاجرين عاملا فى زيادة عدد المشردين ببعض الأماكن.
ووفقا للإحصاءات التى اطلعت عليها الصحيفة، سجل أكبر ارتفاع بمقاطعة سان دييغو، التى تضم 10264 شخصا بلا مأوى بزيادة قدرها 22% عن العام 2022.
وقالت شيكاغو إن ما يقارب 2200 طالب لجوء فى الملاجئ، أدرجوا ضمن عدد المشردين الذى ارتفع بنسبة 58% عن عدد العام الماضى الذى سبق تدفق المهاجرين.
وأوضحت الصحيفة أن كاليفورنيا المعروفة بأسواق الإسكان باهظة الثمن، أنفقت 17 مليار دولار فى السنوات الأربع الماضية على مشكلة المشردين التى استمرت فى التدهور خلال العام الماضى، وغالبا ما تسجل مشكلات الصحة العقلية واستهلاك الأفيون، خاصة أن أزمة الفنتانيل ألحقت خسائر فادحة بالمشردين.
وعلى صعيد آخر، أفادت تقرير صحفية أخرى فى أمريكا بأن معدلات التشرد المرتفعة أدت إلى زيادة الجريمة فى المدن الكبرى فى جميع أنحاء الولايات المتحدة، وأن المدن الكبرى تشهد فرار السكان إلى المراعى، إضافة إلى انهيار مدينة كبرى مثل نيويورك تحت موجة من المهاجرين الذين تم نقلهم بالحافلات إلى المدينة من الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.