السبت 02 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

تامر أفندي يواصل حلقات السلطنة "25" ثومة وأبو فاشا و"حانة الأقدار"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ سنوات كنت أهوجا حينما يستفزني أحدا أصفعه بالحرف، وفجأة توقفت عن ذلك نهائيا وقررت أن أصنع من ذلك الحرف طعاما الفقير.. وسعادة للحزين.. وأملا لليائس.. وباقة ورد للحبيب.. وسبيلا وظلا للعابرين.
والآن وحينما تغالبني نفسي في موقف من  المواقف أقول لها أنا لا أريد أن أصفع أحدا بالحرف، فتتفاوض معي وتقول: إذا أظهر له أنك قادر وأمسح به السطور، فأقول لها حتى هذه لن أفعلها.. هذا ليس إلا تماهيا وتباهيا فقد وجدت سعادتي في فك الحرف وتركيبه بما يضبط مزاجي.. لا يهمني رأي أصحاب "الورش" و"التوكيلات" ولا سماسرة السوق فمن الأساس تلك البضاعة هدايا توزع مجانا على الجميع سواء محبين كانوا أو غير محبين.. الاهم لدي إرضاء مانح الهبة حتى لا تنقطع.. ثمة لحظة في حياتنا تجعلنا نغير مجرى نهر العمر إلى حيث الخصب والنماء بدلا من تبديده في صحراء العمر.
أيقونة حلقة السلطنة اليوم هي رابعة العدوية، التي أخذنا منها اللحظة الأفارقة، واخذنا من طاهر ابو فاشا التماهي.. ومن ثومة التباهي.. فكلنا في "حانة الأقدار.

سل الطير إن شئت عن شدوه
ففي شدوه لمسات الهوى
وبرح الحنين وشرح الجوى
أيكة الأطيار في أغانيها لشاديها
على الأغصان ثورة الراح
عرفت الهوى مذ عرفت هواك

عن علاقة أم كلثوم بأبوفاشا يقول الناقد الفني حنفي المحلاوي في كتابه شعراء أم كلثوم:" تغنت سيدة القصيدة العربية بكلمات ست قصائد لطاهر أبو فاشا في فترة بلغت عام واحد فقط وهو عام 1955 ثم عاودت التعاون مع كلمات قصائده مرة أخرى في عام 1959.

وسجل أبو فاشا في أكثر من لقاء صحفي ان علاقته مع أم كلثوم بدأت من خلال قصائد" أوبريت رابعة العدوية" والتي لحنها لها كل من رياض السنباطي ومحمد الموجي.

ولما طواني الدجى والجوى
لقيت الهوى وعرفت الهوى
ففي حانة الليل خماره
وتلك النجيمات سماره
وهمس النسائم أسراره
وتحت خيام الدجى ناره
وفي كل شيء يلوح الهوى
ولكن لمن ذاق طعم الهوى

تناول كتاب كثر قصيدة حانة الأقدار ونأخذ منهم على سبيل المثال ما كتبه الشاعر "أحمد عبد المعطي حجازي" تحت عنوان “صوفية أبو فاشا في "حانة الأقدار

ويقول حجازي: " إن حانة الأقدار هي أبدع ما قيل في الموشح الصوفي، الذي اعتلى به أبو فاشا الأمكنة وأزمنة عالية استطاع أن يخرج بالعشق الإلهي لمراتب ومصاف نخبته، حيث يحول شعر الحب والخمر إلى شعر صوفي، فالخمر هي الخمرة الإلهية، وشعر الحب الذي تحول الشعر العشق الإلهي وحانة الأقدار رمز من رموز العشق الإلهي تفسر هذا التفسير الصوفي. وهو كما رأيناه لدى ابن الفارض والحلاج وابن عربي والسهروردى، حيث تزاوج الإنسانية بالأشواق الإلهية مما أعطى التناول بعدًا عميقًا، أحد بواعثه استرواح الروح المصرية الصميمة. ولننظر لهذه الأبيات الصوفية العرفانية.. وأبو فاشا الزاخر بكل ما هو إنساني ليتحدث للهواء لليل للسماء لكل ما حوله حتى إنه حاور الطير في حالة عشق غير منطقية لا حساب لها سوى الانغماس في مشاعر الهوى الخلاقة.. وهكذا يكون أبو فاشا أحد الهائمين في فضاء العشق الإلهي، حيث يضخ عشقه بقوة في "رابعة العدوية" مما يؤكد عزفه على أوتار الصوفية التي كانت تروق له وتجد صدى في فؤاده.

والحقيقة أن الحديث طاهر ابو فاشا راهب الليل يحتاج الكثير والكثير  فقد كام شاعر مقتدر صناع، يعرف أصول فنه لغة طيّعة، لا عنت فيها ولا مشقة، ولا غرابة ولا حوشية، تنساب في سلاسة الماء، وتتسلل إلى النفس من منافذها العقلية والحسّية والوجدانية.

الجدير بالذكر أن أبو فاشا.. كتب قصائد فيلم “رابعة العدوية”، والتي كانت في الأصل مسلسلا أذيع في نهاية الخمسينيات القرن الماضي، وظهر في أربع مشاهد تقريبا آواخر الفيلم ليضاف ذلك إلى رصيده الإبداعي كممثل سينمائي!

في مقال للكاتب الصحفي محمود سلطان فبراير الماضي بموقع "أصوات أون لاين قال عن حانة الأقدار:" القصيدة".. كتبها أبو فاشا على بحرين: الأول بحر “الرمل” وهو شديد الوقار والصعوبة والثاني كتبه أبو فاشا.. على أجمل إيقاعات الشعر العربي أي على بحر “المتقارب”:
واختتم مقاله: " يبقى أن أشير هنا إلى أن حانة الأقدار.. “فنتازيا” روحية كتبها  طاهر أبو فاشا في “حب رابعة”.. “عازفة الناي” التي حُفرت ملامحُها في وعيه إلى الأبد.. حتى أني سمعته بنفسي.. وهو يقول “لو رأيتها يوم القيامة.. سأعرفها من بين مليارات البشر”.

وتبقى رابعة في ذكراة أجيال كثيرة هي تلك التكوينة التي عرفناها بها كلمات ووجه وألحان وصوت..ومعها عرفنا الهوى.. عرفت الهوى.. وعرفه أبو فاشا


عرفت الهوى منذ عرفت هواكا
وأغلقت قلبي عمن عداكا
وقمت أناجيك يا من ترى
القلوب ولسنا نراكا
أحبك حبين.. حب الهوى
فشغلي بذكرك عمن سواكا