على بعد خطوات من المسجد النبوي بالمدينة المنورة تقع مقبرة البقيع التي دفن بها العديد من آل بيت الرسول الكريم والصحابة.
والبقيع هي المقبرة الرئيسية لأهل المدينة المنورة منذ عهد الرسول الكريم ومن أقرب الأماكن التاريخية إلى المسجد النبوي حاليًا، وتقع في مواجهة القسم الجنوبي الشرقي من سور المسجد، وقد ضمت إليه أراض مجاورة وبني حوله سور جديد مرتفع مكسو بالرخام ولا تزال المقبرة قيد الاستخدام حتى الآن، وتعود تسمية البقيع إلى بقيع الغرقد المنسوب إلى شجر الغرقد، وتبلغ مساحة المقبرة الحالية 180 ألف متر مربع.
يضم بقيع الغرقد رفات الآلاف المؤلفة من أهل المدينة ومن توفي فيها من الزائرين أو من نقلت جثامينهم على مدى العصور الماضية، وفي مقدمتهم الصحابة الكرام.
وكان بقيع الغرقد خارج المدينة المنورة تحيط به المزارع من جهات الشمال والجنوب والشرق، فيما كان يفصله عن المسجد النبوي مساكن ودور الأغوات، وكان البقيع عبارة عن فضاء لا يتجاوز 80 مترًا طولًا ومثله عرضًا، وفي شماله الغربي يقع بقيع العمات حيث يوجد قبرا عمتي الرسول صلى الله عليه وسلم.
ودفن في البقيع نحو 10 آلاف صحابي منهم عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين زوجات الرسول الكريم باستثناء خديجة وميمونة، وابنته فاطمة الزهراء، وابنه إبراهيم، وعمه العباس، وعمته صفية، وزوجته عائشة بنت أبي بكر الصديق، وحفيده الحسن بن علي، وكذلك علي بن الحسين.
وفي عام 1344 هـ قامت الحكومة السعودية بهدم القباب التي كانت مبنية في البقيع على قبور بعض الصحابة.
وفي عام 2010 توفي شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي عقب أدائه مناسك الحج ودفن بالبقيع.
وتفتح أبواب مقبرة البقيع للزائرين مرتين يوميا بعد صلاتي الفجر والمغرب حيث يدخل الزوار لقراءة الفاتحة والدعاء لكل من دفن بالبقيع.
ويزور هذه المقبرة سنويًا كل الحجاج والمعتمرين تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يزورها ليلًا ونهارًا ويدعو ويستغفر لأهله.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن أول من دفن في البقيع هو الصحابي الجليل عثمان بن مظعون، حيث شارك الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه في دفنه، ثم دفن إلى جانبه إبراهيم بن الرسول الكريم، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم كثير التردد إلى البقيع والدعاء لأهلها.
ووردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة عن فضل من يدفن في البقيع ويقال إن أهل هذه المقبرة هم أول من يحشر من مقابر الأرض بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، كما يبعث الله من أهل بقيع الغرقد 70 ألفًا وجوههم كالقمر ليلة البدر يدخلون الجنة بلا حساب.