قال محمد سالم عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن سلامة المالية العامة تقوم على فكرة «الاقتدار المالي»، وهذا يعني أن السياسة المالية تصبح غير قابلة للاستمرار في حالة تراكم الدين العام بشكل يفوق قدرة الحكومة على خدمة هذا الدين على المدى المتوسط والطويل، وبالتالي لو نرى أن الوضع خطر يجب أن يحدث تغيير في السياسة المالية الحالية.
جاء ذلك خلال كلمته في جلسة لجنة الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي، بالمحور الاقتصادي في الحوار الوطني، لمناقشة قضية «إصلاح إدارة المالية العامة (شمولية الموازنة - ترشيد الإنفاق - تعزيز الإيرادات)».
وأضاف: "إننا وصلنا حاليًا إلى أن مصروفات الفوائد وأقساط القروض أصبحت تمثل ضغط شديد على إيرادات الدولة الضريبية، وهذا مؤشر مقلق جدًا، وبالتالي الحديث عن إن نسبة الدين العام التي تخطت ٩١٪ من الناتج المحلي هي في الحدود الآمنة، أو الاعتماد على أن إطالة أمد الدين هي مؤشرات لا تبعث على الاطمئنان الكامل.
وأوضح أنه إذا استمر سعر الفائدة على الدين العام يتجاوز معدل النمو الاقتصادي، فالدين العام سوف يميل للنمو بشكل أسرع من إجمالي الناتج المحلي، وبالتالي استهداف سقف محدد لنسبة الدين يتطلب سياسة اقتصادية تحقق نمو اقتصادي أعلى من سعر الفائدة، وتحافظ على مستوى محدد من العجز، مضيفًا أن الإنفاق العام من أهم أهدافه هو التأثير في حجم الدخل القومي وكيفية توزيعه بين الطبقات، وتحقيق التوازن من خلال إدارة الطلب الكلي.
وقال إنه بالتالي فإن جزء من فعالية الإنفاق العام مرتبط بتحسين الخدمات في التعليم والصحة وفي الدعم الاجتماعي لتحقيق عدالة الفرص، وذلك للأسف يتأثر بشدة بنسبة خدمة الدين التي وصلت لـ ٥٦٪ من إجمالي الاستخدامات مقابل ٤٤٪ لباقي الاستخدامات، من استثمار ودعم وأجور وتعليم وصحة.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسي للتوسع في الاقتراض الخارجي كان لتأهيل الاقتصاد الوطني لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لكن معدلات نمو الدَّين الخارجي كانت أكبر بكثير من نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة منذ 2016، مضيفًا أن ٨٠٪ منها تتركز في قطاع البترول والخدمات والتشييد، على حساب الصناعة، وبالتالي النمو الذي يحدث بالاستدانة دون ما ينتج استثمارات جيدة ووظائف جيدة واستيعاب أكبر للاحتياجات المعيشية، هو نمو قاصر لا يمتد لأبعاد التنمية الأخرى.
وأشار عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إلى أننا نحتاج إصلاح حقيقي وجاد للمالية العامة من خلال تعزيز الإيرادات، يجب أن يحدث إصلاح النظام الضريبي حتى تصل نسبة الضرائب للناتج المحلي (tax to GDP ratio) ترتفع من ١٢ و ١٣ ٪، إلى المتوسطات العالمية ٢٠٪ أو حتى متوسط الدول الأفريقية والنامية ١٥٪.
وأوضح أن الإصلاح يجب أن يشتمل على نمو في الضرائب المباشرة على الدخل والثروة والأرباح والممتلكات على حساب الضرائب غير المباشرة التي تشمل ضرائب الاستهلاك والقيمة المضافة التي تجاوزت ٤٦٪ من إجمالي الضرائب، والتي لا تفرق في الاستهداف بين أصحاب الدخل المتفاوت.
وأوصى سالم، بضرورة إعادة النظر في التسعير الضريبي بما يراعي مفهوم التوزيع التصاعدي للأعباء، وذلك عبر استحداث شرائح جديدة، ورفع حد الإعفاء الضريبي إلى الحد الأدنى للأجور، وإنشاء "هيئة الموارد السيادية"، كمظلة تجمع بين مصلحة الجمارك، ومصلحة الضرائب والضرائب العقارية، من أجل مشاركة البيانات والمعلومات بين الجهات المختلفة لتكوين قاعدة بيانات موحدة، وتخفيف العبء الإداري وتوزيعه بشكل أفضل، وتحسين أحوال موظفي الضرائب، مع ضمان آلية فعالة للتواصل مع المواطنين.
وأكد ضرورة التزام الحكومة وكافة الجهات الموازنية بالتحول نحو موازنة البرامج والأداء، بداية من العام المالي ٢٠٢٤/٢٠٢٥م.
وأشار إلى ضرورة وضع قانون إدارة الدين العام، بحيث تلزم الحكومة بخفض نسبة الدين العام للناتج المحلي إلى حدود الـ ٧٠٪ في المدى المتوسط، وتضع سقف محدد للاستدانة على غرار العديد من الدول، وضرورة ضبط الإنفاق الاستثماري بأكثر من ٥٠٪ لمدة ٣ سنوات، وقصره على المشروعات التي بدأت بالفعل بحيز تنفيذ يتخطى ٢٥٪, وإطالة أمد المشروعات التي لها مكون دولاري.
وأكد أهمية التوقف عن دعم الإسكان الاجتماعي لمدة ٥ سنوات، نظرًا لوجود أكثر من ١١٦ ألف وحدة سكنية لم يتم تخصيصها، مع ضرورة إعادة هيكلة برنامج دعم الإسكان ليدعم الفئات محدودة الدخل وليس أصحاب الدخل المتوسط، كذلك على جانب شمولية الموازنة التي تعتبر من أهم قواعد إعداد الموازنة العامة للدولة بحسب القانون، بمعنى أن الموازنة تشمل جميع تقديرات الموارد والاستخدامات بأكملها، بالإضافة لوحدة البيان المالي يعني وعاء واحد تتجمع فيه الإيرادات وتخرج منه المصروفات، بالتالي لابد من التوقف عن إخراج الهيئات واحدة تلو الأخرى من الموازنة العامة لأنه يؤثر على دقة الصورة العامة للوضع المالي، ويحرم الموازنة العامة من هيئات تحقق فوائض وأرباح المفترض أن تذهب للخزانة العامة والتي أوجه إنفاقها أسهل في الرقابة والتتبع من أنشطة الهيئات الاقتصادية التي تبحث عن تعظيم الإيرادات والأرباح، وهذا يخل بأهداف المالية العامة في تحسين الأوضاع الاجتماعية.
وأوضح ضرورة وضع استراتيجية معلنة للمالية العامة يتم إقرارها من البرلمان مع برنامج الحكومة، تشمل مؤشرات ومستهدفات كمية لكل من حجم وسقف الدين العام الداخلي والخارجي، والحصيلة الضريبية، وتوسعة القاعدة الضريبية، والناتج المحلي الإجمالي، مع كيفية تحقيق تلك المستهدفات، وضمان استيعابها للصدمات العالمية، لكن لابد أن نسعى بأنفسنا لإصلاح المسار الاقتصادي أفضل.