فيما يخص إعادة زواج المطلقين لقداسة البابا بندكتوس السادس عشر تستعرض البوابة نيوز في هذا التقرير رأى بندكتوس فيقول إن الحرم الكنسيّ، الذي يطال المطلّقين الذين يعيشون في زواج مدنيّ جديد، لا يفهمه اليوم إلّا بعض الكاثوليكيّين المخلصين: إنّه حرم غير عادل ومُذلّ، وهو بعيد على أن يكون مسيحيًّا.
أنت قلت سنة 1972: إن الزواج هو سرّ مقدّس... لكنّه لا يمنع أن تتسع جماعة القربان في الكنيسة، لتشمل أفرادًا يعترفون بتعاليمها، أيّ مبادئ حياتها، لكنّهم يعيشون حالة مُلّحة من نوعٍ مختلف، حيث هم بحاجة إلى الاتّحاد الكامل بجسد المسيح.
عليّ أن أُحدّد أولاً ومن الناحية القانونيّة البحت، أن هؤلاء المتزوجين لا يطالهم حرم كنسيّ، بالمعنى الضيّق للكلمة، الحرم هو مجموعة من الجزيات الكنسيّة، هو تقييد للعضويّة في الكنيسة.
هذا العقاب الكنسيّ لا يهدّدهم؛ حتى لو أن الجوهر الذي يظهر فورًا للنظر، في حالة عدم تمكّنهم من المشاركة في المناولة، يطالهم.
لكن، وكما سبق القول، هم ليسوا محرومين بالمعنى القانونيّ. إنّهم بالأحرى أعضاء في الكنيسة، لا يمكنهم المشاركة في المناولة، بسبب ظرف حياتيّ معيّن. إنّه حمل ثقيل بلا شكّ، وبالتحديد في عالمنا اليوم، تزداد نسبة الزيجات المحطّمة باستمرار.
إني أعتقد بأنّ هذا الثقل يسهل حمله، عندما يتوضح للفرد أن هناك أشخاصًا آخرين، لا يحقّ لهم أيضاَ المناولة.
إن هذه المشكلة أخذت منحًى دراماتيكيًّا؛ لأن المناولة هي في الوقت نفسه تقليد اجتماعيّ، وعندها، في الواقع، يوسم الفرد بعدم المشاركة فيها.
لكنّ الأمر سوف يبدو في شكل مختلف تمامًا عندما يتمكن العديد من الأشخاص من أن يعترفوا لأنفسهم، بأنّ أخطاءهم كثرت، وأنهم، وهم على هذه الحالة، لا يمكنهم التقدّم إلى المناولة، وعندئذٍ، وكما يقول القدّيس بولس، بهذه الطريقة، يصار إلى إعادة تمييز جسد المسيح.
إن هذا هو الشرط الأوّل. والثاني، هو أن عليهم أن يشعروا بأن الكنيسة تقبل بهم وبأنها تعاني معهم.
وكأنّ كلامك مجرّد أمنية متظاهرة بالتديّن.
بالطبع، وهذا يجب أيضًا أن يتوضّح في حياة الرعيّة. كما يصحّ العكس، فنحن بتقبّلنا لهذا الحرمان، نعمل للكنيسة وللإنسانيّة بشكلٍ أو بآخر، لأنّنا نشهد لأحاديّة الزواج.
كما أعتقد، هناك أيضًا ما هو مهم جدًا وأساسي هنا: وهو الاكتشاف، أنه بإمكان الألم والحرمان أن يكونا إيجابيّين، وأنّه علينا خلق علاقة جديدة بهما. وأخيرًا، يتوضّح لنا من جديد أنه بإمكاننا المشاركة بالإفخارستيا بشكل عميق ومعطاء، دون المشاركة في المناولة كل مرّة. إذًا يبقى الوضع صعبًا لكنني أعتقد بأنه سوف يكون من الأسهل التحمّل، عندما تعود العناصر المختلفة والمترابطة فيما بينها، إلى استقرارها بشكل أفضل.
لكنّ الكاهن يقول، وبشكل دائم: "مبارك الذين يُدعون إلى مائدة الرب". وهو ما يجعل الباقين يشعرون بأنهم بعيدون عن البركة.
للأسف تبدو الأمور مبهمة هنا وذلك بسبب الترجمة إن هذه الجملة لا تستند إلى الإفخارستيا، بل إنّها تعود إلى الرؤيا، وتشير إلى الدعوة إلى مائدة العرس الأخير التي تجد في الإفخارستيا تصويرًا لها. من لا يستطيع المشاركة وقتيًا في المناولة، يجب أن لا يشعر بأنّه مُبعد عن مائدة العرس الأبدية. بمعنًى آخر، إنّ هذه الجملة هي دعوة دائمة إلى فحص للضمير بشكل مستمر حتى اللحظة التي أعتقد فيها بأنني حاضر للمائدة الأبدية، وعندها، بإمكاني المشاركة بشكل قابل للاستمرار من خلال هذا النداء، يُنبّه من لا يمكنه المشاركة في المناولة الآن، كما يُنبّه الآخرون أن عليهم التفكير خلال الطريق بأنهم ذات يوم سوف يُدعون إلى المائدة الأبدية. ومن الممكن أن من تعذّب أكثر من غيره، سوف يُقبل أكثر.
هل سيُطرح من جديد هذا السؤال للنقاش، أو إن القرار الأخير قد اتُّخذ بشكل نهائيّ؟
إنّ هذا السؤال قُرّر بشكل مبدئيّ، لكن من الطبيعيّ أن يبقى هناك أسئلة فرديّة وواقعيّة. مثلاً، ربّما قد نكشف شرعًا، في المستقبل، أنّ الزواج الأوّل كان باطلاً. وهكذا ما يمكن أن تبرهنه لاحقًا الرعية المحليّة، إذا كانت خبرة وتمرّس. ويبدو هذا التطوير القانونيّ، الذي ينزع التعقيد عن هذه المسألة، مقبولاً. لكن يبقى المبدأ الذي يقول إن الزواج غير قابل للحلّ، وإنّ من يترك زواجه هذا السرّ، ليدخل في زواجٍ ثانٍ، لا يمكنه المشاركة في المناولة؛ وهذه القاعدة تبقى نهائية.
إن الأمور تدور دائمًا حول هذه النقطة: ما يجب على الكنيسة أن تصون من إرثها وماذا يجب عليها أن تهمل؟ وكيف يتم الفصل في هذا السؤال؟ وهل هناك لائحة مع عمودين؟ حيث من اليمين: ما هو ساري المفعول دائمًا ومن اليسار ماذا نستطيع أن نُجدّد؟
لا، إن الأمور ليست بهذه السهولة. لكن في الإرث أوزانًا مختلفة الأهميّة. في السابق، كان يُصار إلى التكلّم عن درجات اليقين، ما لم يكن بعيدًا عن الصحّة. يقول العديدون إن علينا العودة إلى هذا المفهوم. لكنّ تراتبيّة الحقائق يدل على الاتجاه عينه: أن لا تتمتّع كل الموروثات بالأهميّة نفسها، وأن هناك أمورًا جوهرية، كمقرّرات المجامع الكبيرة، وكل ما جاء في فعل الإيمان هو الذي يرسم الطريق ويشكّل جزءًا من حياة الكنيسة، ومن هويتها الخاصة ثم هناك التشعّبات التابعة لها، التي هي بالطبع جزء من الشجرة كلّها، حيث تختلف درجة الأهمية. إن لهويّة الكنيسة علامات معرفة واضحة، إذًا هي ليس متحجّرة، إنّما هي ذات هويّة حيّة تبقى مخلصة لذاتها في تطورها.